بين سرايا الليل وشفق النهار، بين كر وفر، بين الشرط الإنساني والشطر الاجتماعي، بين فلسفة وتصوف، ألا تسلب الألباب وتجم النهى!
وليل العروبة حالك... ريح الشمال هبت بآلامها، وقد قادتنا الريشة ، لنصور سحر حبيبات الثلج ونهضتها الشتوية،حيث جل الأبواب موصدة، فمن يجرؤ على تحدي الطبيعة وقسوتها؟
وفجأة، لاح طيف شخص يترك قفة رثة مرقعة، فيلتفت لها في تحسر ودمعه ينافس السيل في هطوله، وما هي إلا لحظات حتى تصاعدت أصوات عذبة شجية قد لطخها لحن الأنين، رضيع ملائكية ملامحه، أنزل من السماء هبة لوالدين على قلوبهم غشاوة، بل هم عمي لا يبصرون. مما يجبرني أن أطرح بدل السؤال ألف، فمن سيرعاه؟ من سيحميه من صقيع الشارع؟ من سيقيه التشرد؟ من؟
زعزعت تلك الأصوات أركان مدينة، تناشد الرحمة، تناجي الإيمان بل تحدث الإنسانية، ثم ترجع خالية الوفاض بعد أن أجابها الصدى راثيا لمشاعر وأحاسيس عاشت قبل سنوات طوال. فيا أسفاه على طفولة مهدورة!
ولكن ما هذا أنه باب يفتح مصدرا صريرا أمل، فاتضحت أبعاد كهل يرسم خطاه خارج داره، متجها نحو ساحة القرية، ليظفر بتلك الهدية الربانية. فحمله وكان حمله ثقيل على أمثاله، وعاد به إلى منزله الصاخب بضحكات الصبيان وتخاريفهم، وما أن تجاوز العتبة حتى افتكت زوجته الولد افتكاكا، محاولة ترميم ما خلفته دقائق التشرد تلك من جوع وبرد، وكان لليتم صدى في قلب المرأة، فكانت كلما تتأمل جماله، تذرف لؤلؤا، لذا أطلق عليه اسم أحمد، تيمنا بسيد الأنام أحمد ابن عبد الله، ومن نداء زوجها عادل تيقنا أن اسمها بل وصفتها عادلة، رعته أيما رعاية ثم وضعته في دوح خشبي، كان من المفروض أن يكون لتوأمها طه وعلي، إلا أن علي مات نتيجة إهمال صحي، ورسخت أيام طه وانسه إخوتهما المزعومة، أم هي حقيقية، شاء القدر أن تحاك فتلك رؤى إلهية.....
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.
تسجيل دخول إنشاء حساب جديد
ادعمونا لنستمر
نعبير رائع ويصل إلى القلب