يؤدي الوضع الاقتصادي المادي للأسرة دورًا رئيسًا على جميع المستويات، من حيث النمو الجسدي والذكاء والنجاح الأكاديمي وظروف التكيف الاجتماعي.
يرتبط الوضع الاقتصادي للأسرة ارتباطًا مباشرًا بتوفير الاحتياجات التعليمية، مثل أجهزة الكمبيوتر والكتب والقصص، التي يمكن من حيث المبدأ أن تضمن الظروف الإيجابية لتعليم اجتماعي جيد.
والعائلات التي لا تستطيع ضمان هذه الاحتياجات الأساسية لأفرادها لن تكون قادرة على توفير إمكانيات واسعة لأطفالهم للحصول على تعليم أو معرفة معادلة.
وبالتالي، فإن النقص المادي والعوز يقودان الأطفال إلى الشعور بالحرمان والدونية، وأحيانًا السرقة، وكراهية المجتمع بسبب الظروف الاقتصادية السيئة التي تمر بها الأسرة. ويشعر الأطفال بمزيد من الحرمان والضعف ويحرمهم ذلك من فرص التعليم الأخرى.
الأسباب التي تؤدي إلى مشكلات اقتصادية في الأسرة
تعاني معظم العائلات من مشكلات كثيرة سواء بين الوالدين أو الأبناء، ومن أهم المشكلات التي تظهر هي المشكلات الاقتصادية التي لها أسباب كثيرة منها:
ضغوط اقتصادية محيطة
يمثل نقص الموارد المادية للأسرة عقبة رئيسة في عملية التماسك والوفاء باحتياجاتها المختلفة، ووجود موارد مادية عالية وعدم وجود تخطيط متوازن لها يؤدي إلى كثير من الاختلافات.
تؤثر الضغوط الاقتصادية التي تحيط بالأسرة في المجتمع على الحياة الاقتصادية للأسرة. إنها تفرض نفسها على الأسرة؛ لأن الأزمة الاقتصادية فرضت عواقبها على المجتمعات.
منذ بداية الأزمة الاقتصادية، لم يتمكن النظام الاقتصادي العالمي من احتواء الأزمة أو على الأقل التخفيف من آثارها بصورة فعالة، ومن الطبيعي أن تتأثر الأسرة بهذه الظروف الاقتصادية الصعبة والحرجة التي يمر بها الاقتصاد العالمي، لأن الأسرة تُعد الخلية الأولى في المجتمع وتتأثر هذه الخلية بالظروف المحيطة بها سواء أكانت اقتصادية أم سياسية أم أمنية.
قد يهمك أيضًا المشاكل الأسرية والاجتماعية.. الأسباب والعلاج ج3
حجم الأسرة
إن حجم الأسرة يؤثر على اقتصادها؛ لأن صغر حجم الأسرة نسبيًّا يُعد من أهم الركائز التي تقوم عليها الأسرة اليوم، وتتمتع الأسرة المصرية بخصائص الأسرة النواة كما يسميها علماء الاجتماع.
لا بد أن ندرك أن كثرة الأطفال تؤثر على الحياة الاقتصادية للأسرة. فكلما زاد عدد الأطفال، زادت المشكلات بسبب زيادة الإنفاق على الأطفال مثل الملابس والتعليم وما إلى ذلك.
وأنه كلما قل عدد الأطفال، قلت المشكلة الاقتصادية لنسبة معينة، وبالتالي فإن تحديد النسل يحافظ على حياة كريمة بعيدًا عن المشكلات الاقتصادية.
الفقر والبطالة
يؤدي الفقر والبطالة إلى نقص الموارد المادية، ما يؤدي إلى مشكلات اقتصادية كبيرة.
العامل الاقتصادي هو العامل الرئيس وراء جميع أنواع الانحرافات السلوكية، مثل هروب رب الأسرة من المسؤولية، وإدمان المخدرات والكحول، أو اللجوء إلى ممارسة عمل لا يقره القانون، مثل السرقة أو الاتجار بالمخدرات أو غيرهما؛ ما يعرضه للسجن في بعض الأحيان.
يؤدي الفقر والبطالة إلى تراجع المستوى الاقتصادي؛ ما يؤدي إلى التشرد أو تسول الأطفال، بسبب عدم كفاية الموارد المالية، وقد تضطر الأم بسبب تدني المستوى الاقتصادي إلى العمل؛ ما يضعف قوتها ويقلِّل من اهتمامها بشؤون الأسرة، وبالتالي يؤدي إلى ظهور الانقسامات أو المشكلات.
قد تضطر الأسرة الفقيرة في بعض الأحيان إلى جعل أطفالها الصغار يعملون؛ ما يحرم الطفل من إمكانية التعلم ويعرضه لعوامل متعددة من الانحراف.
ويُعد تدني المستوى الاقتصادي مسؤولاً عن لجوء الأسرة إلى العيش في ظروف غير مستقرة. وتوجد أمراض عديدة يمكن أن تمنع رب الأسرة من الاستمرار في عمله أو تزيد من احتياجات الأسرة بسبب حاجة أفرادها للعلاج والأدوية.
إن فقر الرجل وعجزه عن مواجهة مطالب الزوجة والأولاد يدفعه إلى تغيير الزوجة، أو المتعة المحرمة التي لا ترضى عنها الزوجة، فتطلب الانفصال عنه.
قد يهمك أيضًا العوامل الأسرية المؤثرة في تكوين شخصية الأبناء
التغيرات التكنولوجية هي أحد أسباب المشكلات الاقتصادية
إن التغيرات التكنولوجية التي تمر بها المجتمعات والتي أثرت بشدة على النظم الاقتصادية قد صاحبها تغير كبير في السلوك نتيجة هيمنة وانتشار مفاهيم جديدة كالحرية والمزايا الشخصية وانهيار القيم الدينية.
