النوم الصحي

يبدو أن حياة معظم الحيوانات مقسمة بين حالتين يتوافق تعاقبهما مع تعاقب الليل والنهار، لديهم قدر محدود ووقت موعود، ضار بالروح، مفرط ومهمل لبعضه البعض، إلا أن حاجة الجسم للراحة أثناء النوم تفوق حاجته للطعام، فقد يصبر الإنسان على الطعام لبضعة أيام، لكنه لا يستطيع التخلص من النوم لحاجته الشديدة، ولهذا قيل عن النوم: إنه سلطان جائر، وملك مطيع وقادر، لا مفر من قوة كل شيء.

غالبًا ما ينقبض النوم على الأعضاء تباعًا، وتسترخي معظم العضلات الإرادية، وهكذا نرى أن رأس الشخص النعاس، جالسًا، يقع تحت تأثير وزنه، وترخي عضلاته، حتى لو اقترب من صدره، يستيقظ النائم قليلًا ويبدأ في هز رأسه مرة أخرى، مما يؤدي إلى استرخاء أعضاء الحس، بحيث يقل تأثير المنبهات فيها، على الرغم من أن حاسة السمع هي آخر ما ينقصه النوم، أطلق عليه العرب النوم: النوم القهري، وهو النوم وأنت تسمع كلام الناس.

يختلف الناس في النوم، فمنهم من ينام بسرعة وينام بعد الاستلقاء، والبعض لا ينام إلا بعد هز الفراش لفترة طويلة، كأن عينيه خلقت ليبقى مستيقظًا، وكأن النوم قد أزعج عينيه وأصابه، عصوا جفونهم.

أسباب النوم

أما أسباب النوم فهي كثيرة منها طول فترة اليقظة، وإرهاق الجسد والعقل، وظلام الليل، وسكونه وقلة الحركة وهدوئه، وإن كان هناك من ينام في ضوضاء، وضوء، يمكن للإنسان أن يشعر بالحاجة إلى النوم في حالات مختلفة مثل الجوع والشبع والحرارة والبرودة.

وأشاد العرب بنوم النهار في الصيف وفي الحر، وأثنوا عليه في الشتاء وفي البرد، وقالوا: قالت: الصيف راحة، وفي الشتاء مجاني، أي لا جدوى منه إن لم يكن مضر.

آثار النوم

يؤدي النوم إلى إبطاء التنفس، وانخفاض قدرة التنفس على الرئتين، وانخفاض معدل ضربات القلب، وانخفاض درجة حرارة الجسم بشكل طفيف، وانخفاض نشاط الهضم، وتكثف البول، وتباطؤ الدورة الدموية، وهكذا فإن النوم يحقق تجديد القوى، وهدوء الأطراف، وهدوء العقل، واسترخاء الحواس والأعضاء، والقضاء على التعب والإرهاق الذي يواجهه الجسم في حالة اليقظة.

1. غرفة نوم: يجب أن تكون فسيحة، وجيدة التهوية قبل النوم ليلًا وأثناء النهار، وأن تكون خالية من الحيوانات والنباتات والزهور؛ لأنها تشترك في الهواء مع الإنسان، مما يضر بنقاوته ويحدث تغييرًا في تركيبته، حتى يفسد ويقلل من فائدته، وقد يترتب عليه أخطار ضارة به.

لذلك كان من المرغوب فيه التعود على فتح النوافذ، أو التأكد من أن الهواء يتجدد ببطء ويستمر في الصيف؛ لأن تجديده المستمر يجلب نومًا هادئًا ونومًا سعيدًا.

2. للنوم بعد الأكل احتياطات مشهورة ووصفها من السيئات التي تتجلى آثارها خاصة عند الشيوخ، فيضطر المرء إلى الانتظار ساعتين بعد الوجبة الأخيرة قبل الاستسلام لقوة النوم.

3. يمنع إطلاقًا تدفئة الغرف لصحة الجسم، أما المرضى فلا حرج في تدفئة غرفهم، ولا يجوز إضاءتها.

4. يجب على الإنسان أن يتجنب لبس الثياب الضيقة والرباط الضيق أثناء النوم، وفي الصيف يختار الثياب الفضفاضة لضمان شفط الإفرازات مع تمدد عروق النائم وزيادة تعرقه.

