آلة السمسمية تراث مصري أصيل، يُستخدم في البلاد الساحلية أو مدن القناة مثل بورسعيد والإسماعيلية والسويس، وترجع جذورها إلى مصر القديمة، فبداية هذا التراث يرجع إلى آلة "الهارب".
وآلة "الهارب" هي آلة موسيقية وترية، استُخدمت في مصر قبل عصر الأسرات، أو عندما كانت مصر أقطارًا متفرقة، ثم توحدت هذه الأقطار على يد الملك مينا. وتوجد نقوش كثيرة على المعابد المصرية لتوثيق هذه الآلة، وكانت تستخدم في ترانيم الصلاة، وأيضًا استخدمت مع الأغاني الحماسية في حب الوطن ودعم الجيش.
تطور آلة السمسمية ونشأتها
تطورت آلة "الهارب" مع الوقت، وأصبحت أصغر حجمًا، وعدد أوتارها سبعة أوتار مصنوعة من أمعاء الحيوان، وحملت اسم آلة "الكنارة"، واستخدمت "الكنارة" في مصر القديمة، وتغير شكلها نوعًا ما في بلاد النوبة، وحملت اسم "الطنبورة".
ظلت آلة "الكناري" تُستخدم في مصر القديمة حتى انتهاء عصر تكوين الأسرات. بعد ذلك انحصرت في مدن الصعيد (جنوب مصر). وفي القرن التاسع عشر وفي أثناء حفر قناة السويس، نقل الصعايدة الذين كانوا يعملون في الحفر هذه الآلة إلى مدن القناة.
وصلت آلة "الكناري" مدن القناة، فطورها أهالي القناة، وأصبحت عبارة عن علبة من الخشب أو طبق من الصاج مشدودًا عليه جلد رقيق جدًّا، ولها ذراعان بينهما مسافة طويلة نوعًا ما، ويسمى هذان الذراعان بالمداد، ويربط هذين الذراعين ذراع ثالث يجعلها على شكل مثلث ويُسمى حمالة، ويُربط بخيوط قوية من أمعاء الحيوان، ويُزيَّن بالنقوش والخرز ورموز نابعة من هوية أهل القناة. وسُميت بعد ذلك باسم "السمسمية".
كان لمدينة بورسعيد الفضل الأكبر في تطوير هذه الآلة، بل حولتها من مجرد آلة موسيقية إلى فن موسيقي له شعائر. ففي بورسعيد أبدعوا في إنشاء رقصة خاصة بموسيقى السمسمية أطلقوا عليها رقصة البامبوطية، وأصبحت السمسمية والبامبوطية تراثًا واحدًا ولا يمكن أن يفترقا.
اشتهر فن السمسمية في مصر كلها بعد العدوان الثلاثي على مصر ومقاومة أهل القناة للاحتلال، واستخدم هذا الفن كتراث ساحلي يبث الحماسة والشجاعة في أهل هذه البلاد لمقاومة الاحتلال، وكان من أشهر الأغاني التي وثقت هذا الفن الأغنية الشهيرة "أبوي وصاني" التي اعتبرت من أشهر الأغاني الحماسية في تاريخ الغناء المصري.
انتقل فن السمسمية من مدن القناة المصرية إلى المدن الساحلية في الدول المجاورة، وأصبح مع الوقت تراثًا لهم.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.