مصر دولة يملأ أجواءها عبق التاريخ، لكن لماذا؟ أي لماذا مصر؟ لماذا عندما نتحدث عن التاريخ والآثار والتراث أول ما يجيء في بالنا مصر القديمة، ويتبادر في ذهننا الآثار الفرعونية؟
أظن عزيزي القارئ أن إجابة السؤال موجودة في قلب السؤال نفسه، الآثار الفرعونية، فكم دولة تركت لنا آثارًا في قدم الآثار المصرية؟ كم عدد المعابد التي تضاهي عظمة معبد مثل معبد حتشبسوت أو معبد الكرنك أكبر دار عبادة في التاريخ؟
قد يهمك أيضًا لماذا المصريون عباقرة وما الدليل على ذكائهم؟
عظمة الحضارة المصرية
السر في عظمة تلك الحضارة هو الإرث، فقد مات المصريون القدماء ورحلوا منذ آلاف السنين، لكن آثارهم ومقابرهم ومعابدهم ما زالت واقفة في مكانها متحدية عنيدة شامخة، تقول للرائي: "فلتعرف أمام من تقف".
وذلك ما يهمنا اليوم، نتحدث اليوم عن الهندسة المعمارية عند المصريين القدماء؛ لذا تعال نأخذ جولة حول تلك العظمة التي تملأ بقاع تلك البلاد.
قد يهمك أيضًا تعرف إلى المعتقدات الدينية في مصر القديمة
كيف كانت الهندسة المعمارية في مصر القديمة؟
مما لا شك فيه أن المصري القديم هو من علم الحضارات الأخرى البناء والتشييد وقواعده، وله في ذلك صيت وباع، فكيف لعامل كان يستخدم آلات بدائية أن يبني مباني ضخمة مهيبة إلى الآن تعد من المعجزات، كانت للهندسة المعمارية في مصر القديمة عدة خصائص، ومنها:
أن الأبنية كانت بسيطة، لكن انتظر كان ذلك في بوادر تكون الدولة المصرية، فنستطيع أن نقول إن أولى تجارب المصري القديم في البناء الضخم كانت في الأسرة الرابعة.
كان الخشب نادر الوجود والاستخدام في العمارة في مصر القديمة، وكان يستورد من الخارج؛ لذا فإن المباني كانت مقتصرة على الطوب اللبن والحجر، فإن الطوب اللبن طمي يجمع من ضفاف النيل، ثم يوضع في قوالب لكي يتشكل ويجف في حرارة الشمس.
كان استخدام الطوب اللبن في بناء المنازل للمصريين حتى القصور، وما يميز استخدام الطوب اللبن في بناء القصور أن الطوب الخارجي يكون مصقولًا على نحو أفضل.
لم يقتصر استخدام الطوب اللبن في ذلك فقط، بل وصل إلى أن يستخدم في بناء الحصون والقلاع، وجدران حرم المعابد، وفي بعض المباني في مجمعات المعابد، بل وقد وصل إلى أن يستخدم الطوب اللبن في بناء الأهرام، فاستخدم في بناء جوهر الأهرام.
أما استخدام الأحجار، فمنذ عهد الأسرة الرابعة قد اقتصر استخدام الأحجار في بناء المعابد والمقابر فقط، فاستخدم الحجر الجيري والرملي، إضافة إلى حجر الجرانيت.
أيضًا من الخصائص في العمارة المصرية القديمة، بناء المعابد على نحو ضخم ومهيب، وذلك قد يرجع لسببين، أولهم تقدير المصري القديم للحياة الدينية.
أما الثاني فيرجع إلى تنافس الملوك المصريين فيما بينهم، بأن يترك كل شخص منهم أثرًا له قيمة وعظمة، فإن الملوك قد فهموا فكرة أن مبانيهم سوف تبقى وتحمل أسماءهم وتخلد ذكراهم.
أيضًا يوجد رأي ثالث، وهو أن المباني الضخمة كانت بمنزلة مشروعات قومية ضخمة، فمن أسباب بناء الأهرام هو إلحاق المصريين بالعمل.
قد يهمك أيضًا أسرار التحنيط عند الفراعنة
البيت المصري
كان للمنازل المصرية القديمة سمات تميزها، منها أنها كانت قريبة من ضفاف النيل، حيث الزراعة، وذلك من الأسباب التي جعلت وجود منازل للمصريين القدماء أمرًا نادر الحدوث، حيث انجراف تلك المنازل.
لكن المصري القديم ترك كنزًا يستحق الشكر عليه، ألا وهو مجسمات ثلاثية الأبعاد لتلك المنازل في مقابره.
كانت طريقة البناء لتلك المنازل تتمثل في صنع مجسم من القصب، ثم دهنه بالطين، وكانت تتميز بشكل دائري أو بيضاوي، وبعد ذلك استخدم الطوب اللبن في البناء، كانت البيوت تتميز بقربها من بعضها وذلك من أجل أن يحتمي المصري بأخيه وجاره وكذلك الجار، وأخذت في التكتل والتجمع إلى أن أصبحت مدنًا محاطة بالجدران.
مع تطور تلك المنازل أصبحت تأخذ الشكل المربع والمستطيل، لكن بسقف مقبب، وأصبحت تبنى من الطوب، وعرف المصري مع الوقت استخدام نوافذ من الخشب أو مزينة بأطراف خشبية، وذلك لأن الخشب أخذ في الوفرة، أضيف للمنزل مع تطوره فناء وحديقة.
قد يهمك أيضًا 5 طرق غريبة للعلاج في حياة الفراعنة
الحدائق
لم تكن الهندسة المعمارية عند المصريين القدماء مقتصرة على المعابد والمقابر وحسب، بل وضع المصري الترفيه والاستجمام في حسبانه، فقد أنشئت الحدائق، وكانت مقسمة إلى ثلاثة أصناف، حدائق المعابد، الحدائق الخاصة، حدائق الخضراوات.
كانت تلك الحدائق مزودة بجدار مرتفع محيط بها، وكانت تلك الجدران عليها زخارف ونقوش، واهتموا بزراعة أشجار للظل فيها، وضع المصري في تلك الحدائق بعض الزهور والورود ذات الرائحة العطرة والألوان الزاهية؛ مثل: أزهار الخشخاش والقنطريون العنبري والنجمية.
أما شجرة البرساء، المشهورة باسم شجرة "إيشد المقدسة" فكان وجودها أساسيًا، وزرعت نباتات للفاكهة في تلك الحدائق مثل الرمان، وأيضًا وجدت مربعات أو حدائق للخضراوات تحت ملكية المعابد أو الملكية الخاصة، كانت تلك المربعات يقسمها ويفصل بينها قنوات مائية.
العمارة المصرية لا يكفيها مقال واحد لكي تتحدث عنها، فهي ما زالت إلى اللحظة الراهنة مصدر إلهام للجميع، وطريقة بناؤها مصدر للألغاز، وهي عمود أساسي لعلم المصريات، العلم القائم على دولة مصر وتاريخها ومبانيها وآثارها.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.