إن هذا هو المقال الرابع من سلسلة مقالات تتحدث عن أهم المشكلات التي تواجه الأسرة، وفيه نتناول الاختلاف الثقافي والفكري بين الزوجين.
أسباب المشكلات الثقافية في العلاقة الزوجية
المسافة الثقافية بين الزوجين
من أسباب المشكلات الثقافية الاختلاف الفكري والثقافي والاجتماعي بين الزوجين، لا شك أن الحياة الزوجية مملوءة بالأوضاع التي تتطلب تبادل الآراء واتخاذ قرارات مختلفة في جميع مناحي الحياة، وبُعد المسافة بين ثقافتي الزوجين يزيد من حدة المناقشات في قضايا الحياة، ما يخلق مشكلات كبيرة بينهما.
إن عدم التوافق الناتج عن عدم التوافق الثقافي بين الزوجين المرتبط بانخفاض مستوى التعليم والثقافة، له تأثير كبير في طبيعة العلاقة الزوجية.
يعد الاختلاف في المستوى الثقافي والعلمي بين الزوجين عاملًا مهمًّا على المدى القصير أو الطويل في فسخ الرابطة الزوجية.
يتميز المتعلم عن غيره بنظرته للحياة، لذلك نجد أن الاختلاف في المستويات الثقافية بين الزوج والزوجة له الأثر الأكبر في حدوث الخلافات التي تؤدي إلى الطلاق، خاصة أن الأسرة هي مجموعة تقوم على أساس التعاون المتبادل، وهي لا تدوم طويلًا مع وجود الخلافات والصراعات التي يمر بها الزوجان باستمرار.
قد يهمك أيضًا المشكلات الأسرية والاجتماعية.. الأسباب والعلاج ج3
إن أهم العوامل التي تؤثر سلبًا في العلاقة الزوجية في ظل الزواج قد تكون بسبب الاختلاف الثقافي في أمور مثل:
- مفاهيم الوصاية والسلطة واتخاذ القرار في جميع الأمور المتعلقة بالحياة الزوجية والأولاد والعمل وغيره.
- ثقافة الزوجين التي يمكن أن تكون مصدر توتر ومصدر تضارب في القيم.
- اختلاف معايير الحرية الزوجية من جهة التفاهم والسلوك، وهذا الاختلاف يؤدي بالضرورة إلى صراعات وتنافسات داخل الحياة الزوجية.
- وكذلك العلاقات السابقة للزوجين.
- التعامل بأسلوب الرابح والخاسر، وهذا يمكن أن يؤثر سلبًا في سير الحياة الزوجية.
وهذه العوامل يمكن أن تكون حاسمة في تأجيج الخلافات داخل العلاقة الزوجية.
قد يهمك أيضًا المشكلات الأسرية والاجتماعية.. الأسباب والعلاج ج1
تباعد القيم
اختلافات القيم واختلافات الثقافة بين الزوجين من أهم أسباب ظهور المشكلات بينهما، وقد ثبت أن اختلافات القيم والثقافة بين الزوجين تجعلهما يتعارضان حول مسألة تربية الأبناء، فكل منهما يريد تربية أبنائه على طريقته الخاصة، وهذه الطريقة تعتمد على حياتهما وانتمائهما الثقافي والاجتماعي وأصولهما القومية.
إن هذه القضايا لا تؤدي إلا إلى انعكاسات سلبية على مستقبل العلاقات الزوجية بين الشريكين.
إن الزواج المختلط ثقافيًّا يجعل الزوجين أكثر عرضة للانفصال من غيرهما، ويزداد الخطر على مصير تربية الأبناء إذا كان الزوج المسلم يعيش مع زوجته الأجنبية في بلده، التي تقدر دور الأم في نقل ثقافتها إلى الأطفال من خلال مؤسسات التنشئة الاجتماعية الأخرى، مثل المدرسة وجماعة الرفاق والألعاب ووسائل الإعلام وغيرها.
تشترك الدول والمناطق في ثقافات معينة عرفها المجتمع واكتسب شرعيتها من خلال الاعتراف الجماعي والتواطؤ معها، وهذا يختلف بين المناطق والشعوب المختلفة مع مراعاة ثقافة اختلاف الرأي.
وفي المشكلات الثقافية اختلافات في العادات، ووجود اختلافات ثقافية وعلمية وأكاديمية بين الزوجين يجعل الحوار والاحترام يعتمدان على القيم، وتتأرجح القيم بين طرفي العلاقة الزوجية، مع ما ينشأ من مشكلات تتعلق باختلاف المصالح وظهور التشققات، والغطرسة وعدم القبول بين الطرفين.
قد يهمك أيضًا ما هي أسباب المشاكل الأسرية؟ ج5
معالجة المشكلات الثقافية
في الواقع، إن الثقافة متفق عليها بطريقة ما بين المجتمعات، وهي مختلفة إلى حد ما أيضًا.
