إن اللغات واللهجات الموجودة في نيجيريا أكثر من ستمائة لغة ولهجة ـ كما ثبتت ـ ولكن أشهرها ثلاث فقط في جنوب البلاد وشرقها وشمالها، وهي الهوسا، واليوربا، وإيبو. وهذه الثلاث تُعَدُّ لغة ثانية بالنسبة للقبائل المنتمية إليها...
اقرأ أيضاً مقدمة في حركة النثر في نيجيريا
الشعب النيجيري واللغة الإنجليزية
ولما جاء الاستعمار، فرض لغته على الشعب النيجيري في كل أنحاء البلاد، وجعل لغته لغة التعليم والرسمية المتداولة في كل مكان، وجعل هذه اللغة وسيلة إلى الوظيفة، وجعل الشعب يتعلمها من الصغر حتى المرحلة الجامعية...
وبدون هذه اللغة، لا يستطيع الشعب النيجيري أن يفعل شيئًا في الجهة الحكومية، ولا يستطيع أن يطالب الدولة بحقوقه إلا إذا كان يتحدث هذه اللغة...
وفي الجهة الدراسية كانت هذه اللغة قد حظيت بمكانة عظيمة في المجال التعليمي، ولا قبول لأي أحد في الجامعة النيجيرية إلا إذا حصل على درجة الامتياز في هذه اللغة...
ومن قبل كان كل الشعب إذا لم يحصل على الامتياز في لغته الأم، لا قبول له في أي الجامعات النيجيرية، ولما تغيرت الأوضاع أصبحت اللغة الإنجليزية في أوجها في المجتمع النيجيري...
اقرأ أيضاً نماذج من الكتب الأدبية المصنفة في نيجيريا
المجتمع النيجيري وتغير اللغة الأم
وفي الحقيقة كانت هذه اللغة ـ كما يتصور بعض الشعب ـ عائقة دون نيل المعالي في المجتمع النيجيري، وهي مشكلة يواجهها الشعب في كل مكان في الدولة...
ولكن يظن بعض الناس أن الذي لم يعرف هذه اللغة، هو جاهل، ولا فائدة لوجوده في الدنيا، ولكن بالعكس؛ لأن الذين كانت هذه اللغة لغتهم ليسوا ملزَمين بتعلم لغة لم يفهمها، ولكن الذي يريد إقامة علاقة ثنائية بين غيره في دولة أخرى يتفاهم عن طريق الترجمة أحيانًا، أو يتعلم قدر ما يكفيه للحوار بينه وبين ذلك الشخص الآخر...
وفي المدراس الحكومية، تجري حركة منع الشعب من التحدث بلغته الأم، بل ويعد ذلك غير جائز نظاميًّا في الدولة؛ ولذلك من وُجد يتحدث بلغته الأم غرِّمَ غرامة عظيمة...
وبعض الآباء والأمهات في المجتمع النيجيري أيضًا، يحاولون أن لا يتحدث أبناؤهم بلغتهم المحلية، بينما يرون ذلك بنمظور غير حضاري...
وإذا كانت اللغات النيجيرية تواجه المشاكل من جهة الاستعمار، ومن جهة الآباء والأمهات، ومن جهة الوزارة التعليمية، فهل ستبقى مزايا لهذه اللغات، وهل لا تتلاشى فيما بعد في المجتمع النيجيري؟
اقرأ أيضاً عودة للشعر من جديد.. آثاره على الحب وعلاقته بالشعر النيجيري
هل الاحتفاظ بلغتك الأصلية يعد تخلفاً؟
إن بعض النيجيريين يعدون من يتحدث بلغته الأم متخلفًا حضاريًّا وثقافيًّا واجتماعيًّا، ويظنون أن التحدث بها عيب من العيوب التي لا تليق بالإنسان المتحضر المثقف...
وما زالت الدولة تتخلف نظاميًّا، وتتخلف حكوميًّا، وتتخلف عالميًّا، وتتخلف اجتماعيًّا بإلزام شعبها بالتحدث بلغة يجدها صعبة عليه في كل يوم...
وقد قال بعض الباحثين إن الشعب الصيني يكون ماهرًا في العلوم التقنية؛ لأنه يتلقى مبادئ هذه العلوم بلغته الأم، ولا يجد الصعوبة في فهم ما يتلقى منها، ولا يكون عاجزًا عن تطبيق ما يتعلم؛ ولذلك أصبحت هذه العلوم راسخة في ذهنه، متفرعة في عقله، ومثمرة في حياته...
وأشار بعض الباحثين إلى أن الشعب الأمريكي، لا يتخلف علميًّا، ولا اجتماعيًّا؛ لأن كل ما يدور في بلاده بلغته الأم، ولا يعاني من عدم الفهم، ولا يعجز عن التعبير بما يقع في بيئته...
وتعجب بعضهم من ذكاء العربي الذي يفهم أدبه بدون عوائق؛ ولكن رأى أنه يتكيف في كل ما يدرس، لأن العلوم التي يدرسها مكتوبة بلغته العربية...
ولا يحدث التدهور اللغوي لمن كان يدرس كل مبادئ علومه بلغته الأم، ولا يأتي أي تيارنحوه أبدًا؛ لأن كمية فهمه تختلف عن الذي لا يفهم ما يدرس إلا بعد معاناة شديدة ومقاومة عظيمة...
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.