تعد الصداقة قيمة إنسانية عظيمة يحرص كثيرون على خلقها ووجودها بعلاقات صداقة تربطهم بأشخاص آخرين يجدون فيهم بعض ما يفتقدونه داخل المجتمع، وتقوم رابطة الصداقة على التعامل بصدق وإخلاص ومودة؛ فلفظ الصداقة مشتق من الصدق الذي يعني الصدق في القول والعمل، والقائم على الإخلاص والمودة في هذه العلاقة والتعامل الحسن بين الطرفين دون رياء أو نفاق.
فعلاقة الصداقة تتعمق فيها قيمة الحب التي تقوم على العطاء الكبير من كل طرف دون أن ينتظر من الطرف الآخر المقابل، فهذا هو المعنى الحقيقي لعلاقة الصداقة.
اقرأ أيضًا الصداقة
أهمية وجود علاقات صداقة حقيقية
فوجود علاقات صداقة حقيقية في حياتنا تعيننا وتساعدنا على مواجهة متاعب وصاعب الحياة، ومواجهتها في كل الظروف الحياتية التي نمر بها، فالأصدقاء هم الداعم الرئيس لنا عندما نمر بأزمات أو محن، ووجودهم إلى جوارنا يساعدنا على تخطي هذه الأزمات أو المحن، فكم من صداقات قائمة يعطي كل طرف فيها الآخر دون أن ينتظر مقابلًا، قائمة على حب وعطاء وإخلاص نابعين من القلب إلى القلب.
فهذه هي الصدقات الحقيقية التي يجب ألا نفرط فيها وأن نتمسك بها، ومن جانب آخر توجد صداقات قائمة ليس على الحب والإخلاص والعطاء غير المحدود، بل هي قائمة للأسف على المصلحة والمنفعة المادية البحتة التي سريعًا ما تنهار وتختفي بمجرد وصول صاحبها إلى هدفه من هذه العلاقة، لذا يمكنني القول إنه لا يمكن أن نطلق على هذه العلاقة صداقة؛ لأن الصداقة الحقيقية أسمى من هذه العلاقة القائمة على النفعية المادية، فهذه العلاقة يجب أن نتخلص منها؛ لأن النفعية المادية أفسدت علاقات أفراد المجتمع، وطغت على كل مفاصل حياتنا المعاصرة.
اقرأ أيضًا هل الصداقة ضرورية في حياة الإنسان؟
الصداقة الحقيقية لا تبنى بسهولة
فتكوين علاقة صداقة حقيقية لا تُبنى بسهولة، وإنما تأخذ كثيرًا من الوقت حتى يتعرف كل طرف إلى الآخر، وكيف يتعامل، وماذا يقدم، وما الروابط المشتركة بينهم؟ وما مدى الاهتمام بشؤون بعضهم بعضًا سواء على المستوى الشخصي أم على المستوى المهني، فضلًا عن المواقف الحياتية التي يمر بها كل طرف، ومدى وجود ووقوف وتضحية طرف من أجل طرف آخر.
وهكذا تبنى هذه العلاقة السامية، بمعنى آخر يمكن القول إن علاقة الصداقة تُبنى عبر تاريخ زمني ليس بقليل، وعبر ميراث فكري يجعل كل طرف من أطراف هذه العلاقة يقرر أن يصنع ويحاول جاهدًا على خلق ووجود هذه الصداقة مع الطرف الآخر، بعد التحقق من تقارب الرؤى والأفكار والمبادئ الحميدة والجيدة التي تؤسس لوجود هذه العلاقة التي يحرص عليها كل طرف ويتمسك بها ويعزز من بقائها ويحافظ عليها، فمسألة تكوين الصداقة تحمل كل طرف مسؤوليات جمة تجاه بعضهم بعض.
فالصداقة الحقيقية تمثل لكل طرف متنفسًا يمكن به التعبير عن كل ما بداخله بكل حرية ودون التقيد بحدود معينة، فيخرج فيها الكلام من القلب موجهًا إلى القلب الذي اصطفاه وجعله مستودعًا لكل همومه وأحزانه، وفي الوقت نفسه مستودعًا لأفراحه وسعادته، والصداقة الحقيقية تعزز عند أطرافها قيمة التسامح والتعاون والوفاء وجمال الروح.
لذا يجب علينا أن نحافظ على صداقاتنا الحقيقية، وأن نعزز معانيها ولا نفرط فيها، فمن الصعب علينا في هذه الحياة العيش دون هذه العلاقة بكل ما تحمله من معنى.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.