تذخر كرة القدم بالمشاعر الحادة كالغضب الشديد والحزن العميق والفرح الكبير، وذلك لارتباط كرة القدم ارتباطًا وثيقًا بالجماهير التي تندفع عاطفيًّا في مؤازرة الفريق الذي تشجعه.. تعيش أفراحه وانكساراته بردود أفعال عاطفية قوية، ولعل من أكثر الأشياء والأمور التي يتفاعل معها الجماهير بحدة كبيرة، انتقال لاعبيه إلى فريق آخر، أو انتقال لاعبي الفريق الآخر إلى فريقه، ورغم أن هذا أمر طبيعي فإنه أحيانًا يخرج عن الحدود المألوفة عند انتقال أحد النجوم المحبوبين والمرتبطين والمعروفين بانتمائهم للفريق إلى فريق آخر، والأكثر حدة وقوة، انتقال ذلك اللاعب إلى الخصم المباشر والمنافس اللدود لفريقه السابق، وهو ما يجعل عملية الانتقال أشبه بإلقاء قنبلة ذات تأثير كبير في جماهير فريقه السابق، وموجة من الفرح والإحساس بالزهو والانتصار لدى عشاق فريقه الجديد، والتاريخ الكروي حافل بمثل هذه النماذج والأمثلة التي لا ينساها المشجعون والمتابعون من مختلف الأجيال في كل مكان في العالم.
وفي هذا المقال نتعرض إلى أبرز حالات الانتقال الصارمة لنجوم كرة القدم، الذين اختاروا طواعية الانتقال من فرقهم التي ارتبطوا بها إلى الخصوم، بطريقة درامية كبيرة.
اقرأ أيضاً أرسنال ومانشستر سيتي وصراع الدوري الإنجليزي الممتاز
سول كامبل من توتنهام إلى أرسنال
لا شك أن انتقال سول كامبل نجم فريق توتنهام الإنجليزي في عام 2001 إلى خصمه اللدود أرسنال، كان ضربة قوية لجماهير توتنهام، التي لم تتوقع أبدًا أن ينتقل نجمها الدولي -الذي ارتبطت به الجماهير وأعدته أحد النجوم التاريخيين في توتنهام- إلى أرسنال، من بين كل الأندية الإنجليزية التي قدمت عروضًا للاعب، وكأنه اختار أن يعادي فريقه القديم، وهو ما أثار ضجة كبيرة بين مشجعي الفريق.
أطلقت رابطة مشجعي توتنهام الرسمية لقب الخائن على اللاعب سول كامبل، وقالت إن ما فعله لا يقل عن الخيانة العظمى، لأننا نعد توتنهام هو وطننا وسول كامبل قد خان هذا الوطن.
اقرأ أيضاً نادي برشلونة الاسباني القاب وانجازات في كل المحافل
أشلي كول من أرسنال إلى تشيلسي
والأمر نفسه تمامًا حدث مع اللاعب الدولي أشلي كول، الذي كان مرتبطًا بجماهير أرسنال ودائمًا ما يظهر حبه وانتماءه لفريق المدفعجية، لكنه تلقى عرضًا كبيرًا للانتقال إلى تشيلسي الإنجليزي الغريم المباشر لأرسنال، وهو ما أصاب الجماهير بصدمة كبيرة، واتهمت المدرب البرتغالي جوزيه مورينيو بترتيب الصفقة بسرية لخطف الظهير الأيسر الدولي لمنتخب إنجلترا، عن طريق لقاءات سرية في أحد مطاعم لندن.
هو ما جعل مشجعي فريق أرسنال يلقون الأوراق النقدية المزيفة التي تحمل صورة أشلي كول على أرضية الملعب، وذلك للتعبير عن غضبهم، كما أطلقت عليه اسم كاشلي كول، في إشارة إلى حبه للمال وتفضيله العرض المادي الذي عرضته عليه إدارة تشيلسي.
اقرأ أيضاً هل ينتقل ميسي للهلال السعودي؟
إبراهيموفيتش من يوفنتوس إلى إنتر ميلان
في عام 2006 حدثت مفاجأة كبيرة جدًّا في الدوري الإيطالي، إذ حكمت المحكمة بإقصاء نادي يوفنتوس من بطولة الكالتشيو إلى بطولة الدرجة الثانية بعد تورطهم في أعمال مراهنات، أدت إلى سحب بطولتي الدوري الأخيرتين ومنحهما لفريق الإنتر، وهبوط السيدة العجوز إلى دوري الدرجة الثانية.
هو ما جعل اللاعب السويدي الكبير زلاتان إبراهيموفيتش يتخلى عن نادي يوفنتوس من أجل البحث عن مصلحته الشخصية، بعيدًا عن الانتماء والوفاء والأمور العاطفية، فقرر الذهاب إلى الخصم المباشر وهو إنتر ميلان، وهو الأمر الذي تلقته جماهير يوفنتوس بغضب شديد يتناسب تمامًا مع الشخصية الإيطالية العاطفية، وألقوا الشتائم والألقاب السلبية على إبراهيموفيتش، وهو ما قابله اللاعب بكثير من البرود يتناسب أيضًا مع شخصيته السويدية، ووصفوه بالخائن، واعتاد كثير من جماهير يوفنتوس توجيه السباب والشتائم إلى إبراهيموفيتش في أثناء مباريات فريق الإنتر، لكنه كان يرد بابتسامة وثقة ويقول إنه في انتظار شتائم أخرى لأن هذا هو ما يدفعه للأمام.
