«الچيجولو».. رجل بلا روح لكن بلمسة سحرية

الچيجولو، ذلك الكائن الذي لا يعترف بالزمن، ولا يعير انتباهًا للندم. هو بائع الوهم، صانع الأمل المؤقت، يختار قلب كل امرأة ليغزوها بلغةٍ سحرية لا تستطيع مقاومة سحرها.

هو الرجل الذي يملك المفاتيح، لكنه لا يدرك أن وراء كل بابٍ قد يختبئ جحيمٌ لا يراه. لا هو عاشق، ولا هو فنانٌ في الحب، بل هو مجرد مراوغ ماهر في فنون الخداع، يبني مملكة من الوعود الكاذبة ويدمرها بعينين فارغتين.

حينما تلتقي به أول مرة، يظن قلبك أنه أمام فارس أحلامك. يملأ عينيه الغموض والجمال، يحاكي كلمات الشعراء الذين يكتبون عن العشق بألسنتهم المبللة بالدم. يقول لك كل ما تريدين سماعه، يتقن الإيماءات التي تعتقدين أنها تعبير عن حبٍّ حقيقي، لكنه في الحقيقة يزرع قلبك بذرة من الكذب لا يمكن أن تُنبت إلا الخيبة.

هو يعلم متى يكون غريبًا ومتى يكون مألوفًا، يعرف كيف يغلف نفسه بكلمات لا تقدر على الخروج من فمه إلا في اللحظة التي تشعرين فيها بأنك في قلب عالمه، حين تُغرقين في دوامة من الأسئلة حول ما إذا كان هذا حقًا الحب الذي طالما حلمت به.

اقرأ أيضًا: التستوستيرون الذكري.. هل يختصر كلمة "رجولة"؟

لكن الحقيقة مرة، والـ"چيجولو" لا يتقن سوى فنِّ اللعب على أوتار الأحاسيس. هو ليس الرجل الذي يُفكر في غدٍ، بل هو يعيش في اللحظة، يحصد ثمرة الوهم الذي زرعها في قلبك، ثم يختفي كما يأتي. لا تملكِين سوى أن تسألي نفسك: هل كان مجرد حلمٍ عابر؟ أم أن تلك اللمسات كانت فقط خدعة؟

الـ"چيجولو" هو ضحية لغروره، وفي ذات الوقت هو أداة لملء الفراغات التي تتركها الحياة في قلب الأنثى. هو ذلك الشخص الذي يقدم نفسه بأبهى صورة، رجلٌ له عيونٌ تحكي قصة جمالٍ لا ينتهي، لكن هذا الجمال ليس سوى قشرة، والداخل منه فارغ تمامًا، بلا محتوى، بلا روح. يتلاعب بأحاسيسك كما لو كانت خيوطًا في يده، يخلق لكِ رغبات لم تعرفيها من قبل، ثم يختفي فور أن يدرك أنه قد حصل على ما كان يريد: نفسك، أموالك، حلمك المؤقت.

عندما تغرقين في عالمه، تشعرين وكأنك في حالة من التوهج، كل لحظة مع هذا الرجل تصبح وكأنها آخر لحظة في العمر. لكنه يتركك في النهاية، ولا يبقى منه سوى أصداء الوعود الفارغة التي كانت تبدو في لحظةٍ ما صادقة. تكتشفين في النهاية أنه لا يوجد سوى بقايا قناعٍ ملون كان يرتديه طوال الوقت. وعندما يرحل، لا يبقى لكِ سوى تلك الندبات التي لن تلتئم بسهولة.

لكن هل يلام الچيجولو؟ هل هو حقًا الوحش في القصة أم أن الضحية هي تلك الأنثى التي اختارت أن تعيش مع سرابٍ طويل الأمد؟ في النهاية، كلا الطرفين كانا يسيران على حافة الهاوية، في رقصةٍ مع الموت، في حين يظنان أنهما يرقصان في حياةٍ حقيقية. الچيجولو هو التجسيد الفعلي لرغبات الإنسان الذي لا يقنع، والذي يرى في النساء كائنات يمكن امتلاكهن وتركهن متى شاء. هو ذلك السراب الذي يداعب الأعين، لكنه لا يقدم شيئًا سوى الآلام التي تتركها الخيبات.

اقرأ أيضًا: كيف يتعامل الرجل مع المرأة في المجتمع الشرقي؟

وفي النهاية، تبقى الحقيقة واضحة: الچيجولو لا يحب، لكنه يعيش على آلام الآخرين. يتنقل بين القلوب كما يتنقل الضوء بين ظلال الأشجار. ولا شيء يظل ثابتًا في حياته، إلا أنه يظل قادرًا على صنع الحزن بشكل مبتكر، يبتكر الأوهام ويزرعها في قلوب ضحاياه، ثم يرحل تاركًا خلفه بقايا من حلمٍ مغشوش وحبٍ زائف.

فهل يستحق الچيجولو أن يُسَمَّى رجلًا؟ أم هو مجرد خيال يسكن في لحظات ضعفنا، ليتغذى على آلامنا؟

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مقالات ذات صلة