في الثمانينيات، كانت الحياة أكثر سحرًا من أي وقت مضى، على الرغم من بساطتها؛ كنا نعيش تفاصيل صغيرة، لكنها كانت تكفي لأن تجعل من كل يوم مغامرة جديدة.
في ذلك الزمن، كانت الأشياء البسيطة تعني الكثير.
اقرأ أيضًا فيلم مسافر بلا طريق.. أيقونة المخرج علي عبد الخالق
"الحجلة: رقصة الأقدام الصغيرة"
في زوايا الشوارع الضيقة، حيث كان أسفلت الأرض هو ملعبنا، كنا نلعب الحجلة بأقدام خفيفة وحماس لا ينتهي.
خطوط الطباشير المرسومة على الأرض كانت هي الحدود التي نركض بينها، وعندما نصل إلى "البيت"، كنا نشعر وكأننا فزنا بأكبر جوائز الحياة.
"كنوز الشوارع: البلي والكوتشينة"
كانت البلي، كرات الزجاج الصغيرة اللامعة، أسلحة سرية نستخدمها في معاركنا الصغيرة.
على التراب، وفي كل زاوية من أزقتنا، كنا نتحايل على الجاذبية بقفزات ماهرة، نجمع البلي في أكياس، نحرص على اختيار الأجمل والأنقى منها.
والكوتشينة كانت تُحكى معها حكايات بطولات لا تُعدُّ ولا تُحصى، حيث كنا نتراهن ونتحدى بعضنا في جلسات لا تنتهي تحت أشعة الشمس.
اقرأ أيضًا حوار لم تنشره الصحف مع أديب الجاسوسية المصري نبيل فاروق
"مفاجآت أكياس الشيبسي"
لكن، لا شيء كان يُضاهي فرحة فتح كيس الشيبسي. كنا نبحث فيه بحذر، ومع كل قطعة نخرجها، كانت المفاجآت تتوالى.
النقود الصغيرة، الألعاب البلاستيكية ذات الألوان الزاهية، الملصقات المبهجة لشخصياتنا المفضلة، وأحيانًا قطع معدنية صغيرة أو حتى بطاقات تجميع.
كان الكيس يحمل أكثر من طعمه المالح؛ كان يحمل لحظات من السحر البسيط الذي جعلنا نشعر أننا نملك العالم بين أيدينا.
"التليفزيون: ألف ليلة وليلة وفوازير فطوطة ونيللي وشيريهان"
في المساء، كان التليفزيون يشع نورًا خاصًا. لم يكن هناك برنامج لا ينتظره الجميع بفارغ الصبر.
"ألف ليلة وليلة" كانت تأخذنا إلى عالمٍ بعيد، حيث الأمير نور وعروس البحور يواجهان المجهول في مغامرات أسطورية.
أما الأشكيف وست الملاح، فقد كانا بطلين جديدين، يقفزان من خلال الشاشات ليأخذانا إلى عوالم مليئة بالدهشة.
ولا ننسى تلك الحكايات والعجوزة أم منقار التي كانت تخيفنا بضحكتها ونبرة صوتها وتطاردنا كل مساء في أحلامنا.
ثم لا يمكن أن نغفل عن فوازير فطوطة ونيللي وشيريهان. كانوا يغرقون الشاشة باستعراضاتٍ ساحرة، يقدمون عروضًا لا تشبه أي شيء، وكل واحد منهم كان يحمل في قلبه شيئًا خاصًا.
كانت هذه الفوازير تملأ ليالينا بالبهجة، وتزرع فينا شغفًا لا يتوقف.
اقرأ أيضًا عيدٌ بِأَيَّةِ حالٍ عُدتَ يا عيدُ
"حكايا الجدات: خيوط من السحر"
بعد تلك العروض، كانت تأتي الحكايات التي تُرويها الجدات. كانت الحكايات لنا عالمًا آخر، حيث كانت الجدة تجلس بجانبنا وتحكي عن أميراتٍ شجاعات وطيورٍ غريبة، وأبطال كانوا يواجهون عوالمهم الخاصة.
وكانت الحكايات، مثل ألف ليلة وليلة، تنبض بالحياة أمامنا، وتجعلنا نغرق في أحلاملا تنتهي.
"طفولة من ذهب"
جيل الثمانينيات كان يعيش لحظات صادقة. لا تكنولوجيا، ولا هواتف، ولا سوشيال ميديا، ومع ذلك كانت أيامنا مليئة بالسحر.
كانت ألعابنا بسيطة لكنها عميقة، ومفاجآت أكياس الشيبسي تملأ قلوبنا بالسعادة.
كنا نملك شيئًا أكبر من أشياء اليوم: كنا نملك ذكريات جميلة، محكومة باللحظات الصغيرة التي لا تعود.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.