تجديد الخطاب الإعلامي

الكلمة في الإعلام

إن وسائل الإعلام المرئية والمسموعة أصبحت جزءًا لا يتجزأ من حياة الناس لا سيما الشباب، منها وسائل التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك وتويتر وغيرهما.

وتلك الوسائل غزت البيوت وأمكنة وجود الناس، وتؤثر في الشباب والشيوخ والنساء والأطفال، وأصبح لا غنى عنها في كثير من البيوت، بل أصبح العالم كله قرية صغيرة يعرف أهلها بعضهم بعضًا، ويتواصلون فيما بينهم، وأكاد أجزم أنه لا يوجد فرد لا يتأثر بالإعلام تأثرًا مباشرًا أو غير مباشر؛ لأنه يمكن به توصيل فكرة معينة في المجتمع أو تغييرها أو معالجة قضية مجتمعية أو ترسيخ مفهوم وثقافة جديدة.

اقرأ أيضًا: وسائل الإعلام وأهميتها في المجتمع

خطورة سلاح الإعلام

فالإعلام سلاح شديد الخطر يمكن أن يبني أو يهدم، والإعلامي الذي صرح عبر قناة فضائية بأنهم -يقصد الإعلاميين- يستطيعون قلب الحق باطلًا، وقلب الباطل حقًا، هذه حقيقة، فإذا التزم الإعلامي بالمهنية والمصداقية بنى وصار جنديًا في ركب التطور والتنمية المجتمعية، وإذا تحدث بلسان ولي نعمته وحكم الهوى والمال والسلطة، صار معول هدم وسار في ركب الهدم واتساع الهوة والفجوة بين أفراد المجتمع.

ومن المؤسف أن بعض وسائل الإعلام العربي تفتقد القدرة على مواجهة الإعلام الغربي غير الديني؛ لذلك نجد أن معظم وسائل الإعلام العربية من قنوات فضائية وأرضية وصحف ومجلات وإذاعات يغلب على صفحاتها وشاشاتها الانحدار والهبوط سواء في المحتوى الإعلامي أم وسائله.

وللأسف أصبح هدفهم مخاطبة الغرائز والشهوات لا العقول والأفكار-إلا ما رحم ربك-، ما أدى إلى التأثير السلبي في ثقافة الأجيال المعاصرة، ونفور معظم الناس، لا سيما جيل الشباب عن الإقبال على الإعلام العربي والتوجه إلى الإعلام الغربي والتأثر به؛ لذا أصبح من الضروري جدًّا احترام عقل المخاطب وثقافته، وعمل ميثاق شرف إعلامي يحترم الثوابت وينبذ خطاب الكراهية ويرسخ القيم، ويكون من أهدافه تشجيع الفضيلة وإماتة الباطل بالسكوت عنه، لا تعظيمه والنفخ في النار.

الإعلام مسؤولية عظيمة وشديدة الخطر، بل الكلمة التي يكتبها أو ينطق بها أي إنسان يمتلك آلة إعلامية أو منصة مرئية أو مسموعة يحاسب عليها يوم القيامة.

وليس الإعلام مجرد ناقل للخبر والحدث، بل دوره أعظم من ذلك بكثير، فمن الواجب أن تكون مهمة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أولى أولوياته، إلى جانب احترام حرية التعبير عن الرأي والحريات العامة، والمحافظة على ثوابت المجتمع إلى جانب خصوصية الأفراد وضمان حقوقهم.

ولعظم دور الإعلام في تثقيف المجتمع على الصعيد الديني والسياسي والأخلاقي والاقتصادي، ولأن الشباب العربي اليوم يستطيع بضغطة زر أن يكتشف الحقائق، وأن يستخرج المعلومة من الشبكة العنكبوتية، كان لزامًا  أن يؤدي الإعلام دوره الوطني والديني والمجتمعي في تثقيف الشباب وتنمية قدراتهم العلمية والثقافية.

إضافة إلى نشر ثقافة الدين، وبناء الوعي الحقيقي وتعميق الانتماء للدين والقيم والأخلاق والوطن ومحاربة الفساد والانحراف والأفكار المغلوطة والانحطاط، وتنمية الثقة بالنفس، والاعتزاز بالهوية والمحافظة على القيم والمبادئ، فهذه هي رسالة الأعلام.

اقرأ أيضًا: الإعلام الرياضي وتعصب الجماهير وتأثيرهم في كرة القدم

تساؤلات مشروعة

- ما المانع أن ينتج مالكو الوسائل الإعلامية في وطننا العربي أعمالًا دراميةً وأفلامًا ومسلسلات ذات رسالة وهدف وقيمة؟

- ما المانع من مخاطبة العقل والفكر في وسائل الإعلام؟

- ما المانع من تشجيع العلم وأصحاب الرسالات والأفكار البناءة بدلًا من تلميع التافهين والتافهات وجعلهم قدوة؟

- ماذا يضيرنا لو قرأنا تاريخنا بإنصاف وسلطنا الضوء على النماذج المضيئة فيه؟

- ماذا لو أبرزنا القدوة الصالحة أمام شبابنا وفتياتنا؟

اقرأ أيضًا: أخلاقيات الإعلام ورهانات الواقع المعاش

رسالة الإعلام

إن رسالة الإعلام أسمى من أن تحصر في تصوير الواقع، أو نقل خبر، وإلا كان مسهما بدرجة كبيرة في ذيوع الظلم وانتشار الفاحشة وشيوعها؛ لكون المجتمع لا يخلو من ظلم وفواحش، وهذا يدحض بقوة زعم الزاعمين وادعاء المدعين بأنهم يصورون الواقع بأفلامهم ومسلسلاتهم الهدامة.

فما ينفق على تصوير الواقع لو أنفق نصفه أو ربعه على معالجة الواقع وتصحيحه مساره لتغير الحال؛ لأن رسالة الإعلام أرقى وأطهر، فالإعلام يحارب الفاحشة ويحذر من الظلم ويأمر بالمعروف بمعروف، وينهى عن المنكر بغير منكر، ويقاوم الاستبداد ويحارب الجهل، باختصار هو ميزان المجتمع ومرآته وبوصلته.

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مقالات ذات صلة