كيف نقيس مدى صلاحية هذا المجتمع؟ وهل يسير مجتمع بعينه على الطريق الصحيح أم أنه في طريقه إلى الانهيار؟ كل هذه الأسئلة تدور في الذهن عندما نبحث عن المجتمعات الصحية والمجتمعات الضارة صحيًا بأفرادها، كل هذا ينبثق من تأثير جودة التعليم في نهضة المجتمعات وتطورها.
إن للتعليم دورًا جوهريًا ومحوريًا في تطوير المجتمعات وتحقيق الرفاهية المادية والمعنوية لأفراد المجتمع، فدون تعليم لا يوجد مجتمع، وقد انهارت مجتمعات ودول وإمبراطوريات كاملة بسبب انهيار المنظومة التعليمية وانتشار الجهل بين أفراد المجتمع، فهيا نكشف عن جودة التعليم وعلاقته بتطور المجتمعات.
تأثير جودة التعليم في نهضة المجتمعات وتطورها
سألنا في بداية هذا المقال سؤالًا مهمًا، ونكرره بصيغة أخرى، كيف نحكم على هذا المجتمع إن كان صالحًا أم غير ذلك؟ لا نقول إن المجتمع الصالح هو ذلك المجتمع الذي يصحو أشخاصه من نومهم كل صباح وهم مبتسمون ومتفائلون، ويعملون بنشاط وحيوية، فهذه هي الفكرة التي تصدرها لنا وسائل الإعلام في الأفلام التسجيلية القصيرة والإعلانات وغيرها.
لكن يمكننا الحكم على جودة المجتمع بجودة الحياة لدى أفراده، فإن كان أفراده قادرين على سد احتياجاتهم الأساسية، وتحقيق الحد الأدنى من الرفاهية لكل فئة عمرية من فئات المجتمع، فمن الممكن عند هذه اللحظة أن نحكم على المجتمع بأنه مجتمع صالح ويسهم في تحسين حالة أفراده الصحية والنفسية والمادية والبدنية.
وبطبيعة الحال إن وجدت أن مجتمعًا يسير في عكس هذا الاتجاه فسوف ينعكس ذلك على جودة المجتمع، فما علاقة ذلك بجودة التعليم؟
جودة التعليم
لا ينحصر مصطلح جودة التعليم داخل نطاق واحد؛ أي لا يوجد منهج معين يمكن تطبيقه؛ لكي نحصل على جودة تعليم عالية، فلكل مجتمع ظروفه وتعليمه الذي يتناسب معه، لكن نقصد بجودة التعليم هو ذلك المقياس الذي نقيس به مدى تأثير التعليم في تطور المجتمعات ونهضتها.
وإن افترضنا أن جودة التعليم عالية وأنها تحقق التطور للمجتمع والنهضة، فما ملامح تلك النهضة في ضوء ما نراه من تطورات اجتماعية وتغيرات وتحولات؟
تؤثر جودة التعليم في القدرة على اتخاذ القرارات لدى كل فرد؛ لذا يتمكن القائمون على تطوير المجتمع من اتخاذ القرارات السليمة في هذا الشأن محققين أعلى النتائج والتقديرات في عملية تطوير المجتمع وتحقيق الرفاهية لأفراده.
عند زيادة جودة التعليم لا يفصل بين المجتمع وبين أفراده؛ وذلك بأن نربط بين رفاهية الأفراد ورفاهية المجتمع ذاته، ونتعامل مع الحالين على أنهما حال واحدة، وهذا غير موجود في المجتمعات المتراجعة فكريًا أو التي تتبنى نهج الرأي الواحد.
يساعد التعليم ذو الجودة العالية أفراد المجتمع على مواجهة التحديات المتتالية التي تأتي وراء بعضها بسرعة جنونية نظرًا للتطورات التكنولوجية التي نغرق في طياتها في هذا الزمان، فيدرب هذا التعليم أفراد المجتمع على أن يستقبلوا هذه التغيرات، ويتمكنوا من التعامل معها وتطويرها لخدمة أهداف المجتمع الكبرى.
تسهم جودة التعليم في بناء علاقات سوية وسليمة بين أفراد المجتمع، وهي تلك العلاقات التي تهتم باحترام الاختلاف في الرأي والثقافة والطبقة الاجتماعية، فلو تدرّب الفرد على أن يكون عضوًا فعالًا في مجتمعه، فلا يكون في معزل عن بقية الأفراد على الرغْم من الاختلاف والتباين.
وتعمل جودة التعليم على تنمية المهارات وصقلها والاستفادة من كوادر كل مجال داخل المجتمع بدلًا من أن يتسربوا واحدًا تلو الآخر، ولا يتركون وراءهم سوى مجموعة من الأفراد يتقلدون المناصب الحساسة داخل المجتمع بدافع الوساطة أو العلاقات الشخصية المشبوهة.
تعد جودة التعليم أيضًا الأفراد لفرص العمل المواكبة للتطور الحالي، ما يرفع من شأن المجتمع، ويؤدي إلى تطوره على نحو سريع وملحوظ.
دور جودة التعليم في نهضة المجتمعات وتطورها
مما سبق نستنتج أن لجودة التعليم دورًا بارزًا في ازدهار المجتمع ونقله من مرحلة المجتمعات المعتمدة على غيرها والطاردة لأفرادها إلى مجتمعات ناجحة، تعمل على احتضان كل أفرادها، وتحقق لهم رفاهيتهم، ونستطيع لمس هذا الدور البارز لجودة التعليم في النقاط الآتية:
- إن من تأثير جودة التعليم في نهضة المجتمعات وتطورها أنه ينشأ الصغار على الأخلاق الفاضلة وتقديس العمل.
- عندما تسير جودة التعليم في مسار تطور المجتمعات فيجب أن تهتم بعملية الإثراء الثقافي لدى المتعلم.
- إن من علامات جودة التعليم المرتفعة أنها تغرس في وجدان المتعلم حب التعلم ومواصلته، حتى بعد الانتهاء من مرحلته التعليمية ما يغرس بدوره في العقل الجمعي لدى المجتمع حب التعلم الذاتي من أجل تطوير المهارات.
- لكي تؤثر جودة التعليم في نهضة المجتمعات وتطورها يجب أن نطور الوسائل التعليمية من شاشات ذكية تنتشر في المدارس، ومن مجسمات تعّبر عن المواد التعليمية الخاصة بالمواد العلمية، وغيرها من الوسائل التي تحوّل العملية التعليمية إلى عملية ممتعة وأكثر إثراء للطلاب.
- لكي تنهض الأمم ونعلي من جودة التعليم وقيمته يجب إعطاء المعلم حقه؛ لكي يؤدي دوره على الوجه الأمثل.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.