يخطئ من يظن أن سرقة المال العام شطارة، وأن الرشوة مهارة، ويخطئ من يظن أنه سيسعد بدار بناها من مال حرام.
التاريخ يُتحفنا بقصص أن سرقة المال العام تُورث الدياثة، وخراب البيوت، وتُشتت الأسر، وأن المال الحرام يُورث الندامة، ويُفقد الكرامة، ويكوي بنار جهنم يوم القيامة، وما كان ربك نسياً.
قال الرسول محمدٌ -صلى الله عليه وسلم-: "ليأتين على الناس زمان لا يبالي المرء بما أخذ المال أمن الحلال أم من الحرام".
وكأنما ذلك الزمان هو زماننا، وهؤلاء الناس هم منا وبيننا، وذلك المال هو ما نهب وينهب من أموال شعبنا وأهلنا.
ويقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إن الحلال بَيّن وإن الحرام بَيّن، وبينهما مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه".
ويوم القيامة يُسأل المرء عن علمه وعمره وجسده مرة واحدة، بينما يُسأل عن ماله مرتين، مرة عن مصدر المال، ومرة عن طريقة إنفاقه، كما في الحديث الشريف: "لا تزولُ قَدَمَا عبدٍ يومَ القيامةِ حتَّى يُسألَ عن أربعٍ: عَن عُمُرِه فيما أفناهُ، وعن جسدِهِ فيما أبلاهُ، وعن عِلمِهِ ماذا عَمِلَ فيهِ، وعن مالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وفيما أنفقَهُ". (رواه الترمذي وصححه).
أنواع المال الحرام:
اقرأ أيضًا:
تأسيس مشروع إلكتروني و الترويج له
وإذ أردنا أن نوضح صور الحرام فيمكن ذكر الآتي:
· قبول الرشا، فعن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- قال: لعن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الراشي والمرتشي.
· قبول الهدايا ممن لديهم مصلحة مع الشخص وخاصة المقاولين أو الشركات أو جهات التفاوض.
· اختلاس المال العام.
· تقديم قوائم صرف في ترميم الدوائر أو في الولائم أو في النفقات الأخرى أكثر مما هو مصروف مع الاستحواذ على المال الزائد.
· الاستحواذ على نثريات الدوائر، وتقديم قوائم صرف كاذبة.
· أخذ نسبة من تخصيصات المشاريع مع المقاولين أو المنفذين، وإنجاز عمل دون المواصفات المطلوبة بالاتفاق.
· أخذ (كومسيون) أو عمولة لإحالة المشاريع للشركات أو المقاولين.
· الاستيلاء على رواتب بعض الموظفين أو العاملين في القوات المسلحة والشرطة (الفضائيين).
· أخذ مبالغ من سواقي الشاحنات الداخلة للبلاد، والاستحواذ عليها كلاً أو جزءاً وعدم إرسالها لخزينة الدولة.
· تمرير بضاعة فاسدة أو عدم أخذ الجمرك عليها، وأخذ مبالغ لحساب المسؤول عن دخول البضائع للبلاد.
· تسجيل ضريبة شكلية غير حقيقية على الدور والعقارات أو الدخل بإنقاص قيمتها، مقابل أخذ مبلغ من النقود لحساب موظف الضريبة.
· سرقة موارد البلاد كموارد النفط أو الغاز والاستيلاء عليها كلاً أو جزءاً للحساب الخاص.
· استلام أي مبلغ دون سند قانوني، أو بالتحايل على القانون، أو دون استحقاق وتخصيص رواتب لعوائل كاملة -حتى الرضيع- بالملايين دون وجه حق باستغلال السلطة، وهنالك أناس تقتات على القمامة حرام وإن شرع بقانون، وسيحاسب الله كل من تعاون في مثل ذلك.
· أي سرقة من المال العام، سواء سرقة النفط من أنابيب النفط، أو سرقة أغطية المناهل، أو الأسلاك النحاسية للكهرباء.
· الفصول العشائرية التي تخرج عن الشرع والعرف المجتمعي.
· اكتساب المال بالحيلة أو الغصب أو الإكراه.
· دخول أي دينار في جيب الموظف أو المسؤول من الوظيفة عدا الراتب أو الإكرامية.
· التعامل بالربا.
· أموال القمار والدعارة والبغاء والسمسرة والمخدرات وكافة المحرمات.
عواقب المال الحرام
· عليهم غضب الله ولعنته.
· عدم استجابة دعائهم.
· زوال البركة في مالهم.