5. ينصح بدلًا من ذلك بتقويم الفم قبل النوم لإزالة آثار الطعام العالقة بين الأسنان، والتي ينتج عن تغييرها رائحة الفم الكريهة ورائحة الفم الكريهة، وتعفن الأسنان، واضطراب الجسم المترتب على ذلك في بعض الحالات، لذلك ندرك سر رعاية الإسلام بأعواد الأسنان.

6. وقت النوم: أفضل وقت للنوم في الليل يسود فيه الهدوء، ويسود الظلام، وتقل المثيرات بالنوم لجزء من النهار وهذا خطأ كبير؛ لأن النوم الليلي له تأثير أكبر على إراحة الجسم وتجديد قوته، أما النوم النهاري فهو سيء، وأسوأه النوم في أول النهار، وأسوأه النوم في آخره، قال الشاعر في هذا الصدد:

إلا أن نومات الضحى تورث الفتى      خبالاً ونومات العصير جنون

ويقال أن كسر نوم الصباح وخلق قيلولة والنوم في المساء جنون، وعليه أن يعلم أن النوم قبل نصف الليل بساعتين أفضل من النوم بعد أربع ساعات، يجب أن يكون هذا الوضع في بداية النوم، في بداية اليقظة، وليس لفترة طويلة من النوم، وقد ورد في أمثال العرب أن من يحلم طويلا يرى الأحلام، ومن يضطر إلى النوم يفقدها: "لكن النوم أثناء النهار جائز في الصيف لمدته وشدة حرارته، ومديح العرب للنوم بعد الغداء ينطبق على (A Summer Siesta) عندما قالوا: "النوم بعد الغداء دواء وبعد العشاء عبء".

7. مدة النوم: وهي تختلف حسب العمر وتتراوح من سبع إلى ثماني ساعات للشباب ومتوسطي العمر من الرجال والنساء، ومن تسع إلى عشر ساعات للقصر والشباب، وهي أكبر من ذلك بالنسبة للقصر الأطفال وحديثي الولادة، وأما الرضع فإن ثلثي حياتهم ينامون وينامون.

هيئة النوم:

8. النوم على البطن مكروه للصغار وكبار السن وكبار السن؛ لأنه يتداخل مع التنفس، ويعيق عمل أعضاء الصدر والبطن، النوم على الجانب الأيسر ليس جيدًا، خاصة بعد الأكل؛ لأن هذا الشكل لا يسهل مرور الطعام من المعدة إلى الأمعاء، لذلك يتباطأ الهضم، وهذا غالبًا ما يكون سببًا للأحلام السيئة.

أنفع النوم ما عن يمينه، بحيث ينزل الطعام أسرع من المعدة، وهذا من السنة الشريفة، وقد ثبت أن مرور الطعام من المعدة إلى الأمعاء يتم في هذا النوم، ينام ثلاث ساعات، في حين أن نزوله يتطلب خمس أو سبع ساعات من النوم على الجانب الأيسر.

9. لا يجوز أن ينام شخصان في فراش واحد، وهذه العادة من أسوأ وأبشع العادات، ولها العديد من التحذيرات الصحية والاجتماعية، فهي واجبة على من اعتاد تركها بأي حال، مهما كان الأمر وعلى أي حال.

10. غطاء الوجه: يجب تغطية النائم بالبطانيات التي تختلف باختلاف الطقس، ويجب أن ينفصل النائم عن سترة بسبب نزلة برد طارئة.

اعتاد البعض تغطية وجوههم أثناء النوم في الشتاء مما يسبب لهم ضررًا كبيرًا، وأهمها أن الشخص الذي ينام في هذه الحالة يستنشق هواءً سيئًا، ورائحة زائدة من الغازات السامة تخرج من المعدة، ويجب أن يظل الأنف مكشوفًا دائمًا.

على كل حال: لا ينبغي للإنسان أن يغطي رأسه، وأن يعتاد على النوم ورأسه مكشوفة، إلا إذا كان يعاني من مشاكل صحية تمنعه.

11. وأخيرًا يجب أن يرفع رأس النائم بوسادة ليست ناعمة ولا محشوة بريش الطيور ولا جافة محشوة بالقش، بل محشوة بالقطن أو الصوف النظيف.

هذه بعض قواعد النوم الصحي التي أشرت إليها، والدعوة للعمل معهم، والرغبة في اتباعها، على كل عاقل أن يقدر حالته الحالية عند النوم والدعوة، وكذلك حالة اليقظة والحركة، ولا يهمل مسألة النوم؛ لما فيه من نشاط وسعادة ورضاء وقوة ورفاهية وشفاء.