يعتقد معظم الناس أن الشعر الحلمنتيشي نوع من أنواع التهريج أو أنه درب من دروب الدعابة، وهو تصور خاطئ؛ لأنه فن شعري يستلزم وجود ملكة واستعداد فطري للارتجال والقدرة على السجال.
اقرأ أيضاً الأضداد.. ماذا تعني؟ وبعض الأمثلة الشعرية عليها
الأبيات الحلمنتيشية
ويقوم على المحاكاة الشعرية لأبيات سابقة أو معروفة وفي نفس الموضوع أو في موضوع مختلف كليًّا وجزئيًّا ولكنه على نفس الوزن والتفعيلة والقافية.
وقد ساهم في هذا التصور الخاطئ أو النظرة الوهمية لهذا النوع من الفن عدة أسباب أهمها أن معظم الأبيات الحلمنتيشية نُظمت بخفة ظل أو في موضوعات كوميدية ضاحكة، كما أن اسمه ساهم بدوره في إرساء هذا المفهوم.
مع أنه سُمي بالشعر الحلمنتيشي نسبة لجمعية حلمنتيش الشعرية التي تبنت هذا النوع من الفن السهل الممتنع في مصر.
ولنأخذ أولًا مثالًا بسيطًا على مطلع حلمنتيشي كُتب محاكاةً لأبيات الشاعر سيد مصطفى "الجوز الخيل والعربية" والتي قامت بغنائها المطربة شافية إبراهيم بالاشتراك مع المطرب كارم محمود والشاعر نفسه.
اقرأ أيضاً سلسلة نماذج الشعراء النيجريين.. تعرف على أفضل الشعراء
مطلع القصيدة الحلمنتيشية
ويقول مطلع أغنية الجوز الخيل: الجوز الخيل والعربية.. أنغامهم كلها حنية.. سوق يا اسطى لحد الصبحية .. على راسي يا هانم وعينية.
ويقول مطلع القصيدة الحلمنتيشية التي تحاكي هذه الأبيات: الجوز العين العسلية.. نظرتهم كلها حنية.. يعزف على نورها الألاتية.. فكرت رموشهم صناعية.. فرستني وطلعت طبيعية.. بلَّغت عليها الداخلية.. ولا ردّت ولا سألت فيا.
ومثال آخر لقصيدة الشاعر سيد حجاب مستوحاة من "سلوا قلبي" لأمير الشعراء أحمد شوقي، يقول سيد حجاب:
سلوا قلبي وقولوا لي جوابا
لماذا حالنا أضحى هبابا
لقد زاد الفساد وساد فينا
فلم ينفع بوليس أو نيابه
وشاع الجهل حتى أن بعضا
من العلماء لم يفتح كتابا
وكنا خير خلق الله صرنا
فى ذيل القايمة وف غاية الخيابه
قفلنا الباب أحبطنا الشبابا
فأدمن أو تطرف أو تغابى
أرى أحلامنا طارت سرابا
أرى جناتنا أضحت خرابا
وصرنا نعبد الدولار حتى
تقول له إنت ماما وإنت بابا
وملياراتنا هربت سويسرا
ونشحت م الخواجات الديابه
ونهدى مصر حبا بالأغانى
فتملؤنا أغانينا اغترابا
وسيما الهلس تشبعنا عذابا
وتشبعنا جرائدنا اكتئابا
زمان يطحن الناس الغلابة
ويحيا اللص محترما مهابا
فكن لصا إذن أو عش حمارا
وكل مشاً إذن أو كل كبابا
ودس ع الناس أو تنداس حتى
تصير لنعل جزمتهم ترابا
أمير الشعر عفوا واعتذارا
لشعرك فيه أجريت انقلابا
وما نيل المطالب بالطيابه
دى مش دنيا يا شوقى بيه دى غابه
اقرأ أيضاً تعرف على الشاعر الأبيوكوتاوي علي بن محمد بن عبد العزيز
صور الشعر الحلمنتيشى
(إن كنت حبيبى ساعدنى كى أرحل عنك)
يقول فيها:
إن كنت حبيبى سلفنى
فأنا ع الجنط
أمى ترفض أن تقرضنى
وكذلك طنط
إن كنت حبيبى ساعدني
فأنا مزنوق
والديانة قد وقفوا لى
مثل الخازوق
اشتقت إليك فسلفنى
سيجارة "كنت"
علمنى كيف بلعت الأكل
وكيف سمنت؟
إن كنت حبيبى ساعدنى
كى أرحل عنك
ولكى تخلص منى اكتب لى
شيكاً ع البنك
يا من صورت لى الدنيا
كالبنك الأهلى
ولهذا قد بعتُ عيالى
وجعلتك أهلى
اشتقت إليك فعلمنى
ألا أشتاق
وادفع لى ديونى
للبقال وللحلاق
إن كنت حبيبى سلفنى
لا ترفض قط
فأنا فلسان وكم أنشال
وكم أنحط
وقريباً أرهن قمصانى
وترانى ملط!!
ومن الملفت للنظر أن فن الشعر الحلمنتيشي لم ينتشر في بلاد العرب سوى في مصر والسودان، ولا أستطيع تفسير ذلك برغم إعجاب مستمعي الدول الأخرى الشديد بهذا النوع من الفن الجميل بل وتكريمهم لرواده.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.