تعد جائزة الكرة الذهبية أرقى الجوائز الفردية في عالم كرة القدم، إذ يحلم كل لاعب بالتتويج بها منذ انطلاقها عام 1956 على يد مجلة فرانس فوتبول، شهدت سيطرة أوروبية مطلقة قبل أن تفتح أبوابها أمام جميع اللاعبين، مع استثناءات بسيطة كانت شاهدة على أرقام استثنائية حققها الأرجنتيني ليونيل ميسي والبرتغالي كريستيانو رونالدو، فكيف بدأت الكرة الذهبية؟ وكيف يتم اختيار الفائز؟ ومن هم أبرز النجوم الذين نقشوا أسماءهم في تاريخ الجائزة؟ وما أكثر الأندية التي حصل لاعبوها على الكرة الذهبية؟
أسئلة تجد إجابة عنها في هذا المقال الذي يتحدث عن جائزة الكرة الذهبية، وكثير من الحقائق المدهشة عن الجائزة الأشهر في عالم الساحرة المستديرة في السطور التالية:
نشأة جائزة الكرة الذهبية وتطورها
في البداية لا بد أن نعرف أن جائزة الكرة الذهبية مرتبطة بمجلة فرانس فوتبول الفرنسية صاحبة فكرة الجائزة التي بدأت بتقديمها إلى أفضل لاعب كرة في العالم من وجهة نظر المجلة من عام 1956، واكتسبت بعد ذلك أهميتها مع السنوات المتتالية، وأصبحت محل أنظار العالم من لاعبين ومدربين ونقاد رياضيين وجمهور كرة القدم في العالم.
كانت مجلة فرانس فوتبول تختار اللاعب الأفضل في العالم، ثم تغير نظام الاختيار بعد ذلك ليختاره الصحفيون المختصون بكرة القدم، ففي عام 2010 توصلت مجلة فرانس فوتبول إلى اتفاق مع الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) على دمج جائزة الكرة الذهبية الخاصة بالمجلة مع جائزة أفضل لاعب في الموسم، ليقدمها اتحاد كرة القدم العالمي في جائزة واحدة، واتفق على تسميتها (كرة الفيفا الذهبية)، وبالفعل استمرت الجائزة من عام 2010 حتى عام 2016، وكان نظام الجائزة يعتمد على ترشيح لجنة من الفيفا عددًا من اللاعبين للحصول على الجائزة؛ ليصوت على الفائز مدربو المنتخبات الوطنية في العالم، لكن الجائزة توقفت بعد عام 2016 نظرًا لحدوث خلاف في العقد بين مجلة فرانس فوتبول والاتحاد الدولي لكرة القدم.
محطات تاريخية في جائزة الكرة الذهبية
عند بداية العمل بجائزة الكرة الذهبية عام 1956 كانت الجائزة تقتصر على اللاعبين الأوروبيين فقط، لكن عُدلت القوانين المنظمة للجائزة لتشمل اللاعبين الذين ينشطون في أندية أوروبية، وهو ما أدى إلى حصول اللاعب الإفريقي ونجم منتخب ليبيريا (جورج وايا) على جائزة الكرة الذهبية عام 1995.
في عام 2007 غيرت قواعد الترشح إلى جائزة الكرة الذهبية مرة أخرى، فأصبحت الجائزة مفتوحة للاعبين جميعهم في العالم، وليس فقط للذين ينشطون في الأندية الأوروبية، ولم تتوقف الجائزة على مدار هذه السنوات باستثناء موسم 2020 بسبب ظروف جائحة كورونا، وتوقُف معظم المنافسات الكروية في العالم، في حين شهدت المدة من عام 2010 حتى 2016 دمج جائزة الكرة الذهبية مع جائزة الفيفا قبل أن تعود مرة أخرى بداية من عام 2017 باسم الكرة الذهبية، وتحت إشراف مجلة فرانس فوتبول.
أبرز الفائزين بجائزة الكرة الذهبية عبر التاريخ
مع بداية تقديم جائزة الكرة الذهبية عام 1956 كان النجم الإنجليزي (ستانلي ماتيوس) أول من يفوز بالجائزة بعد صراع كبير مع الإسباني (دي ستيفانو) والفرنسي (ريموند كوبا) قبل أن يحصل دي ستيفانو على الجائزة في العام التالي، ويحصل ريموند كوبا على الجائزة في العام الثالث، ويعود دي ستيفانو نجم ريال مدريد والمنتخب الإسباني ليحصد الجائزة مرة أخرى في عامها الرابع.
وقد شهدت المنافسات عددًا من الأرقام القياسية التي يصعب تكرارها، ومن هذه الأرقام وجود ثلاثة لاعبين من دولة واحدة للتنافس على جائزة الكرة الذهبية في العام نفسه، وهو ما حدث مع ألمانيا عام 1972، وعام 1981، ومع هولندا عام 1988.