· عدم الارتياح والسعادة مع المال الحرام.
· عدم قبول عباداتهم (صلاة وصيام وغيرها).
· عدم قبول حَجِّهم.
· المصيبة في الجسد. (الابتلاء بالمرض).
· المصيبة في العرض والشرف حيث يشاركهم الشيطان في أموالهم وأولادهم فيشيع الزنا، والطلاق، والمخدرات، والفسق، والرذيلة.
· الهلاك والعداوة مع الله ورسوله.
· الطرد من رحمة الله.
· عدم قبول صدقاتهم.
· عذاب القبر: قال النبي الكريم: "من أخذ من الأرض شيئاً بغير حقه خُسف به يوم القيامة إلى سبع أرضين".
· المحاسبة والعقاب يوم القيامة، ومنه ما ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لكعب: ".... يا كعب بن عجرة، إنه لا يربو لحم نبت من سحت إلا كانت النار أولى به"، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إن رجالاً يتخوضون في مال الله بغير حق فلهم النار يوم القيامة".
· العذاب في الدار الآخرة.
من القصص الواقعية لنتائج المال الحرام
· وهذه قصة أخبرني بها صديق، وهي أن أحد معارفه لديه أحد الأبناء يعمل نقيباً في إحدى مواقع السيطرة، وأن هذا الابن وخلال فترة عدة أشهر اشترى دار سكن بمبلغ 800 مليون دينار، وكان صديقي يعتب على معارفه هذا كيف لم يحاسب ابنه، من أين جاء بالمبلغ الذي اشترى به هذه الدار؟
أليست مهمة الآباء محاسبة أبنائهم وإصلاحهم عندما ينحرفون عن الصواب؟
اقرأ أيضًا:
-كيف تجني المال بمهاراتك من منصات العمل فري لانسر؟
يستطرد صاحبي ويقول: إن هذا الشخص ابتُلي بمرض، وإن زوجته قد تركته، وهو يعيش الآن وحيداً، كما أن زوجة أحد أبنائه قد تركت ابنه وانفصلت عنه، وإحدى بناته المتزوجات قد تم طلاقها، ولديه أخ ابتلي بمرض غريب، وهذا جزء قليل من كثير.
· الشيخ محمد النابلسي يذكر قصة عندما كان في العمرة، كان لديه صديق ذكر له هذه القصة الواقعية: "كان لبدوي من أطراف جدة في المملكة العربية السعودية أرض.
لما توسعت جدة اقتربت من أرضه فارتفع سعرها، باعها بسعر بخس دون أن يعلم، لأنه كان في مكتب عقاري خبيث جداً، استغفله واشترى أرضه بأبخس الأثمان، ثم بنى فوقها عمارة من عشرة طوابق.
وأصحاب المشروع شركاء ثلاثة: الأول وقع من فوق الطابق العاشر إلى الأرض ومات، والثاني دهس بسيارة ومات، أما الثالث فقد انتبه للموضوع فبحث عن صاحب الأرض عشرة أشهر حتى عثر عليه وأعطاه ثلاثة أمثال السعر السابق أي سعرها الحقيقي، فقال له البدوي: "تره أنته لحكت حالك".
وهنالك من القصص ما تملأ مواقع الإنترنت والتواصل الاجتماعي، فهل من معتبر؟
وهي دعوة لكل من غمس يده وجيبه وعائلته بالمال الحرام ليتوب إلى ربه توبة نصوحاً، وليتصالح مع الله ونبيه، فإن غضب الله آتٍ، والرسول -صلى الله عليه وسلم- غير راض عن فعله.
أرجعوا أموال اليتامى والفقراء والمعوزين، هذه المليارات التي سرقت لن تغني عنكم من الله شيئاً، ستكون وبالاً عليكم، وستردون إلى عالم الغيب والشهادة فيحاسبكم وينبئكم بما كنتم تفعلون.
أعيدوا كل دينار حرام استوليتم عليه عن طريق رشا أو اختلاس أو سرقة أو دون وجه حق، عسى الله أن يقبل توبتكم، فإن الدنيا فانية.
فقد قال تعالى: "يا بني إنها إن تك مثقال حبة من خردل فتكن في صخرة أو في السماوات أو في الأرض يأتِ بها الله ".
وغداً ستمثلون أمام الله سبحانه وتعالى، فيحاسبكم على كل صغيرة وكبيرة فماذا أنتم قائلون؟
اقرأ أيضًا
-واقع حقيقي| صراع الضمير والمال!
-3 خطوات لتحقق الثراء منذ الصغر
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.