المتوحد المراهق.. لماذا ينتظره مستقبل صعب؟

واحدة من المشكلات التي تواجه أطفال المتوحد في مرحلة المراهقة هي التمسك بالرأي، وعدم القدرة على طرح البدائل والخيارات البديلة؛ ما يعني أنه يفتقد المرونة في التعامل مع المشكلات والمواقف التي تواجهه.

متصلب الرأي

دائمًا ما يوصف المتوحد المراهق بأنه متصلب الرأي والفكر، ليس من السهل إقناعه بشيء، وهذا يجعله يعاني مشكلات لا حصر لها في تعاملاته اليومية. فالشخص المرن، يقبل الأخذ والرد، لكن المتوحد على العكس تمامًا يصر على موقفه، ويرفض التراجع عنه، ما يوقعه في مشكلات مع الأفراد المحيطين به، ويفشل في تكوين صداقات.

ويعود السبب في ذلك إلى اختياراته المحدودة، والإصرار عليها، على الرغم من طرح مجموعة من البدائل أو الحلول الأخرى المقبولة، ولكنه لا يقبل بها ويرفضها جميعًا، ويصر على الشيء الذي يريده، وذلك لأنه تعوَّد منذ الصغر على أن هذه المشكلة لها حل واحد فقط، دون قدرة على التفكير في حلول أخرى بديلة قد تكون أنسب في هذا الموقف من غيرها.

المنطقة الرمادية غير موجودة على الإطلاق لدى المتوحد المراهق، فالقضية إما أبيض وإما أسود، نعم أو لا، لا حلول وسط، وهذا يسبب له كثيرًا من المتاعب.

اقرأ أيضًا: أهم المشكلات التي تواجه طفل التوحد الناطق في مرحلة المراهقة

ماذا عن الأصدقاء؟

لك أن تتخيل مثل هذه الشخصية متصلبة الفكر عندما تتعامل مع الأصدقاء والأقران، بالتأكيد يواجه صعوبات كثيرة، وهو ما يفسر فشله في إقامة صداقات مع أقرانه؛ لأنه يفتقد إلى المرونة في تعاملاته، والعلاقة بين الأصدقاء ليست علاقة جدية كعلاقة الزملاء في العمل التي ينجح المتوحد فيها، في المقابل فإن العلاقة بين الأصدقاء تحتاج أشياء أخرى، مثل المرونة في التعامل، تقبل بعض الأخطاء والأعذار من الأصدقاء، إبداء التعاطف حال وقوع الأصدقاء في مشكلة أو أزمة وغيرها من الأمور.

الفكرة أن العلاقات الاجتماعية تمثل أكبر عائق أمام المتوحد، سواء في البيت أو مع الأصدقاء أو الزوجة مستقبلًا، لذلك من الضروري على الاختصاصي عند تأهيل حالات المتوحد ومنذ وقت مبكر، تدريبه وتعويده على البدائل والاختيارات المتنوعة، بمعنى أن لكل مشكلة أكثر من حل، وعليك الاختيار من بين الحلول المطروحة، أو تفكر في طرح حلول أخرى قد تراها مناسبة.

كذلك الوالدان في البيت، يجب عليهما تدريب الطفل بواسطة استراتيجية المشكلة والحل. على سبيل المثال، تعطل سبارة الأب في أثناء عودته من العمل، عندما يتحدث الأب إلى طفله المتوحد ويريد أن يستمع لرأيه في ول كيفية حل هذه المشكلة، يكون الرد: عليك الاتصال بميكانيكي سيارات، ماذا لو كان العطل في يوم إجازة مثلًا أو في وقت متأخر من الليل ولا توجد ورش في هذا التوقيت؟

هنا على الوالدين أن يطرحا المشكلة على الطفل، وأن يشجعاه على اقتراح الحلول الممكنة لهذه المشكة وغيرها من المشكلات، وألا يتوقف عند حل واحد، وإذا حدث، يكون الأب يقظًا بطرح تساؤلات افتراضية حال عدم القدرة على تحقيق الحل الأوحد الذي طُرح لحل المشكلة.

اقرأ أيضًا: أفضل طريقة للتعامل مع طفل التوحد العنيد

الأمر المهم هنا، هو استثارة عقل المتوحد المراهق من أجل طرح بدائل واختيارات، فنساعده على تخطي مرحلة التصلب في الفكر والرأي، لكي يتقبل أفكارًا أخرى بديلة تصلح أن تكون حلولًا ممكنة للمشكلة.

فالأم عندما تريد أن تطبخ أكلة ما لطفلها، وتفاجأ مثلًا بعدم وجود طماطم لعمل الصلصة في البيت، ما الحلول الممكنة إذن؟ تتوجه بهذا السؤال لطفلها، وتستمع لآرائه، وتشجعه على طرح بدائل، وهكذا في كل أمور حياتنا، ندفع المتوحد دفعًا نحو تجاوز مرحلة التصلب في الرأي، والتفكير في الحلول والبدائل.

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مقالات ذات صلة