تكرر هذا الرقم القياسي مع الأندية، فلم يحدث أن تنافس ثلاثة لاعبين من النادي نفسه على لقب الكرة الذهبية سوى في ناديين فقط، هما نادي ميلان الإيطالي عامي 1988 و1989، ونادي برشلونة الإسباني عام 2010، بالإضافة إلى رقم يخص نادي برشلونة الإسباني وحده، وهو أنه النادي الوحيد الذي كان له لاعب في الأقل في المنافسات النهائية لجائزة الكرة الذهبية على مدى عشر سنوات متتالية من عام 2007 حتى عام 2017.
وعلى لائحة الفوز بجائزة الكرة الذهبية نجد عددًا من الأرقام القياسية التي خلدت أسماء أصحابها من اللاعبين والأندية والمنتخبات، فعلى صعيد اللاعبين يأتي ليونيل ميسي صاحب المركز الأول في الترتيب الذي حصل على لقب الكرة الذهبية في ثماني مناسبات، وجاء في المركز الثاني في خمس مناسبات، واحتل المرتبة الثالثة مرة واحدة.
ومن خلف ليونيل ميسي يأتي منافسه التقليدي وغريمه الدائم كريستيانو رونالدو الذي حصل على جائزة الكرة الذهبية في خمس مناسبات، في حين جاء في المركز الثاني في ستة أعوام كان معظمها خلف ليونيل ميسي، وجاء كريستيانو رونالدو في المركز الثالث مرة واحدة، في حين حصل كل من ميشيل بلاتيني نجم فرنسا ويوهان كرويف نجم هولندا وماركو فإن باستن نجم هولندا على جائزة الكرة الذهبية في ثلاث مناسبات.
وكما يتنافس اللاعبون على جائزة الكرة الذهبية فإن المنتخبات والدول تشارك في هذه المنافسة بشغف كبير، وعلى الرغم من السيطرة الأوروبية على الجائزة العالمية، فإن أكثر منتخبات العالم حصولًا على جائزة الكرة الذهبية هو منتخب الأرجنتين، فقد حازها في ثماني مناسبات، وذلك بسبب ليونيل ميسي، والطريف في الأمر أن كل المرات التي حصلت فيها الأرجنتين على جائزة الكرة الذهبية تعود إلى ليونيل ميسي نظرًا لأن الجائزة لم تكن تمنح للاعبين غير الأوروبيين حتى عام 1995.
وخلف الأرجنتين تأتي فرنسا وألمانيا وهولندا والبرتغال، كل دولة فازت بسبعة ألقاب لجائزة الكرة الذهبية، ثم تأتي إيطاليا والبرازيل وإنجلترا، وهي الدول التي استطاع لاعبوها الحصول على جائزة الكرة الذهبية في خمس مناسبات، ثم إسبانيا صاحبة الأربع جوائز.
وعلى صعيد الأندية تبرز المنافسة الكبيرة بين ريال مدريد وبرشلونة خارج الملعب وبين أصوات الصحفيين والنقاد الرياضيين، وتشتعل دائمًا في المنافسات الرياضية، حتى إن آخر جائزة من جوائز الكرة الذهبية التي صدرت في نسخة عام 2024 تعادل الفريقان في عدد مرات الفوز بالجائزة، فقد حصل كل نادٍ منهما على 12 لقبًا من ألقاب الكرة الذهبية على الرغم من أن ريال مدريد حصل على اللقب من ثمانية لاعبين وبرشلونة حصل عليها من ستة لاعبين فقط.
وخلف ريال مدريد وبرشلونة يأتي العملاقان الإيطاليان يوفنتوس وميلان، ولكل منهما ثمانية ألقاب، ثم يأتي نجم الكرة الألمانية بايرن ميونيخ بخمسة ألقاب، ومن خلفه مانشستر يونايتد الإنجليزي بأربعة ألقاب.
الكرة الذهبية وجوائز استثنائية
يجب أن نوضح أيضًا أنه توجد مجموعة من الجوائز الإضافية والاستثنائية التي أقرتها مجلة فرانس فوتبول على مدار السنوات لظروف خاصة ومنحتها اسم الكرة الذهبية، ومنها الكرة الذهبية العظيمة التي منحت لألفريدو دي ستيفانو نجم المنتخب الإسباني ونادي ريال مدريد عام 1989، ومنحت اللجنة القائمة على جائزة الكرة الذهبية جائزة استثنائية باسم لاعب القرن للنجم البرازيلي بيليه بعد أن عملت استشارات موسعة وطويلة مع اللاعبين الذين حصلوا على جائزة الكرة الذهبية الذين صوت معظمهم لذلك، بينما امتنع أربعة منهم عن إجراء التصويت، وتوفي أحدهم ليفوز بيليه بالمسابقة والاستفتاء الاستثنائي في تاريخ الكرة الذهبية متفوقًا على دييجو مارادونا الذي جاء في المركز الثاني ويوهان كرويف الذي جاء في المركز الثالث.
