كيف يستخدم الهاتف الذكي الذكاء الاصطناعي؟

لم يعد الذكاء الاصطناعي مجرد مفهوم نظري أو تقنية مستقبلية، بل أصبح جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية، ويتجسد حضوره بقوة في هواتفنا الذكية التي باتت رفيقًا دائمًا، بل أصبح مساعدًا شخصيًّا ومركزًا للتحكم في حياتنا الرقمية، لكن ما الذي يجعله (ذكياً) حقًّا؟ الإجابة تكمن في الذكاء الاصطناعي (AI) الذي يعمل بصمت في الخلفية ليجعل تجربتنا أكثر سلاسة، كفاءة وتخصيصًا، بدءًا من الكاميرا التي تلتقط صورًا مذهلة إلى المساعد الصوتي الذي يفهم أوامرك، وتتعدد تطبيقات الذكاء الاصطناعي في هاتفك تعددًا قد لا تدركه بالكامل.

في هذا المقال نتعرف سويًّا كيف يعتمد الهاتف الذكي اعتمادًا متزايدًا على قدرات الذكاء الاصطناعي لتسهيل مهام المستخدمين وتحسين تجربتهم تحسينًا جذريًّا، وتحويله من مجرد أداة اتصال إلى مساعد شخصي فائق الذكاء، ونستعرض في هذه السطور أبرز المجالات التي يتجلى فيها استخدام الذكاء الاصطناعي في هواتفنا، بدءًا من تحسين جودة التصوير والمساعدة الصوتية الذكية، وصولًا إلى اقتراحات الكتابة وتوفير الطاقة والترجمة الفورية، مُبينين كيف تعمل هذه التقنيات على تعزيز راحة المستخدم وفاعلية الجهاز، فلننطلق في استكشاف هذا العالم الذكي الذي يكمن في هواتفنا، ونفهم كيف يُوظف الذكاء الاصطناعي لخدمتنا بطرائق مبتكرة ومتنوعة.

كيف يستخدم الهاتف الذكي الذكاء الاصطناعي؟

يعتمد الهاتف الذكي على الذكاء الاصطناعي لتسهيل كثير من العمليات التي يقوم بها المستخدم، وهذا يجعل تجربته أكثر سلاسة وفاعلية، ويظهر هذا الاستخدام في كثير من مكونات الهاتف الذكي، فيُسهم الذكاء الاصطناعي في تحسين الأداء، وتوفير وظائف ذكية تساعد في تعزيز راحة المستخدم. ومنها: 

1. تحسين تجربة التصوير الفوتوغرافي

أحد أبرز استخدامات الذكاء الاصطناعي في الهواتف الذكية هو تحسين تجربة التصوير. فبفضل التطور الكبير في كاميرات الهواتف الحالية أصبح بإمكانها تحليل المشهد تلقائيًا عند توجيه الكاميرا نحو هدف معين. وهنا يقوم الذكاء الاصطناعي بالتعرف على الوجوه والأشياء باستخدام تقنيات متقدمة ليعمل على تحسين التفاصيل فورًا.

أحد أبرز استخدامات الذكاء الاصطناعي  في الهواتف الذكية هو تحسين تجربة التصوير

ويضبط أيضًا الإعدادات والإضاءة تلقائيًا، وتطبيق تأثيرات مثل الوضع الليلي (Night Mode) أو وضع البورتريه (Portrait Mode) الذي يعزل الخلفية؛ ما يساعد في التقاط صور ذات جودة عالية دون حاجة إلى تدخل يدوي.

وتعتمد هذه التحسينات على تقنيات مثل التعرف على المشهد (Scene Recognition) والتصوير الحاسوبي (Computational Photography).

2. المساعد الشخصي الصوتي (Siri وGoogle Assistant)

في هواتف الآيفون يوجد المساعد الشخصي siri، وفي هواتف أندرويد يتوفر المساعد Google Assistant، هذا المساعد الشخصي يعتمد بشكل كبير على الذكاء الاصطناعي، خاصة في مجال معالجة اللغات الطبيعية (NLP) ينفِّذ الأوامر التي تصدرها له على الفور. على سبيل المثال إذا كنت ترغب في فتح تطبيق معين لا تحتاج إلى البحث عنه أو النقر على الأيقونة الخاصة به، بل يمكنك ببساطة نطق اسم التطبيق، وسيفتحه الجهاز مباشرة.

