تأخر الكلام عند الأطفال إحدى أخطر المشكلات السلوكية، ولا شك أن الوالدين يعانيان منها معاناة كبيرة، فتأخر الكلام والنطق أو التأتأة، تُعد من الاضطراب الأكثر صعوبة في مرحلة الطفولة، وتعني مواجهة الطفل للصعوبات في أثناء الكلام فلا يخرج بوضوح، أيضًا قد يعاني من صعوبة في نطق الأصوات المختلفة أو تكوين الجمل وفهمها؛ لذا يحاول الآباء البحث عن حلول لهذه المشكلة بشتى الوسائل الممكنة.
يتناول هذا المقال بتعمق قضية تأخر الكلام عند الأطفال، مُحددًا بدقة المرحلة العمرية التي يستدعي فيها هذا التأخر الانتباه والتقييم. ويستعرض أشهر الأعراض التحذيرية التي قد تظهر على الطفل، مُسلطًا الضوء على العلامات التي تستوجب استشارة المختصين، إضافة إلى استعراض شامل لأبرز الأسباب الكامنة وراء تأخر النطق لدى الأطفال.
متى يُعد الطفل تأخر في الكلام؟
قد تظهر بعض الأعراض التي تنبئ بتعذر النطق لدى طفلك بداية من سن الثانية، ولكن يمكن عدها مشكلة حقيقية عندما يتراوح عمر الطفل ما بين 18 و30 شهرًا، وهذه الأعراض قد تختلف من حيث الشدة والظهور، فيمكن للطفل أن يكون لديه بعض المهارات الاجتماعية والسلوكية، وكذلك تظهر مهاراته في التفكير، لكنه يكون لديه مشكلات في النطق والكلام، وتكون المفردات لديه محدودة جدًّا.
تشير بعض الدراسات إلى أن تأخر اللغة التعبيرية (Expressive language delay) منتشر بنسبة تصل إلى 10-]15% بين الأطفال، خاصةً الذين في عمر سنة ونصف وما فوقها؛ لذا فهو يُعد مشكلة شائعة بين الأطفال، وتختلف أعراضه من طفل لآخر، فيمكن لبعض الأطفال أن ينطق بضع كلمات على نحو جيد، والبعض الآخر يمكنه جمع كلمتين معًا، ويتمكن فريق ثالث من تكوين جملة بسيطة ولكن تكون غير مفهومة، أو لا يستطيع نطقها كاملة بطريقة صحيحة؛ لذا في السطور التالية سوف نتحدث عن أشهر أعراض تأخر الطفل في الكلام، وأسبابه، فتابع معنا.
علامات وأعراض تأخر الكلام والنطق حسب العمر التقريبي
تختلف العلامات المتوقعة حسب عمر الطفل، وهذه بعض العلامات التي قد تستدعي الانتباه:
علامات مبكرة (حتى 12 شهرًا)
-
الغمغمة أو إصدار أصوات بدرجة أقل من المعتاد بين الأطفال الذين يتراوح عمرهم بين عمر 7 أشهر إلى 12 شهرًا، أو غياب أو قلة المناغاة والثرثرة الصوتية Babbling.
-
قلة تفاعل الطفل مع الضوضاء المحيطة به.
-
لا ينظر الطفل إليك عندما تنادي عليه باسمه.
علامات في عمر 1-2 سنوات
- لا يستطيع طفلك أن يربط أفكاره مع أفعاله في أثناء اللعب.
-
عدم القدرة على استخدام الإيماءات الجسدية البسيطة جدًّا مثل التلويح باليد.
-
لا يحاول تكرار ما يسمعه من الآخرين، عكس ما يفعله الأطفال الآخرون.
-
عدم قدرته على مشاركة الألعاب والأشياء مع الأشخاص المقربين له.
-
استخدام كلام يصعب فهمه.
-
عدم ضحك الطفل أو ندرة ابتسامته.
-
لا يفهم إلا بعض كلمات روتينية سهلة.
-
لا يعرف كيف يتواصل بطريقة ما عندما يحتاج إلى مساعدة في شيء ما.
علامات في عمر 2-3 سنوات
-
لا يمكن أن يفهمه الآخرون -غير المقربين- في معظم الوقت.
-
غير قادر على التعرف على أجزاء جسمه.
-
يفتقر إلى الأصوات المتناغمة في بداية أو نهاية الكلمات.
