تحتاج الدول إلى تطوير الصناعة؛ لكي تضمن لنفسها مكانًا في مصافِّ الدول الكبرى حول العالم. ولأننا نعيش في عالم مادي ورأسمالي بالدرجة الأولى، فإنه من الضروري أن تهتم الدول بالصناعة، إلى جانب الزراعة بكل تأكيد، ويجب تنويع الصناعات؛ لكيلا تعتمد الدولة على تصنيع نوع معين من السلع. وفي خضم هذا التركيز على الصناعة تظهر لنا مشكلة أخرى، وهي مشكلة المصانع المستغِلة.
في هذا المقال نسأل سؤال مهمًّا: ما المصانع المستغِلة للعمال؟ أي كيف يمكننا تمييزها عن المصانع الأخرى التي تتبع القواعد والقوانين، وتحافظ على الحقوق. هذا ما توضحه لنا كلمات هذا المقال.
ما المصانع المستغلة للعمال؟
نستعرض هنا التعريف العام الذي يعرفنا إن كان مصنع ما مستغِلًّا للعمال العاملين به أم غير ذلك. وما مدى هذا الاستغلال؟ وهل يقوم الاستغلال على أساس التمييز العنصري أم لغرض زيادة الربح فقط؟
أيًّا كان ما يهدف إليه استغلال العمال في المصانع، فإن كنت تريد التعرف على إجابة سؤال: ما المصانع المستغلة للعمال؟ فهي المصانع التي تغيب فيها العدالة ويشيع هضم الحقوق، بالإضافة إلى عمل العمال في ظروف قاسية، سواء من الناحية البيئية أو من الناحية النظامية. وفي ظل هذا تحدث كثير من الانتهاكات التي تصل إلى حد الإهانة، والتقليل من قدر العمال، والنظر لهم نظرة دونية من قبل الإدارة.
بمَ تتميز المصانع المستغِلة للعمال؟
وبقي لنا أن نجيب عن سؤال: كيف نتعرف على المصانع المستغلة للعمال؟ تتميز تلك المصانع بمجموعة من السمات، نسردها في النقاط التالية:
- يعمل العمال ساعات طويلة بأجور منخفضة. وعندما تحسب قيمة العمل للساعة الواحدة تجدها ضئيلة للغاية، ولا تساوي إطلاقًا المجهود المبذول.
- تصل عدد ساعات العمل في أحيان كثيرة إلى 72 ساعة عمل متواصلة، في خرق فاضح لكل القوانين والأعراف الإنسانية. فمن الطبيعي ألا يتحمل إنسان كل هذا الضغط، وكم العمل المفرط.
- من ضمن العلامات الواضحة على أن هذا المصنع يستغل العمالة لديه أنه يعتمد بكثرة على عمل القُصَّر. حيث تجد أن قطاعًا كبيرًا ممن يعملون داخل جدران المصنع هم في سن المراهقة، وتحديدًا بين الرابعة عشرة والخامسة عشرة، أو يزيد أو ينقص عن ذلك بقدر بسيط. ومن المعروف أن هذه العمالة رخيصة، فهي لا تتقاضى سوى ما يقتاتون عليه ويكفيهم، لكي يأكلوا لقمًا صغيرة تعينهم على العيش والاستمرار في العمل والقهر.
- المعاملة السيئة التي تصل إلى حد الضرب. فالعامل الذي يقصِّر في عمله يُعاقب بالتعدي بالضرب من قبل فريق الأمن الخاص بالشركة. إذ تتفق كثير من المصانع مع شركات الأمن لتوفير أفراد الأمن، وبدلًا من أن تكون وظيفتهم الحفاظ على الأمن وحماية العمَّال، يتعدون بالضرب على العامل الذي يخالف قوانينهم بغرض الحفاظ على الأمن.
- توجد كثير من المصانع تنتج ماركات عالمية، ولكن يستغل أصحابها العمال لديهم أسوأ استغلال، فيعملون في بعض الظروف دون تقاضي أي أموال، ويتلقون وعودًا بأن يحصلوا على ما فاتهم من رواتب، ولكن عندما يحين الموعد يجدون أنهم يحصلون على نسبة ضئيلة من مستحقاتهم. وهي من علامات غياب العدالة، واستغلال العمالة بأن يعملوا دون تقاضي رواتب، أو تقاضي جزء صغير منها.
- عدم وجود زيادة في الرواتب. فمن ضمن صور استغلال العمال هو ثبات الرواتب التي يحصلون عليها، على الرغم من أنها يجب أن تزيد كل مدة، وهذا بخلاف الزيادة التي يجب أن يتقاضاها العامل نتيجة العمل لساعات إضافية، فمن المعروف أن عدد الساعات الرسمية في معظم الهيئات هو 8 ساعات، ولكن الواقع أن العمال يمكن أن يعملوا يوميًّا إلى مدة قد تصل إلى ضعف هذا العدد من الساعات، وربما أكثر.
دور الحكومات والمنظمات في محاربة استغلال العمال
عندما نتحدث عن حماية حقوق العمال ومنع استغلالهم، فيجب ذكر دور الحكومات والمنظمات في محاربة استغلال العمال. فالحكومات منوط بها استخدام كل السبل القانونية من أجل سن القوانين التي تمنع استغلال العمال، ومنع عمالة الأطفال ومن هم دون سن العمل الرسمي. ويجب أن تساعدهم في ذلك المنظمات المعنية، مثل منظمات حقوق الإنسان والمنظمات الأخرى التي تعمل في المجال نفسه، سواء الحكومية منها أو غير الحكومية. لذلك، يجب أن تنتبه الحكومات إلى النقاط التالية:
-
لا بد من تحديث قوانين وشروط السلامة المهنية، بما يتناسب مع المتغيرات الجديدة التي تظهر فيما يتعلق باستغلال العمال.
-
تحديث القوانين الخاصة بكل ما هو محظور في بيئة العمل، ومنها مثلًا منع عمل الأطفال دون سن الثامنة عشرة. ويجب عمل حملات من الجهات الحكومية المعنية على المصانع باستمرار من أجل التحقق من تطبيق هذا الأمر.
-
يجب عمل تأمين صحي لأي عامل يعمل في المصنع، ويجب أن يلتزم المصنع بسداد قيم هذه التأمينات إلى الجهات المعنية في الحكومة، ويجب أن يوجد إشراف حكومي شامل في هذا الغرض.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.