في قراءتي بعض الروايات والمجموعات القصصية لعدد من الكتاب المصريين لفت انتباهي أن البعض منهم ذهب لتناول العلاقة الجسدية في اختزال واضح للمرأة في صورة المقدس المخلص، والطريقة التي يستهلك بها الكاتب جسد المرأة في سرده.
فهو يتعامل مع هذا الكيان على انه أتى بجسده ليذهب اللعنات ويبطل السحر ويخلص البطل من صراعه مع الميثولوجيا الإلهية داخل عقله.
اقرأ أيضًا روايات رومانسية مصرية أثرت في تاريخ الأدب العربى
دور المرأة في سرد الأحداث
قد تؤدي المرأة طول مدّة السرد دورًا هامشيًا ويكون التركيز الأكبر على الصراع الدائر داخل عقل البطل أو الأحداث بين الأبطال، ثم فجأة تُفرد صفحات وعدد من السطور لشرح تفاصيل العلاقة الجسدية في وسط هالة من القدسية تغلف الجسد الأنثوي، وهذا ما أريد مناقشته من عدة منظورات:
الأول: المنظور الخيالي، ما يسيطر على خيال بعض الكتاب وهو قد يظهر الخيال المجتمعي، وهو التعامل مع جسد المرأة معاملة المخلص الذي أتى ليفك اللعنات، ويمحو الذنوب، ويحيي الموتى، ويصنع المعجزات سواء كانت واقعية قابلة للتحقيق أم خيالية أسطورية.
الثاني: المنظور المعتقدي، فكثير من الكتابيعتقد أنه أعطى المرأة دور البطولة الحقيقية في أن تكون رمزًا للحرية، ولعله لم يلحظ أنه يرمز بجسد المرأة ويستلبها داخل الصورة المادية بمفهومه الضيق والعلاقة الجسدية وعدِّهما سلاح المرأة الوحيد لتحقيق الحرية.
الثالث: المنظور الموروثي، وهي طريقة عرض أجدها متأثرة كثيرًا بفكرة الشيخ الذي يقدم جسد المرأة قربانًا للأسياد لخروج الجن والعفاريت من حيز الوجود الإنساني.
الرابع: المنظور الواقعي، بنزع الغطاء الأول والثاني والثالث يتكشف لنا كيف يظهر الصراع الدائر حول مفهوم الجسد الأنثوي والعلاقة به في عقل الكاتب، وقد يكون هذا انعكاسًا للبيئة المحيطة (وأقصد هنا المجتمع)، وتجريد هذا الجسد من صورته ودوره المادي الواضح وحصره فقط في المنظورات الثلاثة السابق ذكرها.
ربما هذا الطرح يظهر كيف تكون صورة المرأة في الخيال المجتمعي، وأنها منحصرة في أدوار متعددة بعيدة كل البعد عن دوره المادي البسيط الواضح والمباشر.
اقرأ أيضًا رواية كاتيوشا للكاتب المصري وحيد الطويلة.. كل ما تريد معرفته عن عالم النساء
معاناة المرأة في المجتمع
وقد يظهر هذا أيضًا معاناة المرأة داخل المجتمع، والتي يحمل جسدها حل لعنة الفراعنة وفك الشفرة الميثولوجية وحل النزاعات العقدية والاضطرابات النفسية والخلخلة الوجودية، وطرد الكيانات الميتافزيقية، وإخراج الكنوز من باطن الأرض، وتصحيح الأخطاء المجتمعية وإشعال الفتن وإخمادها، وكشف المستور وحمل مفاتيح الحياة والموت، وكأن جسدها يحمل سر (قنديل أم هاشم).
عندها يأتي دور سؤالين مهمين: كيف يتحمل الجسد الأنثوي كل هذا العبء بمفرده؟ ولماذا لا يتدخل عقل المرأة ليتحمل بعض العناء داخل السرد الروائي والقصصي؟
قد يرجع البعضُ السبب للسلطة المجتمعية أو الدينية أو السياسية، لكني أجد الأمر أبعد من ذلك، وقد يظهر السرد بعدًا بيئيًا يكشف عن صورة المرأة في الخيال المجتمعي.
وقد يدفعني هذا الطرح إلى عدم رؤية أرى خلاصًا للمرأة في وسط مجتمع يجردها من منظورها المادي ودوره المباشر، ويصبغ كيانها بمنظورات تختزل وجودها في بعد ميثولوجي مقدس.
سبتمبر 24, 2023, 5:58 م
طرح موفق
دوام التوفيق لك ولقلمك رشا
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.