عندما يكون الزوجان من مكانين مختلفين، يوجد صراع بين ثقافتيهما، خاصة إذا كانت الزوجة من المدينة وكان الزوج من أصل ريفي، ولكن إذا نظرنا إلى الثقافتين نجد كثيرًا من أوجه التشابه.
الاتفاق في العموميات والاختلاف في التفاصيل، وبينما جذبت الثقافة انتباه علماء الأنثروبولوجيا في الماضي، أصبحت هذه الظاهرة موضوعًا لكثير من العلوم الاجتماعية، وعلى رأسها علم الاجتماع، بسبب الارتباط بين الثقافة والمجتمع، فالثقافة مهمة في حياة الإنسان.
ومن هذا المنطلق، تحتل الثقافة مكانة كبيرة في دراسات علم الاجتماع والأنثروبولوجيا الثقافية والاجتماعية.
قد يهمك أيضًا أدوار الأخصائي الاجتماعي في العلاج الأسري
التفاعل الرمزي والقضايا الثقافية
تتلخص فكرة التفاعل الرمزي في مجال الأسرة في التركيز على التفاعل الأسري في عمليات صنع القرار وعمليات التنشئة الاجتماعية، وأداء الأدوار الأسرية والعناية بمشكلات التواصل.
وعلى الرغم من تركيز النظرية على العمليات العائلية الداخلية، فإنها تهتم أيضًا بالتفاعل الاجتماعي، فما يحدث في البنية الاجتماعية برمتها يكون متأثرًا بالتفاعل الأسري وكيفية التنشئة.
وأشار كولي إلى ارتباط الأسرة (إحدى المجموعات الأساسية الأكثر أهمية) بعملية الضبط الاجتماعي أو التنظيم. وذكر أن الأسرة تتميز بعلاقات حميمة مباشرة وأن التفاعل الأسري الدائم يؤدي إلى صياغة مجموعة من القيم والأعراف والأدوار التي تعزز عملية الضبط الاجتماعي.
من خلال النظرية التفاعلية الرمزية، يؤدي تسلسل الاتصال إلى معالجة المشكلات وحلها، وتشكيل دائرة من التفاهم المتبادل من خلال حوار واضح ومفهوم، خالٍ من التناقضات مع الآخرين لفهم رسائلها.
قد يهمك أيضًا نظام الأسرة بين أسس الاستقرار ومؤشرات الصراع
الافتراضات التي تُبنى عليها نظرية التفاعل الرمزي لحل المشكلات
الفرضية الأولى
إذا أردنا فهم الزواج والسلوك الأسري بين الزوجين فعلينا دراسة العلوم الإنسانية، ولا يمكن استنباط السلوك البشري من دراسة الأنماط غير البشرية.
لأن الاختلاف الأساسي بين الإنسان وغير الإنسان ليس مجرد مسألة درجة، بل هو اختلاف نوعي أساسي، وتستند جوانب هذا الاختلاف إلى اللغة والرموز والمعاني والإشارات والعمليات الانعكاسية.
وعند محاولة شرح السلوك الاجتماعي لرجل معين، مثل اختيار امرأة من منطقة مختلفة عن ثقافة منطقته، فهذه الحالة لا تعرف بملاحظة سلوك الشمبانزي أو الكلب، لأن الحياة الاجتماعية لا تشبه الحياة الطبيعية أو البيولوجية أو غير ذلك من الأمور غير الإنسانية.
قد يهمك أيضًا الأسرة العربية وكل ما يخص علاقاتها بالمجتمع
الفرضية الثانية
النهج الصحيح لفهم السلوك الاجتماعي البشري من خلال عملية تحليل المجتمع.
من الممكن فهم سلوك الزوج والزوجة والطفل من خلال دراسة المجتمع الذي نشؤوا فيه وتحليله، والثقافة الفرعية التي أتوا منها.
لاحظ أن هذه الفرضية لا توافق على أن المجتمع مناسب ليكون حقيقة واحدة غير متناهية، على سبيل المثال، المجتمع ليس له أسبقية ميتافيزيقية على الفرد.
أو أن الحتمية الثقافية صالحة لتفسير أي سلوك، وأن ولادة الأشخاص في المجتمع تعني من ثم أن اللغة التي يتحدثون بها أو التعريفات التي يقدمونها للمواقف وما هو مناسب أو غير مناسب هو ما يتعلمونه من البيئة الاجتماعية والبيئة الثقافية.
يُطبق علماء الاجتماع التفكير الرمزي على أنماط التفاعل بين الأفراد في المجتمع أو في الأسرة، وغالبًا ما تتضمن دراساتهم مراقبة التفاعلات الفردية.
يمكن حل مشكلات التباعد الثقافي والقيم من خلال استخدام ثقافة الحوار ومعرفة كل طرف بطبيعة الطرف الآخر، حفاظًا على استقرار الأسرة ومنع عملية التفكك التي تؤدي إلى النهاية "الطلاق"
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.