ومنح دييجو أرماندو مارادونا نسخة استثنائية من الكرة الذهبية بعد أن أعيد التصويت على الجوائز التي منحت عام 1995، فقد كانت الجوائز تمنح فقط للاعبين الأوروبيين، وهو ما أدى إلى إعطاء الجائزة لمارادونا وأطلق عليها الكرة الذهبية الفخرية.
العرب وجائزة الكرة الذهبية
يذكر أن تاريخ جائزة الكرة الذهبية لم يعرف ترشح أسماء اللاعبين العرب إلا في ثلاثة مناسبات فقط، حين ترشح العراقي يونس محمود عام 2007 وحصل على المركز التاسع والعشرين من 50 لاعبًا على القائمة، وتفوق يومها على عدد من الأسماء الكبيرة منهم ديفيد بيكهام وروبن فان بيرسي وصمويل إيتو، وذلك بعد فوزه مع منتخب بلاده بكأس آسيا.
ثم جاء المغربي رياض محرز عام 2016 ليحتل المركز السابع على قائمة الكرة الذهبية، وذلك بعد حصوله على لقب الدوري الإنجليزي مع نادي ليستر سيتي المرة الأولى في تاريخ النادي الصاعد من الدرجة الأدنى.
ثم جاء المصري محمد صلاح عام 2019 و2022 ويحصل على المركز الخامس بعدّه أفضل مركز لاعب عربي في جائزة الكرة الذهبية، وذلك بعد الفوز بدوري أبطال أوروبا مع نادي ليفربول الإنجليزي، وقد تشهد السنوات القادمة حصول لاعب عربي على جائزة الكرة الذهبية ليسجل اسمه في القائمة الذهبية التي تخلو من أسماء العرب.
فريق أحلام الكرة الذهبية
في عام 2020 نشرت مجلة فرانس فوتبول ما أطلقت عليه فريق أحلام كرة القدم الخاص بالكرة الذهبية الذي اختاره مجموعة كبيرة من الصحفيين والنقاد الرياضيين، وأعلن اللاعبين المرشحين في شهر أكتوبر، ونشر الفريق الذي وقع عليه الاختيار في شهر ديسمبر، وكانت البرازيل هي أكثر الدول امتلاكًا للاعبين المرشحين إلى الدخول في فريق أحلام الكرة الذهبية، ومن خلفها جاءت إيطاليا ثم ألمانيا وهولندا.
وقد جاء فريق أحلام الكرة الذهبية كالتالي:
- في حراسة المرمى: ليف ياشين من الاتحاد السوفيتي.
- الظهير الأيمن: كافو من البرازيل.
- الظهير الأيسر: باولو مالديني من إيطاليا.
- قلب الدفاع: فرانتس بيكنباور من ألمانيا.
- الوسط الدفاعي: تشافي من إسبانيا.
- الوسط الدفاعي: لوثر ماتيوس من ألمانيا.
- الوسط الهجومي: مارادونا من الأرجنتين.
- الوسط الهجومي: بيليه من البرازيل.
- الجناح الأيمن: ليونيل ميسي من الأرجنتين.
- الجناح الأيسر: كريستيانو رونالدو من البرتغال.
- المهاجم: رونالدو من البرازيل.
وبعد صدور التشكيلة التي اختارها الصحفيون والنقاد الرياضيون في العالم الفريق الأفضل الذي يستحق لقب فريق أحلام الكرة الذهبية نشرت المجلة فريقًا ثانيًا وفريقًا ثالثًا يضم النجوم الذين رشحوا حسب النقاط، وذلك لإرضاء أكبر عدد من المتابعين، وكذلك للاستفادة من حالة الزخم والمتابعة الكبيرة في العالم التي تؤكد الريادة الكبيرة لمجلة فرانس فوتبول على مستوى الجوائز والاستفتاءات الخاصة بكرة القدم، ما جعلها تحظى باهتمام المتابعين، وتتفوق في كثير من الأحيان على جوائز الفيفا والاتحادات القارية.
وفي نهاية هذا المقال الذي حاولنا به الإجابة عن الأسئلة التي تخص جائزة الكرة الذهبية كلها، نرجو أن نكون قدمنا لك المتعة والإضافة، ويسعدنا كثيرًا أن تشاركنا رأيك في التعليقات ومشاركة المقال عبر مواقع التواصل لتعم الفائدة على الجميع، برأيك، من يستحق الفوز بجائزة الكرة الذهبية في المستقبل؟ شاركنا رأيك في التعليقات.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.