إن السوشيال ميديا هي ذلك الوعاء الذي يصب فيه كل فرد من أفراد المجتمع الأفكار التي تعبر عن ثقافته، وعما يجول في خاطره من مشاعر. نجد ذلك في كل المنشورات، بما فيها المنشورات الهزلية "الكوميك" فهي تعبر عن المشكلات التي يعاني منها أفراد المجتمع.
لذلك، لا يمكن إنكار تأثير السوشيال ميديا في الثقافة والمجتمع، فمن أهم ما أثرت به وسائل التواصل الاجتماعي أنها أظهرت كثيرًا من المشكلات الاجتماعية، ولم تكن ظاهرة بهذا القدر قبل انتشار السوشيال ميديا، وأيضًا زادت الرغبات الاستهلاكية لدى أفراد المجتمع على اختلاف فئاتهم العمرية.
تأثير السوشيال ميديا في الثقافة والمجتمع
عندما تفكر في القيم التي أصبحت منتشرة الآن في المجتمع، فسوف تجد أن مشكلة البحث عن الذات وإثباتها هي الصفة السائدة، فقد يسعى الجميع الآن إلى أن يثبتوا أنهم الأفضل والأجدر على جميع الصُّعُد. وقد غذَّت السوشيال ميديا هذا الشعور عند الأشخاص وجعلته نمطًا من الأنماط الثقافية في المجتمع.
لذلك نجد انتشارًا كثيرًا من الصفات والأمراض النفسية بين أفراد جميع. والغريب في الأمر أننا لسنا على دراية كاملة بكل هذه التغيرات، فقد حدثت تلقائيًّا، ومع انشغال أفراد المجتمع في حياتهم أصبح تأثير هذه الخواص أقوى وأقدر على الوصول إلى جذور المجتمع، والتأثير في الكبير والصغير من أفراد المجتمع.
فنجد المهووسين بتصوير كل لحظات حياتهم وتنزيلها في منشورات على فيسبوك وإنستجرام ليظهروا أنهم في قمة النجاح والسعادة. وهذا جعلنا نرى جانبًا واحدًا من جوانب الحياة، ولم نستطع أن نرى الجوانب الأخرى من الحياة الممتلئة بلحظات الفشل والملل والإخفاقات، فاعتقدنا أن حياة الآخرين مجموعة من النجاحات فقط، فلماذا لم تكن حياتنا كذلك؟
وبناء على ذلك، نجد انتشار الظواهر التالية:
- انتشار بعض الأمراض النفسية، وعلى رأسها الإحساس المزمن بالحزن الذي يصاحبه الإحساس بالحرمان ولا سيما عند الأطفال، فعندما يطَّلع الطفل على مقاطع الفيديو القصيرة التي تظهر المعيشة الفاخرة لأطفال آخرين من سِنه فسوف ينعكس ذلك بعدم الرضا عن حياته، خصوصًا أنه كما ذكرنا لا يرى الصورة كاملة.
- ظهور أعراض الاكتئاب على كثير من أفراد المجتمع بسبب انتشار الكلام السلبي عن الأحوال الاقتصادية والسياسية وغيرها، ولاسيما أنها يمكن أن تكون مبالغة وغير صادقة في كثير من الأحيان.
- لا يكون الشخص راضيًا عن شكله، ويظهر ذلك الأمر أكثر في الأنثى، فعندما ترى مجموعات من الإناث في أفضل مظهر وأفضل هيئة تبدأ في التشكك في جاذبيتها وفي شكلها، بل وتحاول أن تحسِّن مظهرها على نحو مبالغ فيه؛ لتشعر أنها تنال الإعجاب مثل الذين تراهم على السوشيال ميديا. وهذا من تأثير السوشيال ميديا في الثقافة والمجتمع، ويندرج تحت بند التأثير الضار.
وعلى الرغم من التأثير السلبي الذي ذُكر في السطور السابقة، لكن يوجد تأثير إيجابي للسوشيال ميديا في الثقافة والمجتمع. فنجد مثلًا قدرة الأفراد على الحصول على المعلومات بسهولة بمجرد تمرير الإصبع على شاشة أي منصة من منصات التواصل الاجتماعي، ويتمكن الفرد من الوصول إلى المعلومة في وقتها وليس متأخرًا.
كيف غيَّرت وسائل التواصل الاجتماعي طريقة التفكير والتواصل؟
أثَّرت السوشيال ميديا تأثيرًا واضحًا للغاية في طريقة تواصل الأفراد مع بعضهم بعضًا. فقد وصل الأمر إلى أنه يمكن أن يجلس فردان في غرفة واحدة ويتواصلان مع بعضهما بعضًا عن طريق واتساب.
وقد أصبحت وسائل التواصل هي الاستيكرات والرسائل الصوتية عبر منصات التواصل الاجتماعي التي توافر ميزة الرسائل الخاصة. وأيضًا نلاحظ في كيف غيَّرت وسائل التواصل الاجتماعي طريقة التفكير والتواصل بعض النقاط:
- كانت الأسرة الواحدة تجلس على مائدة واحدة لتناول الطعام وتجاذب أطراف الحديث، وكل فرد من الأسرة يبدأ في حكي ما حدث له على مدار يومه، فيبدأ الأب في حكي ما حدث في العمل، والأبناء في المدرسة، والأم في العمل أو في المنزل إن كانت ربة منزل. ولكن، أسهمت وسائل التواصل الاجتماعي في إحداث فجوة بين أفراد البيت الواحد.
- أصبح لكل فرد حياته الخاصة على الشاشة الصغيرة التي تعمل باللمس بواسطة وسائل التواصل الاجتماعي. ويرى هذا الفرد أن هذه الطريقة من التواصل أكثر راحة بكثير من أي طريقة أخرى.
- تقوم وسائل التواصل الاجتماعي على الإعلانات، وبسبب خوارزميات معينة تقرأ وسائل التواصل احتياجاتك وترشح لك الإعلانات التي تتفق مع رغبتك الاستهلاكية؛ لذلك، سادت الثقافة الاستهلاكية على نحو مفرط بين أفراد المجتمع.
- ينشر أحدهم مشكلته مع زوجته، وآخر مع أبناء عمومته داخل العائلة؛ لذلك، عندما نريد استكشاف كيف غيَّرت وسائل التواصل الاجتماعي طريقة التفكير والتواصل نجد أن الأسرة الآن أصبحت مكشوفة، وهذا ليس مكانها الطبيعي؛ لذا زادت المشكلات بدلًا من حلها، ويمكن أن تتفاقم أيضًا.
-
وعلى أثر ما سبق قلَّت الزيارات بين الأقارب، وهذا من أبرز صور تأثير السوشيال ميديا في الثقافة والمجتمع.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.