المقارنة.. متى تكون مفيدة وما أسبابها؟

دائمًا تجد نفسك أقل من غيرك، وتجد من هو أفضل منك، فإذا كنت تمتلك شقة فستجد من يمتلك فيلا، وإذا كنت تتقاضى 10,000 جنيه ستجد من يتقاضى 100,000، لذلك فلا تقارن نفسك بغيرك حتى لا تقع في فخ المقارنة.

فخ المقارنة

هو تخريب ذاتي للحكم على أنفسنا مقابل الآخرين الذين نتعامل معهم، إذ نستخدم إشارات سطحية لقياس قيمتنا الذاتية، لذا تقع في دائرة من التقصير دائمًا، فنشعر أننا لسنا جيدين أو ناجحين بما فيه الكفاية، وهي معاملة غير عادلة للذات، لما فيها من تجاهل نقاط القوة والتركيز على نقاط الضعف التي تتصيدها من قوة الآخرين الظاهرة لنا.

متى تكون المقارنة مفيدة ومتى تكون ضارة؟

المقارنة تكون مفيدة عندما تجعلك تطور من نفسك، وتجعلك تعرف أنك في الطريق الصحيح أم أنك تمشي في المسار الخطأ، فهي تسهل عليك الطريق في بعض الأحيان، فتجعلك تكتشف نقاط القوة التي بداخلك ثم تستغلها، وتستطيع تحقيق ما حققه غيرك، وبهذا تتحول المقارنة إلى مصدر إلهام وتكون مقارنة إيجابية.

المقارنة تكون ضارة عندما تجعلك تركز فقط على ما ينقصك ويزيد عند غيرك، وتتحول من دون أن تشعر إلى حاسد، كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "لا يخلو جسد من حسد"، ولكن المؤمن يرفضه، والمنافق يبديه في شكل غيبة أو نميمة أو تمني زوال النعمة أو تمني الشر.

متى تتحول المقارنة إلى حسد

فيجب ألا نحقد على أحد، ولا نتمنى زوال النعمة من عنده، بل نسأل الله بالدعاء أن يرزقنا من فضله، مثلما فعل سيدنا زكريا عندما دخل على السيدة مريم ووجد عندها فاكهة الشتاء في الصيف، ووجد أرزاقًا وخيرات لم يأتِ بها وهو المتكفل بها، فسألها: "يا مريم أنى لك هذا؟" قالت: "هذا من عند الله يرزق من يشاء بغير حساب"، فلم يتمنَّ زوال النعمة، ولكن توجه بالدعاء وهو في المحراب، كأنه يقول: "يا من أعطيت هذه المسكينة، يا من أكرمتها، أكرمني": {هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ}.

أسباب المقارنة

  1. التربية الخاطئة.
  2. الانتقاد المستمر.
  3. السوشيال ميديا.
  4. عدم تعديد النعم والشكر على النعم.

الفرق بين المقارنة والطموح

الطموح هو الرضا بما قسمه الله لي، وأن أطمح في تحسين حالي للأحسن بما لدي من إمكانيات، وباستغلال مهاراتي والعمل على تطويرها.

أما المقارنات، فهي عدم الرضا بالوضع الحالي الذي أنا عليه، وأريد دائمًا الأعلى، فإذا كان لدي شقة صغيرة أريد الأكبر، وإذا كان لدي الكبيرة أريد فيلا، وإذا تفوق أبنائي في دراستهم ولكن لم يحصلوا على الدرجات النهائية، أقول: “لمَ لم تحصل على الدرجات النهائية؟”، وهكذا في كل جوانب الحياة.

التخلص من المقارنات المجحفة

يكون ذلك عن طريق:

  • تسمية الأشياء بمسمياتها، فإذا خرجت المقارنة عن السيطرة، فهنا أصبحت أمام مشكلة.
  • تحديد الهدف والتركيز عليه.

ركز على هدفك

  • تحديد نقاط القوة لدي، وتشتيت انتباهي عن نقاط ضعفي التي هي مصدر قوة عند غيري.
  • عند المقارنة بالآخر، يكون بالمقارنة بكل ما فيه من مزايا وعيوب.
  • المرونة ودراسة ما وراء السلوك.
  • التركيز على أولوياتك وعدم التركيز على الغير.
  • كتابة إنجازاتك على الورق.
  • الشكر على النعم وتعدادها.

قد أجريت دراسة على مجموعة من الموظفين، فسُئلوا:

لو تقدمت لوظيفة وأُعطيت الخيارين:

• الأول: أن يكون راتبك 15,000 وزملاؤك في العمل 7,500 أي نصف راتبك.

• الثاني: أن يكون راتبك 30,000 وزملاؤك 60,000 أي ضعف راتبك.

فالمدهش في الموضوع أن 56% اختاروا العرض الأول، لأن من اختار العرض الأول يقارن نفسه بغيره، ولا ينظر لما يحتاج إليه هو، وهل ما في يد غيره هو بحاجة إليه أم لا.

المقارنة تجمدك في مكانك

ففي بعض الأحيان نقارن أنفسنا بأشخاص أقل منا، ونبدأ نفكر بطريقة: “ربما علينا أن نبطئ قليلًا من السرعة، فالجميع يسير ببطء”، وهنا ينطبق قول جيم رون: "لربما أنت ضمن المجموعة الخطأ"

لكي تكون المقارنة كما يجب، فعلينا تطبيق نصيحة المصطفى صلى الله عليه وسلم:

"انظروا إلى من هو أسفل منكم، ولا تنظروا إلى من هو فوقكم، فهو أجدر ألا تزدروا نعمة الله عليكم"، وأن نقارن بالأعلى في الطاعات، والأسفل في الدنيا.

جميعنا هنا لنحدث فرقًا في العالم، جميعنا هنا لنا أهمية ونضيف قيمة للمجتمع، ورحلتك هي معرفة كيفية القيام بذلك، وكيف تتميز بين هذه الجموع، فتأكد أن الرحلة هي الأهم.

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مقالات ذات صلة