اليهود -كأقلية- لم يكونوا عنصرا بعيدا عن التناول في السينما.. ففي نظر صناع السينما اليهود مصدر ميلودرامي جيد لاستقطاب الجمهور وطرح الرؤى.. فئةٌ ذات تاريخ غني بالتنكيل والاضطهاد.
وبهذا استطاع العديد من الكتّاب والمخرجين أن يبتزوا مشاعر التعاطف من الجمهور بقصص اليهود تحديدًا.. سواء من العهود القديمة أم من خلال العهود القريبة وتحديدًا خلال فترة الحرب العالمية الثانية، أو كذلك المأخوذ منه عن قصة فيلم قصير.
اقرأ ايضاً 10 أفلام حرب عالمية تستحق المشاهدة
اليهود في منطقة شائكة
مع الوقت أصبحت قصص اليهود على الشاشة مألوفة لي نوعًا ما.. أفتح ملف الحرب العالمية الثانية في ألمانيا أو أي بلد كان يقطنها اليهود.. وأعتمد الزوايا القريبة وبعض الموسيقى التأثيرية و"مبروك عليك يا معلم عملت فيلم زي الفل".
لكن التحدي في أفلام تناول اليهود "الرمز/ الفئة" هو أن تبتعد عن اليهود بصفتهم يهودًا.. فعلى عكس الأقليات الأخرى يقع اليهود في منطقة شائكة مع العالم كله بواقع السياسة والتاريخ.. لهذا كان تعامل السينما مع الأمر حساسًا في محاولة الابتعاد عن إخراج اليهود كفصيل إيديولوجي.
اقرأ ايضاً صناعة الأفلام.. تعرف على طاقم الفيلم ودوره في صناعة السينما ج1
الإعلان الدعائي للفيلم
فيلم "سبتمبر من شيراز" المقتبس من رواية الروائية الإيرانية داليا صوفر.. سيناريو حانا ويج وإخراج واين بلير نموذج جيد لعرض اليهود على الشاشة مع فصائل المجتمع الأخرى.. وبنظرة تجريدية لرؤية تكوينات العمل.. نراه نجح كثيرًا في خلق حالة من التعاطف، وإن كانت تشوبها "الصعبانيات" ليس مع اليهود فقط.. بل مع معظم أطراف الفيلم.
اقرأ ايضاً أفلام ديزني ومدى تأثيرها على تفكير الأطفال
مأخوذ عن قصة حقيقية
تصدير الفيلم بعبارة "مأخوذ عن قصة حقيقية" وسيلة آمنة وفعالة لجذب المشاهد إلى القصة.. تضمن أن يتورط المشاهد فيما سيقدمه الفيلم.. والمشاهد يحب هذا النوع لأنه يشعر أنه سيمتلك شيئًا من الغيب.. وعليه فقد حاول المخرج أن يدشّن أكبر قدر من اللحظات الإنسانية.. من خلال التركيز على الأحداث الراهنة للشخصيات في معظم الفيلم.. والاستعانة قليلًا بـ"الفلاش باك" حتى يضمن أكبر قدر من التماهي مع الفيلم.
لقد كان اختيار بيئة الأحداث -زمانًا ومكانًا- ممتازًا وبعيدًا عن المألوف.. وهو ما أتاح الفرصة لإعادة رسم الشخصيات -بعيدًا عن خلفياتها الدينية- والتعامل معها بتجريدية.. فلم تكن مشكلة اليهودي الأولى أنه يهودي بقدر مشكلة أن يكون غنيًا ومتعاونًا مع النظام السابق.. وبالتالي ركز الفيلم على أن تكون مشكلة جميع أطراف العمل أسبابها "سياسية/ مجتمعية" بعيدة عن الاختلافات الدينية والعقائدية.. وبهذا مر اليهودي أمامك دون رؤيته يهوديًا -وعلى ذلك كل الفصائل الأخرى- إلى نهاية ميلودرامية قليلًا.
مشهد محاولة عائلة "أمين" الهروب من إيران
كل شيء ما عدا إيران "قصة فيلم قصير"
النقد "ما عندوش يا إمي ارحميني".. فبالرغم من محاولة الفيلم أن يصنع حالةً إنسانيةً عامة بين المشاهد وبين عناصر العمل الفني من يهود وإسلاميين خلال حقبة الثورة الإيرانية.. فإنه باء عالميًا بالفشل من حيث الأداء وعناصر العمل.. فالعديد من التحديات كانت تقف أمام هذا الفيلم بداية من الجنسيات المتعددة لممثلي الفيلم البعيدة عن الجنسية الإيرانية.. باستثناء مدبرة منزل حبيبة (شهره أغداشلو) الطريف أن دور رئيس المحققين "محسن" قام به ممثل إسرائيلي "آلون أبوتبول".
مشهد حواري بين محسن "آلون أبو تبول" وإسحاق أمين "أدريان برودي"
وموقع التصوير "بلغاريا" البعيد كل البعد عن الهوية الإيرانية.. السيناريو الذي اختزل تفاصيل الرواية الأصلية وحوّل الحوار إلى لغة "أبيض وأسود".. وصولًا إلى المخرج الذي كثف كل ما يملكه من زوايا تصوير وموسيقى ومشاهد عنيفة للغاية كي يخرج أكبر قدر من المشاعر عنوةً.
مشهد إسحاق أمين "أدريان برودي" يظهر خلاله هدفًا للجنود من أجل التسلية وممارسة التعذيب، لكن بصرف النظر عن كل هذا "الحزق/ التوابل" من أجل الهروب بشخصية اليهودي من الشاشة إلى المشاهد في سلام تام -كنموذج يمثل الاضطهاد الإنساني عمومًا- فلا تستطيع أن تنكر كراهيتك بعض الشيء لبعض عناصر العمل.. دون أن تكره "اليهودي الّي عدى ولا لمحته".
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.