في مواجهة المادية القائمة على السعادة الزوجية، غالبًا ما ينشأ الخلاف بين الزوجين بسبب نقص الموارد الاقتصادية لدعم الأسرة، وتختلف هذه الاحتياجات من مجتمع إلى آخر ومن طبقة إلى أخرى.
ضعف الموارد الاقتصادية والثروة تؤثر على الاستقرار الأسري، لا سيما إذا أسيء استخدامها، كما أن الاختلافات بين الزوجين في عملية الإنفاق والإسراف أو التوفير في كل منهما تؤدي إلى تفاقم الخلافات.
المشكلات الاقتصادية هي الأساس الذي يهدد بناء واستمرارية الأسرة. الأسرة تقوم على الدخل الاقتصادي، وظهور المشكلات الاقتصادية يعني بالتالي خللاً في بنيتها الأساسية.
المشكلة الاقتصادية ليست فقط مشكلة تتمثل في نقص الموارد الاقتصادية في الأسرة.
إن عواقب المشكلات الاقتصادية في الأسرة هي صراعات وعدم احترام أفراد الأسرة الآخرين وحدوث مشكلات التفكك والطلاق، وبالتالي تؤثر على الأسرة وعلى عملية تربية الأطفال.
قد يهمك أيضًا هل للانفتاح علاقة بتفكك الأسرة؟
التعامل مع المشكلات الاقتصادية
منذ العصور القديمة، كانت الصعوبات الاقتصادية تُعد السبب الرئيس لأمراض المجتمع.
حاول كثير من الاقتصاديين وعلماء الاجتماع استخدام دراسات متعددة للتأكد من أن الأسباب الجذرية للانحرافات الاجتماعية تنبع من العوامل الاقتصادية في المجتمع.
ومع ذلك، استمرت الاتجاهات من خلال رؤية النظرة الاقتصادية للمشكلات الاجتماعية فقط.
ترجع الانحرافات الاجتماعية إلى التخلف الثقافي الناتج عن الفجوة بين عناصر الثقافة التكنولوجية المادية وعناصرها الثقافية غير المادية، وبالتالي ظهرت كثير من التفسيرات الاقتصادية المطلقة للجانحين والجريمة وإدمان الكحول والأمراض العقلية وكثير من المشكلات الأسرية التي ظهرت في عملية القضاء على الفقر والقضاء على البطالة والسيطرة على التقدم التلقائي بطريقة سليمة وتوفير السكن الصحي لجميع أفراد الأسرة.
تدخل الإنسانية في العصر الاجتماعي السعيد الذي تخلو فيه الأسرة من مشكلاتها، ويُعد العامل الاقتصادي من العوامل الأساسية ومن أهم العوامل في حياة الأسرة، لأنها إذا لم تجد الموارد الاقتصادية الكافية، تصبح غير قادرة على أداء واجباتها. تعاني الأسرة من هذا العامل بصورة كبيرة، ومقياس الفقر في التقاليد الاقتصادية هو دخل الفرد.
يُعد الوضع الاقتصادي السيئ أحد الأسباب الرئيسة للعنف الأسري ويؤدي إلى عدم قدرة رب الأسرة على تلبية احتياجات الأسرة .
قد يهمك أيضًا تعرف على علاقة صحتك النفسية بصحة جسمك
كيفية تحديد الوضع الاقتصادي للأسرة
الوضع الاقتصادي الذي تمر به الأسرة يحتاج إلى حلول من خلال تحديد الأسباب التي تسبب مشكلات اقتصادية وتحديد محددات الوضع الاقتصادي للأسرة، فالدخل الشهري أو راتب الوالدين من الأمور الضرورية في حياة الطفل؛ لذلك تحتاج كل أسرة إلى دخل اقتصادي يتناسب مع احتياجاتها الضرورية، ومن بين محددات الوضع الاقتصادي للأسرة:
الملابس
يُعد الكساء والملابس من أهم العناصر التي لها أبعاد مهمة في حياة الطفل بصورة عامة، كما أنها مرتبطة بمدى قدرة الأسرة على تلبية هذه الاحتياجات، ووفقًا لأهميتها كونها حاجة ضرورية من الناحية النفسية.
الغذاء والطعام
وبفضل الدخل الذي تضمنه الأسرة، فهي قادرة على توفير العناصر الغذائية الأساسية بالإضافة إلى ضمان نظام غذائي صحي يساعد مباشرة على نمو الطفل ويستجيب لجميع الجهود التي تُبذل لتربيته وتنشئته.
والطفل الذي يعاني من سوء التغذية لا يستطيع الاستجابة لمحفزات التنشئة الاجتماعية.
السكن ومساحته
البيوت الضيقة تجعل الحياة داخل المجموعة أكثر صعوبة، وضيق المساحة وما يسببه من احتكاك دائم بين الأفراد يجعل عناصر الحياة الشخصية شبه معدومة، وعلى العكس من ذلك، كلما زاد حجم المنزل، وُجدت إمكانية أكثر للحركة والتعبير، وبالتالي تؤثر على النمو النفسي والاجتماعي للطفل .
المرجع
الخزاعي، محمود، (2021م)، المشكلات الأسرية: أنواعها، وأسبابها وعلاجها، المجلة الدولية أبحاث في العلوم التربوية والإنسانية والآداب واللغات، جامعة البصرة، مج2، العدد الخامس.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.