وكذلك الحال عند طلب الاتصال بجهة اتصال معينة أو حتى الاتصال برقم غير مسجل. هذه التقنية تفيد خاصة الأشخاص الذين يعانون مشكلات في الرؤية، ويعتمدون بشكل كامل على الذكاء الاصطناعي لتنفيذ المهام.

وتعتمد هذه المساعدات الصوتية على تقنيات التعرف على الصوت (Speech Recognition) وفهم اللغة الطبيعية (Natural Language Understanding).

3. اقتراحات الكتابة الذكية في أثناء الدردشة (Predictive Text)

عند محادثة شخص آخر عبر الرسائل النصية، يبدأ الهاتف في عرض مقترحات للكلمات التالية في أثناء كتابتك على لوحة المفاتيح، وهذا يساعدك في إتمام الجملة على نحو أسرع، ويعتمد الهاتف الذكي في هذه المقترحات على الذكاء الاصطناعي، فيتعلم من أسلوبك في الكتابة، ويقترح كلمات بناء على طريقتك الشخصية في التواصل وليس بناء على اختيارات عشوائية.

أثناء المراسلات أو البحث يبدأ الهاتف في عرض مقترحات للكلمات التالية أثناء كتابتك على لوحة المفاتيح

وتظهر هذه التقنية أيضًا في محركات البحث وأي مكان آخر يمكن فيه إدخال النصوص على الهاتف، سواء على الإنترنت أو في التطبيقات الأخرى مثل notes وغيرها، تعتمد هذه الميزة على نماذج اللغة (Language Models) التي تم تدريبها على كميات هائلة من النصوص.

4. تحسين أداء البطارية وتوفير الطاقة

يمكن للذكاء الاصطناعي مراقبة سلوك المستخدم وتحليل التطبيقات التي لا تستخدمها بانتظام، ثم تقليل نشاطها التلقائي لتقليص استهلاك البطارية وتحسين سرعة استجابة الهاتف، وتُعرف هذه الميزة غالبًا بـ«البطارية التكيفية» (Adaptive Battery).

وهذا يتيح للهواتف الذكية تخصيص موارد المعالجة والذاكرة على نحو أكثر كفاءة؛ ما يساعد في الحفاظ على الأداء العام دون تأثير في سرعة أو فاعلية الجهاز، وتُعرف هذه التقنية بإدارة الطاقة الذكية (Intelligent Power Management).

5. تطبيقات الترجمة الفورية والذكية

عند استخدام تطبيق «Google Translate» على معظم هواتف الأندرويد تلاحظ وجود اقتراحات تظهر تلقائيًا في أثناء عملية الترجمة لتسهيل وتسريع التفاعل مع النصوص. ومن أبرز الميزات الحديثة أيضًا إمكانية ترجمة النصوص بمجرد توجيه الكاميرا إليها، فيتعرف التطبيق تلقائيًا على الكلمات باستخدام التعرف البصري على الأحرف (OCR)، ويعرض الترجمة مباشرة على الشاشة. وتعتمد كل هذه الميزات على تقنيات الذكاء الاصطناعي التي تمكِّن التطبيق من تحليل النصوص والتعرف عليها بدقة ثم ترجمتها تلقائيًا إلى اللغة التي يحددها المستخدم.

عند استخدام Google Translate  على هواتف الأندرويد ستظهر اقتراحات تلقائية أثناء الترجمة لتسهيل التفاعل مع النصوص

6- التحكم الذكي بالأجهزة عبر الهاتف

أصبح الهاتف الذكي قادرًا على إدارة كثير من الأجهزة الذكية داخل المنزل مثل الإضاءة وأجهزة التكييف وحتى الأجهزة الكهربائية الأخرى. فبدلًا من الحاجة إلى التحكم في كل جهاز على حدة، يمكن للمستخدم استخدام هاتفه الذكي كأداة تحكم مركزية عبر تطبيقات خاصة أو منصات مثل Google Home أو Apple HomeKit، باستخدام تقنيات مثل Wi-Fi أو Bluetooth أو Matter؛ ما يوفر الوقت والجهد، يعتمد هذا التحكم على تقنيات مثل إنترنت الأشياء (IoT) وتكامل الذكاء الاصطناعي لتحسين الأداء والتخصيص.