اقرأ أيضاً رحيل بوسكيتس.. هل ذهب جيل برشلونة الذهبي بلا رجعة؟
لويس فيجو من برشلونة إلى ريال مدريد
ولعل أبرز الصدمات التي تلقتها الجماهير في انتقال اللاعبين إلى الخصوم هي الصدمة التي تلقتها جماهير برشلونة الإسباني، حينما انتقل نجمها الكبير لويس فيجو عام 2000 إلى الخصم اللدود ريال مدريد، وذلك بعد قضاء 5 سنوات في كتالونيا أحرز فيها فيجو 45 هدفًا في 249 مباراة، وأصبح أفضل لاعبي العالم، وارتبطت الجماهير في برشلونة بلويس فيجو ارتباطًا عاطفيًّا كبيرًا.
ما جعل الأمور صعبة جدًّا بعد انتقال لويس فيجو إلى ريال مدريد، وهو ما قابلته الجماهير بعنف شديد تجلى في صافرات الاستهجان مع كل كرة يلمسها لويس فيجو، إضافة إلى قذفه بالطماطم أحيانًا، ووصل الأمر إلى إلقاء رأس خنزير على لويس فيجو في أثناء أحد لقاءات الكلاسيكو بين ريال مدريد وبرشلونة، ومن ناحيته برر لويس فيجو انتقاله بأنه جزء من الاحترافية في عالم كرة القدم، وأن المشاعر تأتي بعد المصلحة والمجد الشخصي، وهو لاعب محترف يمكنه أن يلعب في أي مكان.
لكن الأمر لا يزال مشتعلًا حتى الآن وبعد مرور 23 سنة على انتقال لويس فيجو، حتى بعد أن اعتزل ممارسة كرة القدم، فجماهير برشلونة لا تنفك تعلن كراهيتها للاعب الذي خان الفريق من وجهة نظرهم.
الأهلي والزمالك
أما عربيًّا فإنه توجد منافسة كبيرة بين قطبي الكرة المصرية الأهلي والزمالك على مستوى الصفقات وعلى مستوى الانتقالات بين الفريقين، فبين حين وآخر يسدد أحد الفريقين ضربة فنية إلى الفريق الآخر، ويحصل على خدمات أحد نجوم الفريق، وهو ما يشغل الرأي العام في مصر في هذه المرحلة بعد انتقال نجم فريق الزمالك إمام عاشور إلى النادي الأهلي، وهو ما مثَّل صدمة لجماهير الزمالك، التي لم تصدق الأمر حتى آخر لحظة.
إذ إن إمام عاشور كان دائمًا وأبدًا يظهر حبه وانتماءه وعشقه وارتباطه بنادي الزمالك وجماهير نادي الزمالك، وهو إلى ذلك في مواقف كثيرة أساء السلوك تجاه جماهير النادي الأهلي وإدارته، وهو ما جعل من المستحيل من وجهة نظر مشجعي نادي الزمالك إتمام انتقال إمام عاشور إلى الأهلي، ولكن في عصر الاحتراف وربما في عصر الضربات المتبادلة استطاع النادي الأهلي الحصول على خدمات اللاعب.
وقد كانت أقوى صفقات الانتقال بين لاعبي الأهلي والزمالك على مدار السنوات هي انتقال رضا عبد العال نجم الزمالك السابق ومنتخب مصر إلى النادي الأهلي في تسعينيات القرن الماضي، في صفقة كان دويها هائلًا في مصر والعالم العربي، وربما أيضا كان المقابل المادي للصفقة خياليًّا في ذلك الوقت، إذ وصل إلى مبلغ 650 ألف جنيه، في وقت كانت عقود اللاعبين لا تتجاوز 100 ألف جنيه.
ورد نادي الزمالك في بداية الألفية الجديدة بضربة فنية قوية يسميها عشاق الزمالك صفقة القرن، وهي انتقال التوأم إبراهيم وحسام حسن إلى صفوف نادي الزمالك، وهما لاعبان تاريخيان شاركا في صناعة اسم وتاريخ النادي الأهلي.
ثم ذهبا إلى الزمالك ليشاركا أيضًا في صناعة اسم وتاريخ نادي الزمالك، وهو ما يجعلنا نقف لحظة لنتساءل، هل انتقال اللاعبين إلى الفريق الخصم خيانة ويقول المشجعون، أم أنها مسألة شخصية بالنسبة للاعب الذي يبحث عن مصلحته المادية ومجده الشخصي في هذه اللحظة، وأن الموضوع لا يتعدى دائرة الاحترافية والعمل الحر؟
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.