يعمل عدد كبير من العمال في دولة الصين بنظام السخرة، والغريب في الأمر أن هذا الأمر تكرر في كثير من الشركات في أنحاء العالم، والأغرب أن هذه الشركات تُعد من أكثر الشركات إنتاجية، فقد يكون هذا الكلام منافيًا تمامًا لموضوع هذا المقال. فهل توجد علاقة بين الأخلاق المهنية والإنتاجية؟ أم أنهما يسيران في واديين مختلفين؟
هي حقيقة ولا يمكن إنكارها، هناك عدد من الشركات التي لا تلتزم بالأخلاق المهنية، ومع ذلك تحقق عوائد خرافية وإنتاجية غير مسبوقة، ولكننا في هذا المقال بصدد دحض هذه الحقيقة، ونسعى إلى إظهار الجانب المظلم من هذه الحقيقة، فتابع كلمات هذا المقال لترى الحقيقة الكاملة، ولكي تعلم يقينًا أن للأخلاق المهنية تأثيرًا على الإنتاجية.
تأثير الأخلاق المهنية على الإنتاجية
لا شكَّ أن العمل لا يستقيم دون أخلاق مهنية، قد يبدو هذا الكلام كأنه يأتي من المدينة الفاضلة، ولكنه يظل حقيقة لا يمكن إنكارها، ولكن هل يمكن أن ترتفع الإنتاجية دون النظر إلى الأخلاق المهنية تجاه العمال الذين يقومون على رفع إنتاج المصانع والشركات؟
لا بد أن تعلم أن من ضمن الأخلاقيات في المهنة أن يحصل العامل أو الموظف على كامل حقوقه، فيجب أن يحصل على جميع مستحقاته المالية، وعلى الإجازات بشتى أنواعها، ويحصل على تأمين صحي، ويُعالج علاجًا جيدًا في ظل ظروف آدمية، وكل هذا يندرج ضمن حقوق الموظف التي تُعد جزءًا أصيلًا من الأخلاق المهنية.
لكننا نرى أن هناك عددًا من الشركات -وكما ذكرنا في مقدمة هذا المقال- يبخسون حقوق الموظفين، ومع ذلك يحققون نتائج وإنتاجية مبهرة، فكيف يكون ذلك؟ وهل يمكن التغافل عن الأخلاق المهنية في سبيل الإنتاجية؟
في الحقيقة، لا يوجد تعارض بين الأخلاق المهنية والإنتاجية، بل على العكس، تعزز الأخلاق المهنية الإنتاجية على المدى الطويل؛ فعندما تغيب الأخلاق المهنية عن العمل -حتى وإن وُجدت الإنتاجية- فهي مهددة في أي لحظة بالانهيار مهما كان النظام الحاكم داخل العمل صارمًا للغاية. فحتمًا مع ممارسة القهر داخل العمل وعدم الالتزام بأخلاقيات المهنة، سواء على مستوى التعامل مع الموظفين أو بين الموظفين وبعضهم البعض، فمن المحتمل انهيار الإنتاجية، لذلك يتمثل تأثير الأخلاق المهنية على الإنتاجية في النقاط التالية:
تنشر الأخلاق المهنية جوًا إيجابيًّا مع باقي زملاء العمل، إذ يلتزم الموظفون بالمعايير الأخلاقية التي ترسيها الشركة، وهنا يتم التحكم في سلوكيات الموظفين مع بعضهم البعض، ليسود جو من الاحترام والتقدير المتبادل، وبذلك ينعكس ذلك على زيادة الإنتاجية للشركة أو المصنع.
يجب أن يشعر الموظف أنه ذو قيمة في مكانه، وهناك الكثير من الممارسات التي تعزز هذا الشعور لدى الموظفين، ومنها إشراكهم في القرارات المهمة التي تخص الشركة وتخص مستقبلها التنافسي داخل السوق، وهنا يشعر الموظف أنه مسؤول مسؤولية تامة عن هذا القرار ويتعامل على أساس أنه صاحب عمل، فلا يدخر جهدًا من أجل ترقية الشركة، ومن ثم تزيد الإنتاجية على نحو ملحوظ.
تحتاج زيادة الإنتاجية إلى تنمية روح التعاون بين الموظفين، ولن يكون ذلك إلا إذا التزم الموظفون بأخلاقيات المهنة التي تجعلهم يحترمون ويقدرون بعضهم بعضًا، فمن الممارسات الجادة رفع الروح التعاونية بين الموظفين من أجل زيادة الإنتاجية.
أمثلة على الانتهاكات الأخلاقية في العمل
عندما لا يلتزم الموظف بالأخلاق المهنية، أيًا كان موقعه في العمل، فإنه قد ينتهك أخلاقيات العمل، وهنا يمكن أن يتعرض لعقوبة تليق بالخرق الذي قام به، ويجب تطبيق القانون على الموظف، ولا ينبغي أن يُستثنى من هذا الأمر؛ حتى يكون عبرة لكل موظف تسول له نفسه خرق الأخلاق المهنية في مكان العمل، ولكي يسود النظام وتسود روح العدالة التي لا تجعل الموظف يشعر بأنه مقهور ومهدد في مكانه.
لذلك، من أسوأ الممارسات داخل بيئة العمل هي انتهاك أخلاقيات العمل. وللعلم، فإن لهذه الانتهاكات الكثير من الظروف أو الأوجه التي يجب أن نتناولها في السطور القادمة.
ولكن قبل أن نتناولها، يجب أن نؤكد أن تأثير الانتهاكات الأخلاقية على العمل كبير للغاية، ومن الممكن أن تنهار المؤسسات إذا كثرت هذه الانتهاكات الأخلاقية ولم يتم التحكم فيها وأصبحت السمة الأساسية في هذا المكان.
إن السرقة من ضمن أكثر الوجوه المعروفة من أوجه الانتهاكات الأخلاقية في العمل، وهي حصول شخص على شيء لا يستحقه، أو حتى حصوله على شيء يستحقه ولكن بواسطة الطريق الخاطئ، ففي النهاية تؤدي هذه الممارسة إلى نقص الموارد الخاصة بالشركة، وبذلك تكون مهددة بالانهيار.
الوساطة التي تجعل موظفًا في مكان ما أفضل من موظف آخر؛ أي لا يكون تقسيم المواقع الوظيفية بناءً على الكفاءة والقدرة، ولكن يكون توزيعها بناءً على الوساطة والمحاباة.
التمييز العنصري بين الموظفين بناءً على اللون أو البيئة الاجتماعية التي قدم منها الموظف.
الإفصاح عن الأسرار المهنية الخاصة بالمصنع أو الشركة لأي شخص آخر خارج إطار العمل.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.