«بثينة وخاتم الألماظ»..قصة قصيرة

بعد أن رفضت أمه أن يخرج كي يلعب في الشارع أمام البيت، راح سامر، الطفل الصغير، يلعب في البيت، في حين كانت أمه بثينة منهمكة في المطبخ تجهز الطعام. دخل غرفة النوم الخاصة بوالديه وأخذ يعبث بعلب الزينة الموضوعة أمام المرآة الكبيرة في الغرفة فوق التسريحة.

وجد خاتم الألماس الخاص بأمه فوق التسريحة، التقط الخاتم وأخذ ينظر إليه. أعجبه أنه يعكس الضوء ويتلألأ، وضعه في جيب بيجامته لكي يتسلى به.

في المساء، عندما دخلت الأم إلى غرفتها، جلست أمام التسريحة تمشط شعرها، فجأة أصابها الهلع، وراحت تقول: الخاتم… أين الخاتم؟ أخذت تبعثر علب الزينة وتبحث في كل مكان، فتحت أدراج التسريحة، قامت من مكانها، فتشت في دولاب الملابس وفي كل أرجاء الغرفة، لم تعثر له على أثر.

كاد قلبها أن يتوقف، فكرت ماذا ستخبر زوجها عندما يعود إلى المنزل، إنه خاتم الزواج، تمنت أن تموت على أن تخبر زوجها بضياع خاتم الزواج الألماس. راحت تفكر في الخادمة التي كانت تنظف البيت في الصباح.

سامر لم يتكلم من شدة الخوف، فقد وقع الخاتم من جيب البيجاما في بالوعة الحمام وهو يغتسل، ولم يستطع أن يلتقطه بعد أن جرفته المياه واختفى داخل البالوعة. كان يتابعها وهي تفتش كل أرجاء المنزل وتدعو الله أن تجد الخاتم، وهو يعلم أنها لن تجده.

عاد الزوج في المساء، لم تخبره في البداية، أحضرت له الطعام وجلست أمامه دون أن تأكل شيئًا. سامر أغلق عليه غرفته وتظاهر بالنوم. لاحظ الزوج أن زوجته واجمة حزينة، سألها: ماذا بك؟ لماذا لا تأكلي؟ هل حدث شيء؟ هل الولد بخير؟

بعد تردد وإلحاح منه، أخبرته أن الخاتم الألماس اختفى. قال لها بحدة: خاتم الزواج؟ ماذا تقصدين بأن الخاتم اختفى؟ قالت: كان موجودًا فوق التسريحة، ودخلت الغرفة فلم أجده.

قال: كيف هذا؟ هل دخل أحد إلى الغرفة؟ هل أتى أحد لزيارتنا اليوم؟ هل كانت الخادمة موجودة؟ كيف تتركين خاتم ألماس هكذا على التسريحة؟

لم ترد، بدأت في البكاء ثم قالت: إنه كان فوق التسريحة، ولم يدخل أحد إلى الغرفة. الخادمة كانت هنا في الصباح الباكر، وكنت معها أتابعها وهي تنظف البيت، ولم تدخل غرفة النوم.

كان الخاتم موجودًا بالأمس، ولا أتذكر أنني رأيته اليوم. أنهى الزوج الطعام مغضبًا ودخل إلى غرفة النوم واستلقى على السرير. راح يفكر في اليوم السابق، لقد استقبلوا أخت زوجته سعاد وأخوها سعيد وأبناءهم على الغداء… لكن لم يدخل منهم أحد إلى الغرفة ما عدا سعاد التي دخلت مع بثينة بعض الوقت. معقول… تكون أخذت الخاتم خلسة؟ إنها دائمة الشكوى من قلة دخل زوجها ومصاريف الأولاد.

سعيد أخوها أيضًا شخص مستهتر وأبناءه مثل الشياطين. راح خالد الزوج يشك في كل الأشخاص، حتى زوجته لم تسلم من شكوكه، وبثينة أيضًا شكت في كل الأشخاص، حتى زوجها، لكن لم يُعرب أحدهما للآخر عن شكوكه. حدثت شبه قطيعة بينهما، وأصبح الكلام مقتضبًا، فالخاتم إلى جانب أنه خاتم الزواج، خاتم غالي الثمن، ولا يستطيع خالد تعويضه الآن.

ساءت العلاقة بين بثينة وبين أختها وأخيها. اتهمت الخادمة التي أنكرت بشدة، ولم تعد تأتي إلى المنزل. زاد الطين بلة أن بثينة لجأت للعرافين، بعد أن أخبرتها إحدى صديقاتها أن شخصًا يقرأ الفنجان ويعرف الأسرار، فذهبت إليه، والمفاجأة أنه وصف لها سارق الخاتم وصفًا ينطبق تمامًا على أخيها. فأخبرت أمها التي واجهته، وحدثت بينه وبينها مشادة كبيرة.

لما رأى سامر الأمور تسوء بين أمه وأبيه والعائلة كلها، وعلى الرغم من الخوف الشديد، ذهب إلى أمه وأخبرها أن الخاتم قد وقع منه في الحمام. لم تصدقه، وأشفقت عليه واعتبرته يهذي بأي كلام حتى يحل المشكلة.

حاول أن يقنعها، لكنها لم تأخذ كلامه على محمل الجد أبدًا، فاستسلم وسكت. أقسم سعيد ألا يزور أخته مرة أخرى، وكذلك انقطعت سعاد وبقية أفراد العائلتين عن زيارة بيت خالد وبثينة.

بدأت العلاقة بين خالد وبثينة تعود تدريجيًّا، لكنها كانت مكدرة وغير صافية كما كانت من قبل.

بعد عدة أشهر، حدث انسداد كبير في بالوعة الحمام، أغرقت مياه الصرف أرضية الحمام. أحضر خالد عامل السباكة لإصلاح ماسورة الصرف، عندما كان العامل يخرج المواد الصلبة التي سدت الماسورة بواسطة ذراع معدني له مخالب تلتقط الأشياء، أخرج كومة من الشعر والخيوط.

لاحظ خالد والعامل معًا جسمًا معدنيًّا بين الخيوط والشعر، أمسك به العامل وأزاح ما عليه من خيط ووسخ، فإذا هو خاتم بفص ألماس. لم يصدق خالد ما رأى، أمسك الخاتم وصرخ على زوجته بأعلى صوته: بثينة… بثينة… الخاتم… الخاتم!

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

شكرا جزيلا لك 🍀🍀🍀🍀🍀
أضف ردا

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مقالات ذات صلة