خدم «التصوير العنصري» الإمبريالية، ودعم الدعاية الاستعمارية، وكانت تجربة «لوماير» التجربة الأولى للتصوير الفوتوغرافي الاستعماري الملون في دول إفريقيا. وقد عُرف بعدها بالتصوير العنصري.
ولا تزال آثار هذا التصوير العنصري واضحة على نحو كبير في عقلية التفوق العرقي إلى يومنا هذا، وهذه العقلية منتشرة على نحو شديد الْخَطَر في المجتمعات الأوروبية والغربية.
قد يهمك أيضًا مصطلحات التصوير وأنواعه وكل ما يدور حوله
أهمية الصور في بدايات القرن العشرين
كانت الدول الإمبريالية الأوروبية تسعى بكل الوسائل والأدوات إلى تبرير الاستعمار وترسيخ فكرة التفوق العرقي لبشر أوروبا.
وكانت هذه العقلية الأوروبية ترى أن البشر البيض الأوروبين يأتون في أعلى الترتيب، والبشر السود هم في المرتبة المتدنية باعتبارهم أقرب إلى البشر، في حين أن الألوان الأخرى البشرية تأتي بينهما في مرتبة متوسطة، وذلك حسب التفاوتات والاختلافات التي اعتمدتها قائمة السلالات العرقية التي كان يروِّج لها أشباه العلماء الأوروبيين.
ومن بين الوسائل الأكثر حداثة حسب الحقبة الاستعمارية، التي استعملتها الدول الإمبريالية في مطلع القرن العشرين، هي الصور الملونة العنصرية، وهي ثورة جمالية استُخدمت لغرض غير إنساني. كانت التقنية جديدة بعدما كان التصوير من قبل باللون الأسود والأبيض.
وقد كسب الفكر الأيديولوجي العنصري إلى جانبه آنذاك تقنية جديدة أكثر تأثيرًا على المجتمع الأوروبي المتعطش للإمبريالية. ويمكنني أن أسميه هنا «الفن الفوتوغرافي الجمالي الشرير».
كانت التقنية لا تزال جديدة ومبهرة، ومن المثير للإعجاب أن الصور الملونة أصبحت ممكنة، فقد أصبح من الممكن رؤية الأشياء المصورة بلونها الأصلي الطبيعي، وكان الألمان أول من استعمل هذه التقنية الجديدة.
فقد كان أول من التقط الصور الملونة هو المصور الألماني «روبرت لوماير»، وقد التقط صورًا ملونة لأشخاص ينتمون إلى شعوب في إفريقيا في بلدان كانت مستعمرات لدولة ألمانيا بالتحديد.
قد يهمك أيضًا كيف أصور باحتراف باستخدام الجوال والكاميرا؟
صور الأنواع
منذ التجربة الأولى للمصور الألماني ظهر مصطلح جديد شائع في عالم الفن الفوتوغرافي الأوروبي وهو «صور الأنواع» وهو مصطلح يشير حسب الحقبة الإمبريالية إلى صور تُظهر الاختلافات والسمات المتنوعة للشعوب الإفريقية، وهي مخصصة ليطلع عليها المشاهد الألماني في المقام الأول.
وقد تعامل المصور مع تلك الصور وفقًا لعملية فرز دقيقة آخذًا بعين الاعتبار البلد الإفريقي الذي تنتمي إليه.
بدأت القصة عند اختراع كاميرامبتكرة دقيقة، ومع توفير كل الإمكانيات المادية للباحثين والمصورين لتوثيق كل شيء في المستعمرات الألمانية. وقد مكَّنت هذه الكاميرا من توثيق الاستعمار الألماني بالألوان (الأراضي النائية، والقرى، والحياة الطبيعية النباتية والحيوانية، وسكانها، وأيضًا مواردها...). بلدان غريبة وسكان (أشباه بشر: حسب العقلية الأروبية).
لقد استغل الأوروبيون الألمان التصوير الفوتوغرافي ثلاثي الأبعاد لأغراض إمبريالية، ولمساعدة الإمبراطورية الألمانية في إثارة الحماس المجتمعي للاستحواد على تلك البلدان الإفريقية، فصدرت كتب مصورة بأعداد ضخمة انتشرت في الإمبراطورية كلها، وما زالت صور تلك الكتب تُستعمل اليوم لأغراض ومآرب أخرى.
كانت المستعمرات الألمانية هي التي حظيت باهتمام كبير من قبل المصور الألماني «روبرت لوماير» ما بين عامي 1907م و1909م باعتباره مروجًا رئيسًا للمستعمرات الألمانية.
وقد كلَّفته بذلك دار نشر برلينية، وبدعم من مكتب الإمبراطورية الاستعماري. وقد ركَّز عمله التصويري على البشر.
وقد اعتمد على منهجية متداولة لدى العلماء الأنثروبولوجيين الأوروبيين قُسِّم بها البشر حسب السمات المختلفة.
وكان هذا التقسيم مبدأً علميًّا لهم، وقد عمدت صوره إلى إظهار الاختلافات الثقافية، وتقييم نسبة التحضر لدى تلك الشعوب؛ ما أسهم في ازدراء الأفراد والمجموعات البشرية الإفريقية وتصنيفهم إلى أنواع بناء على السمات الخارجية والسلوك، وانطلاقًا من أفكار بيولوجية إمبريالية محضة.
قد يهمك أيضًا أفضل 5 قنوات يوتيوب لتعليم التصوير بسهولة
دور التصوير في استعباد البشر
وعلى الرغم من ذلك كله فأعمال المصور الألماني تُعد عملًا فرديًّا لطيفًا نوعًا ما من جانبه، وهي لقطات فردية شخصية محترمة، فقد كان منبهرًا شخصيًّا بالعالم الجديد الذي كان يراه أمامه.
وقد صوَّر بجمالية كل تفاصيل الحياة الإفريقية البشرية بالخصوص، وليس عمله عنصريًّا بالدرجة الكبيرة مقارنة مع البطاقات البريدية والجرائد التي كانت تستخدم تلك الصور وتنشر مع مقالات تحض على الكراهية وتنادي بشكل أو بآخر إلى استعباد الإنسان الإفريقي وأخرى لا تعده إنسانًا.
ويمكننا أن نرى ما أنتجه لوماير من صور توثيقية على أنها إرث بشري حضاري يستأنس إليه الباحث والدارس في الحضارات والثقافات الإفريقية وفي التاريخ الاستعماري اليوم.
ومن المحزن أنه قد ظهر بعد لوماير مصورون آخرون كانوا أكثر شرًّا، وقد اهتموا باستعمال أساليب تصويرية سيئة تحاول إظهار الأفارقة على أنهم متخلفون وغير متحضرين، وأيضًا ذهبوا إلى أبعد من ذلك بحقارة إلى تصويرهم على شاكلة ما تصور به الحيوانات.
لكن ما يندى له الجبين وما عدَّه مفزعًا حقًّا اليوم هو وجود هذه الصور في مواقع إلكترونية ذات أجندات عرقية عنصرية تدعو إلى التمييز العنصري.
تُظهر هذه المواقع الإلكترونية بوضوح تام شوقًا وحنينًا إلى تلك الحقبة، وصور لوماير بالأساس تظهر ظهورًا لافتًا أيضًا في المواقع التي تهتم بالتاريخ الاستعماري الألماني.
والآن نجد هذه الصور توظَّف على نحو سيئ بمعزل عن السياق التاريخي، ما جعلها مصدرًا للروايات الاستعمارية التي تحاول إظهار الحقبة الاستعمارية على أنها مجد حضاري للألمان خاصة وللغرب عامة.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.