-
يكون فهمه أو استيعابه قليلًا بالنسبة لعمره.
-
يستخدم الطفل اليدين فقط للإشارة إلى الأشياء دون النطق.
-
صعوبة تنفيذ التعليمات والأوامر البسيطة.
-
يتصرف كما لو كان في عالمه الخاص.
-
لديه اهتمام كبير بالأشياء التي لا يهتم بها الأطفال الصغار عادةً.
-
يكرر السؤال المطروح عليه بدلًا من الإجابة عنه.
أسباب تأخر الطفل في الكلام
إن تأخر النطق هو اضطراب في الكلام يحدث نتيجة لعوامل عدة محتملة، منها:
- مشكلات في السمع: ضعف السمع أو الصمم يمنع الطفل من سماع اللغة لتعلمها وتقليدها.
- اضطرابات النطق الحركية: مثل ضعف عضلات النطق لدى الطفل (ديسارثريا - Dysarthria)؛ وبسببه يصعب عليه أن يتلفظ بالكلمات حتى لو كانت بسيطة، ولا يستطيع تحريك عضلات النطق على نحو طبيعي مماثل لأعمار الأطفال من حوله، ويمكن أن يعاني الطفل أيضًا من تداخل الكلمات بعضها في بعض أو بطء التحدث، أو صعوبة في تخطيط وبرمجة حركات النطق (أبراكسيا الكلام الطفولية - Childhood Apraxia of Speech).
- مشكلات في تركيب الفم (Oral-motor problems): في بعض الأوقات يمكن أن يكون سبب تأخر كلام الطفل خللًا في تركيب الفم، مثل تشوه الحنك أو الشفاه [أو اللسان المربوط] وغيرها.
- التأخر النمائي العام أو الإعاقة الذهنية: قد يكون تأخر اللغة جزءًا من تأخر عام في تطور مهارات الطفل الأخرى.
- اضطراب طيف التوحد (ASD): غالبًا ما يصاحبه تأخر أو اضطراب في التواصل اللفظي وغير اللفظي.
- العوامل البيئية: مثل قلة التحفيز اللغوي في بيئة الطفل أو عدم التحدث.
- مشكلات عصبية أو جينية: ويمكن كذلك أن يشير تأخر النطق إلى مشكلات أكثر خطورة، مثل تأخر نمو منطقة المخ المسؤولة عن تكوين الكلام ومعالجته واتصاله مع اللسان.
- التهابات الأذن المتكررة: قد تؤثر مؤقتًا على السمع ثَمَّ على تطور اللغة.
متى يجب استشارة الطبيب أو اختصاصي التخاطب؟
إذا لاحظت أيًا من العلامات المذكورة أعلاه بشكل مستمر أو كنت قلقًا بشأن تطور لغة طفلك، فمن المهم اتخاذ الخطوات التالية:
- استشر طبيب الأطفال: هو خطوتك الأولى لتقييم الحالة العامة للطفل واستبعاد أي مشكلات طبية واضحة.
- فحص السمع: سيقوم الطبيب غالبًا بطلب إجراء فحص للسمع (Audiology evaluation) للتحقق من عدم وجود مشكلات سمعية تعيق تطور اللغة.
- الإحالة لاختصاصي أمراض النطق واللغة (SLP - Speech-Language Pathologist): إذا استدعى الأمر، سيقوم الطبيب بإحالتك إلى اختصاصي لتقييم مهارات الطفل اللغوية والنطقية بشكل مفصل وتحديد ما إذا كان هناك تأخر أو اضطراب فعلي، واقتراح خطة علاجية إذا لزم الأمر، التدخل المبكر مهم جدًا ويمكن أن يحدث فرقًا كبيرًا في مساعدة الطفل على اللحاق بأقرانه.
إن مراقبة تطور مهارات الكلام واللغة لدى طفلك أمر حيوي، والوعي بالعلامات المبكرة للتأخر المحتمل يتيح فرصة للتدخل المبكر الذي يمكن أن يحدث فرقًا كبيرًا. تذكر أن كل طفل فريد، لكن إذا كانت لديك مخاوف حقيقية بشأن تأخر كلام طفلك، فلا تتردد في استشارة طبيب الأطفال أو اختصاصي أمراض النطق واللغة، الحصول على تقييم متخصص هو أفضل طريق لفهم احتياجات طفلك وتقديم الدعم اللازم له لينطلق في رحلته اللغوية.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.