انزياح القارات.. نظرية الانجراف القاري

رحلة استكشافية مذهلة في أعماق تاريخ الأرض تكشف عن كيف تكوَّنت قاراتنا الحالية عبر ملايين السنين، من قارة بانجيا العملاقة إلى الانفصال التدريجي، نتعقب الاكتشافات الجيولوجية الحاسمة ونستعرض نظرية الانجراف القاري لألفرد فجنر. ونكشف الأدلة القوية من تطابق السواحل والتكوينات الصخرية والحفريات التي تثبت حركة القارات المستمرة وتأثيرها العميق على المناخ والحياة على كوكبنا. انضم إلينا في استكشاف هذه الظاهرة الطبيعية الآسرة.

لقد كانت الدراسات الجيولوجية للأرض وتكوُّن القارات على ما كانت عليه، إحدى الدراسات الحديثة التي استحوذت على اهتمام العلم والعلماء، فما زلنا إلى الآن نكتشف مزيدًا ومزيدًا من أسرار الأرض وكيفية تكوُّن القارات.

نظرية فجنر: كيف بدأت قصة القارة العملاقة «بانجيا»؟

فقد كانت معظم منطقة اليابسة -حسب تاريخ القارات- تقع شمال خط الاستواء، فعندما بدأت الديناصورات تجول أنحاء العالم القديم كانت القارات قديمًا متصلة ببعضها في كتلة ضخمة امتدت من القطب الشمالي إلى القطب الجنوبي، ومنذ ذلك التاريخ بدأت تلك القارة العملاقة تنقسم إلى قارات كما نعرفها في وقتنا الحالي.

القارة العملاقة قديمًا

ففي عام 1912 م قدم الجيولوجي الألماني المعروف باسم ألفرد فجنر اقتراحًا ألا وهو أن القارات كانت في الأصل قارة واحدة ضخمة، وكانت تسمى «بانجيا» وتعني باللغة الإغريقية أم القارات.

براهين فجنر على الانجراف القاري.. تطابق وتكوين القشرة

قد تبنى هذا الاقتراح بدليل وهو أن منذ مئات السنين بدأت قارة «بانجيا» في التشقق، وكان فجنر يعرف أن قشرة الأرض حسب دراساته تتكون من نوعين رئيسين: قارات انغمرت في صخر أكثر كثافة وهو صخر البازلت، وقارات الجرانيت التي هي طبقات طافية على قشرة البازلت.

وقد برهن على أن القارات تنجرف ببطء، حتى وقتنا الحاضر اكتشف العلماء فعلًا أن حركة القارات هي فعلًا بطيئة وتتحرك ما بين سنتيمتر واحد إلى 12 سنتيمترًا في السنة حسب تقديرات الجيولوجيين.

انجراف القارات

الحركة البطيئة والقوة الهائلة للقارات.. كيف تتشكل الجبال؟

وعلى الرغم من الحركة البطيئة للقارات؛ فإنها تتحرك بقوة هائلة بسبب كتلها الضخمة، وقد أوضح فجنر أن الحافة الأمامية من أي قارة التي تتحرك خلال قشرة البازلت، ستنبعج لأعلى مكونة سلاسل جبلية.

وقد تكونت جبال الألب عند اصطدام أوروبا بإفريقيا، وجبال هيمالايا عند اصطدام آسيا بالهند، والبحر المتوسط كان أحد الآثار الباقية لبحر التيتان، فقد امتد البحر المتوسط نحو الشرق والغرب، وأوضاع القطبين الشمالي والجنوبي أدت إلى ظروف مناخية مختلفة تمامًا في مناطق معينة عن ظروفها المناخية الحالية، فقد كانت بريطانيا تعيش حياة استوائية.

دليل أسماك الإنكليس غريزة موروثة تشهد على اتصال القارات

ووضع فجنر أيضًا فرضآ آخر، فقد درس الرحلة الطويلة التي تقوم بها أسماك الإنكليس الأوروبي بسبب رحلة التزاوج في البحر الكاريبي، وتوصَّل إلى نتيجة مفادها أن أسماك الإنكليس لديها غريزة موروثة يرجع تاريخها إلى الزمن الذي كانت فيه أمريكا وأوروبا متجاورتين. 

وبناء على اقتراحات وبراهين ألفرد فجنر فقد ظل العلماء يفكرون بارتياب شديد في المقترحات والأدلة، ومع مرور الوقت تم اكتشاف انزياح القارات بأدلة واقعية شهدتها البشرية.

هجرة أسماك الإنجليس

فعندما تم مقارنة شكل سواحل غرب إفريقيا بسواحل شرق أمريكا الجنوبية اتضح أنهما قد انفصلا عن بعضهما في يوم من الأيام، وإذا تم وضع القارات في موضع المقارنة فليس من حدود السواحل وإنما عند مراكز الرفوف القارية تحت البحر، فلا يزال التواؤم إلى الآن موجودًا، فقد كانت أمريكا وإفريقيا متصلتين أي كتلة واحدة.

الأنتاركتيكا وأمريكا الشمالية رحلة عبر خطوط العرض

ومع الاكتشافات الجديدة تم اكتشاف أن تكوين الصخور في أجزاء شرق أمريكا الجنوبية تتطابق تمامًا مع تكوينات الصخور في غربي إفريقيا، وقد ساعدت نظرية الانجراف القاري التي وضعها علماء الأرض في تفسير الصلة الوثيقة بين أنواع الحيوانات في الأراضي التي يفصلها الآن المحيط الأطلنطي.

ومع مرور الزمن فقد تزحزحت القارات مسافات واسعة جدًا، وبفحص الحفريات الموجودة بالصخور استطاع العلماء أن يرسموا مخططًا لتاريخ منطقة ما.

على سبيل المثال، تم اكتشاف أن قارة الأنتاركتيكا كانت تقع في زمن ما في المنطقة المدارية، وأمريكا الشمالية كانت تقع على خط الاستواء، وبقياس اتجاهات المجال المغناطيسي في صخور ذات أعمار مختلفة استطاع الخبراء رسم انجراف أراضي الصيد في بريطانيا منذ وقوعها جنوب خط الاستواء منذ مئات السنين الماضية.

ما زالت حركة القارات تمثل لغزًا علميًا متجددًا يحفّز الجيولوجيين في العالم على البحث والتقصي، وفي حين تواصل اليابسة تحرُّكها البطيء، تظل آثار الماضي ماثلة في الصخور، والمجال المغناطيسي، والحياة القديمة.

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

مرحبا من جديد، أشكرك على شرحك الرائع والشيق، دمتي رائعة، ودمتم بخير وسلام وسعادة.
أضف ردا

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مقال مفيد و كاتبة ذكية و مبدعة
أضف ردا

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.