وبنبرة قاسية قالت: «لا تنتظر أن أضعف وأرتمي لك.»
فردَّ بصوتٍ يملؤه التعب، لا رجاء فيه ولا غضب، بل حقيقة مجرَّدة: «إن كنتِ متعبة من غيابي، فأنا متعب منكِ... وأريد أن أرتاح منكِ، لكن معك. لذلك أنا من سيرتمي، لا أنتِ».
سكتت، لا لضعف، بل لأن الكلمات فجَّرت بداخلها شيئًا ظنَّت أنه مات منذ زمن.
هو لم يعُد ذاك العاشق المتشبث بحبال وهم، ولا هي تلك القاسية التي تسعد بانكساره.
الآن، كلٌّ منهما ينهار بطريقة مختلفة.
قال بعدها وهو ينظر بعيدًا، كأنه يخاطب ذاكرته: «أحيانًا نحب من يستهلكنا، لا لأننا لا نستحق الأفضل، بل لأن الألم الذي نعرفه... أأمن من المجهول.»
سألته بصوت خافت، وقد خفّت حدّتها: «وهل أنا ألمك؟»
أجابها دون أن يلتفت: «بل مرآتي... وأنا لم أكن يومًا مستعدًا للنظر فيكِ بصدق.»
ثم استدار، ونظر في عينيها لأول مرة دون خوف، دون اشتياق، فقط نظرة شخص قرّر أن يبدأ فصلاً جديدًا، سواء كان معها أو لا.
«إن قررتِ أن ترحلي، فارحلي قوية كما كنتِ، لكن لا تنسي... أن بعض الحروب لا نربحها بالانتصار، بل بالاستسلام لمن كنا نخاف أن نصبحها.»
سكتت طويلاً بعد كلماته، شعرت بشيء يتفتَّت داخلها، شيء كانت تبنيه منذ سنوات على هيئة جدران حول قلبها.
ثم قالت، بصوت لم يكن قاسيًا هذه المرة، بل كمن فقد درعه: «أنا مرآتك؟ إذًا لماذا كلما نظرت إليك رأيت امرأة لا تشبهني؟»
ابتسم بمرارة وقال: «لأنك لم تعودي ترين نفسك، ترين ما فعلناه ببعض... وما لم نجرؤ أن نكونه معًا.»
اقتربت منه ببطء، كأنها تخشى أن تهدم المسافة بينهما فجأة.
ثم قالت: «كلانا أخطأ... لكن التعب الذي في صوتك، والتعب الذي في صدري، يخبرني أننا لم نخطئ في الحب، بل في طريقة حبنا.»
أطرق برأسه، شعر أن الكلمات وجدت طريقها إليه، أخيرًا، دون مقاومة.
فقال: «الحب لا يكفي إن لم نكن مستعدين للشفاء معًا. لا أريد حبًا آخر، ولا امرأة تشبهك. أريدكِ، ولكن بنسخة لا تؤذينا.»
مدت يدها إليه، لأول مرة دون خوف من أن تبدو ضعيفة.
وقال هو وهو يمسك يدها: «إن كان لا بد أن نرتاح، فلنرتح من الألم لا من بعضنا.»
ثم سارا سويًا... لا إلى نهاية خرافية، بل إلى بداية جديدة.
رائعة.......جدا 🙏🌹
🎀♥️
👍👍👍💐💐💐👏👏👏👐
♥️🎀
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.