المسرح.. بداياته ورواده وعناصره

يحفل الأدب العربي بعدد من الأنواع والأجناس الأدبية التي يتربع عليها عالميًّا، وذلك لثراء اللغة العربية ومفرداتها التي لا تضاهيها أي لغة في العالم. إذ تلقب اللغة العربية بلغة القرآن الذي نزل بها، ولغة الضاد لأنها اللغة الوحيدة التي يوجد بها حرف الضاد، أما عن نشأتها فيقال إن أدم أول من تحدث بها في الجنة ويقال إسماعيل عليه السلام ويقال أيضًا إن يعرب بن قحطان كان أول من تحدث بها.

علوم اللغة العربية 

للغة العربية عدد من العلوم التي تختصُ بها، منها علم اللغة وعلم التصريف والنحو والمعاني والبديع والبيان والعروض وغيرها من العلوم التي اختصت بها اللغة العربية دون سواها، ومن فنونها الشعر، والخطابة، والنثر، والرسائل، والمقامات، والموشحات.

ومن الطبيعي أن الفنون الأدبية تتطور بتطور اللغة لتأتي أجناس أدبية جديدة كالقصة والرواية والأقصوصة وقصيدة النثر والمسرح، فقد مرت اللغة العربية بمراحل قوة وتطور كما مرت بمراحل ضعفٍ وتراجع.

وللفتوحات الإسلامية أثرها البالغ الذي جعل منها اللغة الأولى في العالم في تلك الأوقات، وزادها تطورًا، إذ تضاعفت المفردات العربية، ويكمن السبب في ذلك في دخول أهالي البلاد المفتوحة للإسلام والذي كان له أثران في اللغة العربية، الأول قوتها بتضاعف مفرداتها وتطعيمها باللغات الأخرى، والثاني ضعفها لدخول اللهجات فيها بسبب تعلم اللغة العربية لغير الناطقين بها في تلك البلاد.

أما عن فنونها التي استفادت من ذلك التنوع اللغوي والاحتكاك بالحضارات الجديدة وآدابها التي احتوتها العربية وطورتها، ومنها أبو الفنون (المسرح) الذي يُعدُ من الفنون الأدبية الدخيلة والجديدة على الآدب العربي التي تطورت بتسارع، وكل نوع من تلك الأنواع برز في عصرٍ من العصور وكان له تأثيره وسطوتهُ أدبيًّا في حينه.

لم يُعرف المسرح قديمًا لدى العرب لأسباب عدةٍ، لعل أهمها أن المسرح يهتم بالتجسيد الحي ويفترض مشاركة المرأة بذلك التجسيد، في حين أن العربي قديمًا لم يكن يستسيغ مشاركة المرأة في شيء كهذا بالنسبة للحرائر وحتى الجواري التي كان يرى أنهن للمتعة الفردية لا الجماعية، كما أن المنظور الديني الإسلامي يقتضي القضاء على الوثنية، والمسرحُ تجسيد يقترب من ذلك ويعتمدُ في غالبهِ على الأساطير.

كما أن المجتمع قبل الإسلام لم يكن منفتحًا على الآخر وكان يعتز كثيرًا بالشعر ولا يرى بغيره فنًا أو إبداعًا، حتى الحضارات التي انفتح عليها لم تكن تعرف المسرح كثيرًا باستثناء حضارة اليونان التي كانت بعيدة بعض الشيء عن الحضارة العربية التي أبدعت فيه برغم أن مسرحياتهم في معظمها تبرز الصراع بين الإنسان والقوى الإلهية وهي نزعة يمقتها الإسلام.

اقرأ أيضاً تاريخ المسرح

نشأة المسرح في القرن الثامن عشر

 وهنا سنتطرق للحديث عن المسرح وهو المكان الذي يعرض فيه النص المسرحي -المسرحية- والكتابة المسرحية التي برزت في القرن الثامن عشر.

وكان من أبرز رواده عربيًّا أبو خليل القباني المولود في دمشق عام 1835م، وتوفي عام 1903م الذي يُعد أول من أسس مسرحًا عربيًّا في دمشق إذ بدأ أول عرض مسرحي بها عام 1871م.

كان أبو خليل القباني قد قدم عروضًا منها هارون الرشيد وعايدة وناكر الجميل وأنيس الجليل والشيخ وضاح ومصباح وقوة الأرواح وغيرها.

وكان لأحمد شوقي الفضل الأول بكتابة الشعر المسرحي بنصي مجنون ليلى التي كتبها عام 1931م وأيضًا عنترة التي كتبها عام 1932م.

أما الكاتب المصري توفيق الحكيم الملقب عدو المرأة وصاحب المقولة "المصلحة الشخصية هي دائمًا الصخرة التي تتحطم عليها أقوى المبادئ" والمولود عام 1898م بمدينة الإسكندرية لأب مصري وأم تركية والمتوفى 1987م، فمن أهم كتاباته المسرحية أهل الكهف التي ترجمت لعدد من اللغات ومسرحية شهرزاد وغيرها.

وكان ليعقوب صنوع والذي لقبه الخديوي إسماعيل موليير مصر والمولود في 1839م والمتوفى عام 1912م وهو كاتب مصري كان له أثره الواضح في الكتابة للمسرح بمسرحيات منها" موليير مصر وما يقاسيه، وبورصة مصر، والعليل، والبخيل وغيرها".

ويعد الروائي المصري يوسف إدريس المولود في 1927م والمتوفى في 1991م من رواد كتابة المسرح والكتابة الأدبية عمومًا وله من كتاباته المسرحية "ملك القطن، واللحظة الحرجة، والبهلوان" وغيرها.

أما سعد الله ونوس المولود عام 1941م والمتوفى 1997م، فقد اتخذت كتاباته المسرحية بعدًا سياسيًا للوضع العربي، ومنها "منمنمات تاريخية، والملك هو الملك، وأحلام شقية".

وقد تطور المسرح العربي تطورًا ملحوظًا وتكوَّنت منه تفرعات جعلت منهُ جنسًا أدبيًّا لا يقل عن الشعر والخطابة وغيرها من فنون الأدب التي كانت رائدةً لعصور.

يتنوعُ المسرح فمنهُ الكوميدي والتراجيدي، والمسرح الغنائي، والملحمي، والميلودراما، والانفعالي، وغيرها من تشعبات المسرح وتفرعاتها التي برزت واتخذت أنواعًا متفردةً بذاتها.

اقرأ أيضاً تاريخ ونشأة اليوم العالمي للمسرح

العناصر الأساسية للمسرح 

أما عن العناصر الأساسية للمسرح فهي:

  1. الفكرة التي تتبلور عليها المسرحية من مبتدئها لمنتهاها والتي تضم الأفكار الثانوية فيها دون التشعب الذي قد يضيع الفكرة الأساسية للمسرحية.
  2. من واجبات الكاتب المسرحي اختيار موضوعه بعناية تخدم الفكرة وتناقشها وتقدم تصورًا وحلولًا مقبولة، وهو بذلك يحتاج للإلمام الجيد بأبعاد الفكرة.
  3. الشخصيات التي تلم وتثري الموضوع مكانًا وزمانًا.
  4.  تناسق الحوار، إذ يصل لذروة الصراع لإيجاد حلول بنهايته مقبولة لدى المتتبع.

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مقالات ذات صلة