إن ثمن الهجرة غير الشرعية هو ثمن باهظ جدًّا، وقد تُباع أو تُستغل حرية الإنسان في أوروبا.
وأوروبا في نظر المهاجر غير الشرعي الذي يعيش الظلم والاستغلال، والذي يطلب حريته الشخصية وكرامته، لم تعد جنة ديمقراطية كما هو شائع لدى الجميع.
قد يعجبك أيضًا بدلاً من الهجرة إلى الخارج.. تعرف على مميزات الهجرة إلى الداخل
الاتجار بالبشر
نفتتح هذا المقال بطرح سؤال مهم جدًّا: هل تعُد أوروبا اليوم نظام العبودية الاستعماري نظامًا مربحًا وتتشوق لتسترده من جديد بطريقة أو بأخرى وتصنعه وتتربح منه على شاكلة أكثر غموضًا قانونيًّا وتعقيدًا؟
إن سماسرة الاتجار بالبشر يرون في المهاجر (غير الشرعي) إنسانًا مستباحًا وبضاعة رخيصة يمكن بيعها أو كراؤها في أي مكان في أوروبا وتحت أي ظرف من الظروف، في وضعية غير إنسانية ولا أخلاقية.
ويستغلون الوضعية غير القانونية للفرد المهاجر ليقتحموا خصوصية كينونته الإنسانية ومنعها من حرية الاختيار وعيش حياة كريمة، ليصبح هذا الفرد المهاجر في النهاية رقمًا من بين أرقام هائلة في مجموع العمالة الرخيصة في أوروبا.
يعمل العمال (غير الشرعيين) في قطاعات متعددة حيوية ومهمة بالنسبة للجسم الرأسمالي الأوروبي، يتغذى هذا النظام من عار الديمقراطية الأوروبية التي يرى البعض اليوم أنها لم تكن أبدًا ديمقراطية نظيفة.
يغض الاتحاد الأوروبي الطرف عن خروق لحقوق الإنسان من طرف مافيا متخصصة في العمالة الاستغلالية غير القانونية، والتي هي فعلًا اتجار بالبشر، يعمل المهاجر اليوم في وضعية غير قانونية في معظم دول أوروبا وهي صورة جديدة وحديثة من صور العبودية.
قد يعجبك أيضًا الهجرة غير الشرعية.. أسبابها والحلول الممكنة للقضاء عليها
جحيم الغربة
إنني أسمي الحياة هناك بهذا (جحيم الغربة)، حيث يعيش العمال المهاجرون الذين يوسمون بغير الشرعيين حسب القانون الأوروبي، في سكن جماعي مكدسين، يؤوَوْن فيه في ظروف مزرية ولا إنسانية، منقسمين فرقًا حسب الطلب من طرف المافيا والسماسرة.
أغلبهم عمال موسميون يعملون في المزارع والضيعات الفلاحية، وهم عمال ينتمون لدول مختلفة من شمال إفريقيا وجنوب الصحراء (السنغال ومالي وبريطانيا وغينيا وغامبيا...).
وجاء في تحقيق نشرته Rosa Moussaoui في مجلة L'humanité باللغة الفرنسية: حسب تحقيق لمفتشية العمل عن الظروف الزراعية والسكنية لجامعي الثمار الموسميين غير الحاملين للوثائق القانونية في مارن Marne، وأشارت الكاتبة أن مكتب المدعي العام في Châlons-en-Champagne قد فتح تحقيقًا أوليًّا بتهمة الاتجار بالبشر.
وأشارت الكاتبة إلى أن التحقيق كشف عن الوضعية غير الإنسانية التي يعيشها المهاجر الإفريقي في تلك المناطق الأوروبية المعروفة بالعمالة الموسمية في قطاع الفلاحة.
وأشارت الكاتبة إلى أن العمال لا يؤوَوْن أو يُطعمون بكرامة، وهم عمال جائعون منهكون وفي حالة صحية متدهورة وشديدة الْخَطَر للغاية.
وكشف التحقيق أيضًا عن أنهم يعيشون في بيوت متهالكة مكدسين، وينامون على أرضية متسخة.
إننا أشرنا إلى هذا التحقيق الذي نشرته الكاتبة، والذي قال إن السلطات قد فتحت تحقيقًا في الموضوع، وقد ذكرنا هذا نموذجًا وشهادة لما يجري في إحدى مناطق دول أوروبا الزراعية، لكننا على علم كافٍ بما يحدث للمهاجر في الديار الأوروبية.
وقد وثَّقت وسائل التواصل الاجتماعي وبعض المنابر الإعلامية المعروفة والمشهورة كل هذه المرارة، عبر شهادات في مقاطع فيديو انتشرت ورآها العالم كله، مقاطع فيديو وثقت وقائع فظيعة لا يمكن للمرء أن يتخيل أنها تعود للعصر الحديث.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.