المعيار المختلط. وخصوصية الخطأ الجسيم

تحديد الخطأ الجسيم يجب أن يكون وفقًا للاختيار بين المعيار المجرد والمعيار الذاتي، واختيار أحد المعيارين يتحدد بالآثار التي يعلِّقها القانون على جسامة الخطأ، فإذا كانت الآثار اجتماعية موضوعية يُعتمد المعيار المجرد، أما إذا كانت الآثار شخصية أدبية فيُعتمد المعيار الذاتي. 

[/embed_video]

أقرأ أيضاً لماذا قد يقع الإنسان في الأخطاء الجسيمة؟

معايير تحديد جسامة الخطأ

بعد العرض السابق لماهية المعيار المختلط  نجد أنه في حقيقته يساوي بين المعيار المجرد والمعيار الذاتي في تحديد جسامة الخطأ.

فيجب أن يكون لدى المسئول إحساس نفسي داخلي باحتمال توقع الضرر, إلى جانب قياس احتمال توقع الضرر بالمعيار المجرد, وذلك يعني أنه حتى لو ثبت الخطأ الجسيم بالمعيار المجرد.

فإنه لا يكفي إذ لابد من إثباته بالمعيار الذاتي, فإذا أرشد المعيار الأخير إلى وقوع خطأ جسيم عندئذ نعتد بالمعيار المجرد, أما إذا لم يثبت ذلك فإننا لا نكون بصدد خطأ جسيم.

هذه الازدواجية تقودنا إلى الاعتماد على معيار واحد هو المعيار الذاتي, ولو كان هناك إمكانية من الكشف عن البواطن والدخول إلى سرائر الأشخاص لما كان هناك حاجة إلى الأخذ بالمعيار المجرد وتم الاكتفاء بالمعيار الذاتي في تحديد جسامة الخطأ.

أقرأ أيضاً المعيار المختلط في تحديد جسامة الخطأ

معايير التشريع اليمني والمصري في تحديد جسامة الخطأ

كما نود أن نشير إلى أن المعايير الأربعة سالفة الذكر, تعد من نتاج الفقه والقضاء كوسائل موصلة لتحديد الخطأ الجسيم, وكان المعيار العملي من بين تلك المعايير الأربعة, هو المعيار الموضوعي (المجرد) ثم يليه المعيار الشخصي (الذاتي).

وقد أخذ المقنن اليمني والمصري بالمعيار الموضوعي مع الاختلاف في الأساس الذي يقوم عليه في كل منهما, ففي التقنين المصري يقوم المعيار وفقاً للمسلك المألوف للرجل المعتاد.

يرجع ذلك إلى القانون الروماني, أما التقنين اليمني فيقوم المعيار وفقاً للمسلك المألوف شرعاً أو عرفاً أو عادة, ويستند في ذلك إلى الفقه الإسلامي.

يعد كما ذكرنا سابقاً انه المعيار الأكثر دقة وفعالية مما عليه الحال في سابقه؛ لأنه يغلب النظر إلى ذات الفعل بغض النظر عن فاعله كنتيجة لتعلق التعويض بالذمة المالية لمن أحدث الضرر.

أقرأ أيضاً المعيار الذاتي والموضوع لتحديد جسامة الخطأ

خصوصية الخطأ الجسيم

 إلا أنه مع ذلك يجب مراعاة خصوصية الخطأ الجسيم من حيث كونه يقوم على توقع الفاعل حصول ضرر كأثر لفعله أو تركه عند القيام بقياس الخطأ وفقاً للمعيار الموضوعي المجرد.

فإذا كان الفعل أو الترك الصادر من قبل الفاعل غير مألوف شرعا أو عرفاً أو عادة, قام الخطأ بحد ذاته قبل الفاعل, إلا أنه يجب لكي يكون جسيماً علاوة على ذلك, أن يكون الضرر الناتج عن الفعل أو الترك محتمل الوقوع بداهة.

مع مراعاة الظروف الملابسة التي أحاطت بالفاعل, أما إذا كان حصول الضرر غير متوقع من الفعل أو الترك ومع ذلك حصل ضرر, فإن ذلك يعد من قبيل الخطأ العادي وليس الجسيم.

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مقالات ذات صلة