7. التكيف مع أسلوبك الشخصي

يمكن للذكاء الاصطناعي التكيف مع أسلوبك الشخصي وتحليل تفضيلاتك باستمرار. على سبيل المثال إذا كنت تفضل الاستماع إلى نوع معين من الموسيقى على تطبيق مثل برنامج Spotify أو Apple Music، فإن الذكاء الاصطناعي يستطيع اقتراح مقاطع موسيقية أخرى تناسب ذوقك، حيث يتعلم النظام من اختياراتك السابقة، ويقوم بتقديم توصيات أكثر دقة مع مرور الوقت، وينطبق نفس المبدأ على تطبيقات الأخبار، التسوق، ومشاهدة الفيديو (مثل YouTube و Netflix) وغيرها كثير، فيقدم لك AI محتوى مخصصًا بناءً على اهتماماتك.

تعزيز الأمان وحماية البيانات

يؤدي الذكاء الاصطناعي دورًا مهمًا في حماية الهاتف وبياناتك الشخصية. فهو يُستخدم في تقنيات التحقق البيومتري وفي اكتشاف المخاطر الأمنية. على سبيل المثال:

  • فتح قفل الوجه: التعرف على الوجه (Face Recognition) أو بصمة الإصبع لفتح الهاتف وتأمين التطبيقات، فتعتمد خاصية فتح الهاتف بالوجه في بعض الأجهزة على خوارزميات متقدمة للتعلّم الآلي، فيحلل الهاتف ملامح وجهك بدقة كبيرة ليتحقق من هويتك قبل فتح الهاتف.

  • كشف المكالمات الاحتيالية: تستخدم بعض أنظمة الهاتف الذكي الذكاء الاصطناعي لتحليل المكالمات الصوتية وإشعار المستخدم في الوقت الحقيقي عند اكتشاف مكالمة احتيالية محتملة.

  • مراقبة التطبيقات الضارة: يعتمد نظام Google Play Protect على تقنيات تعلم آلي لتحليل سلوك التطبيقات ورصد البرمجيات الخبيثة، فتتلقى تنبيهًا فوريًا إذا اكتُشف تطبيق ضار.

تعتمد خاصية فتح الهاتف بالوجه على خوارزميات لتحليل ملامح وجهك بدقة كبيرة ليتحقق من هويتك قبل فتح الهاتف

استخدامات أخرى للذكاء الاصطناعي في هاتفك

إضافة إلى ما سبق، يدخل الذكاء الاصطناعي في وظائف أخرى مهمة مثل:

  • فلترة البريد العشوائي: تصنيف رسائل البريد الإلكتروني والمكالمات غير المرغوب فيها.
  • تحسين الملاحة: اقتراح أفضل الطرق وتوقع أوقات الوصول في تطبيقات الخرائط بناءً على بيانات حركة المرور الحية والأنماط التاريخية.
  • ميزات داخل التطبيقات: عدد من التطبيقات تستخدم AI لتحسين وظائفها، مثل أدوات تحرير الصور الذكية، أو تنظيم الملاحظات، أو حتى تشخيص بعض الأعراض الصحية تشخيصًا أوليًّا.

يتضح أن الذكاء الاصطناعي لم يعد مصطلحًا تقنيًّا بعيدًا، بل هو جزء لا يتجزأ من تجربة استخدامنا اليومية للهواتف الذكية، ويعمل خلف الكواليس لجعل حياتنا أسهل وأكثر كفاءة، من تحسين صورنا إلى فهم أوامرنا الصوتية وتوقع كلماتنا، تُظهر هذه التطبيقات كيف يعزز الذكاء الاصطناعي قدرات هواتفنا باستمرار، ومع استمرار تطور هذه التقنية، يمكننا توقع مزيد من الميزات المبتكرة التي ستجعل هواتفنا الذكية أكثر ذكاءً وفائدة في المستقبل.

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مقالات ذات صلة