«اللصوص الخفية».. كيف نتعرض للسرقة يوميًّا دون أن نشعر؟

هل شعرت يومًا أنك تعيش حياتك في دائرة مغلقة؟ تحاول أن تركز وتنجز، لكنك تجد نفسك تضيع وقتك في أشياء لا معنى لها؟ تتنقل بين المهام وتؤجلها، ولا تشعر أن بشيء قد تحقق؟ هذه اللصوص الخفية التي نواجهها يوميًا هي السبب، اللصوص التي تسرق وقتنا وطاقتنا وأفكارنا، وتخطف هويتنا دون أن نلاحظ.

يعتقد كثير منا أن السرقة تأتي من الخارج، من شخص نعرفه أو من حدث خارجي، لكن الحقيقة هي أن لصوصًا داخليين هم أكثر فتكًا من أي عدو خارجي، هؤلاء اللصوص يسرقوننا تدريجيًا، ونحن لا نراهم، يشملون كل شيء من التشويش الذهني إلى القلق المستمر، ومن التشتت إلى المقارنات السلبية، هذه اللصوص تأخذ هيئات وأنماطًا كثيرةً منها:

اقرأ أيضًا: كيفية التغلب على المماطلة والتسويف

1. التشتت الرقمي

نحن محاطون بهواتفنا الذكية والإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي التي تسرق وقتنا وتركيزنا على نحو غير مباشر، فكل إشعار أو رسالة هي دعوة لتهديد تركيزنا، ووفقًا لدراسة من جامعة كاليفورنيا فإن كل مرة نتحقق فيها من هواتفنا في أثناء العمل أو الدراسة نحتاج إلى عدة دقائق لاستعادة تركيزنا.

2. المقارنة الاجتماعية

نحن نعيش في عصر تتدفق فيه الصور والكلمات التي تصوّر حياة الآخرين على نحو مُثالي، ما يجعلنا نقارن أنفسنا بهم طوال الوقت، هذه المقارنات تسرق منا تقديرنا لذاتنا، وتقودنا إلى التفكير السلبي والنقد الذاتي المستمر.

يقول الفيلسوف الفرنسي جان بول سارتر: «الجحيم هو الآخرون»، في إشارة إلى تأثير الناس فينا عندما نسمح لهم بتوجيه حياتنا.

3. التوقعات المجتمعية

المجتمع يفرض علينا نماذج معينة للنجاح، مثل أن تصبح غنيًا أو أن تحقق المستقبل المثالي، هذه التوقعات تسرق منا اللحظات التي نعيشها الآن، وتغرقنا في هوس تحقيق ما يظنه الآخرون مهمًا.

4. الأفكار السلبية

الأفكار التي نتبناها عن أنفسنا غالبًا ما تكون أشد خطورة من أي تهديد خارجي، فالعقول التي تقبع تحت وطأة الإيمان بالفشل أو القلق المستمر تجد نفسها محاصرة، والإيمان بالأفكار السلبية عن الذات يمكن أن يعيق تقدمنا إعاقة فادحةً، ويجعلنا نعيش في دوامة من الشكوك.

اقرأ أيضًا: كيف أستغل وقتي وأنظمه؟

5. الروتين اليومي

الروتين الذي نسير فيه يومًا بعد يوم يمكن أن يصبح سجنًا يقيدنا، فنضيع في الانشغال بالمهام اليومية، ما يجعلنا ننسى لماذا بدأنا؟ وأين نحن متجهون؟ هذا الروتين يسرق من حياتنا معانيها العميقة، ويجعلنا نشعر بأننا نعيش بلا هدف حقيقي.

6. الاندفاع وراء الإنجاز المادي

في مجتمعاتنا المعاصرة كثيرًا ما تقاس القيمة الشخصية بالإنجازات المادية كالمال والشهرة والمكانة الاجتماعية، لكن عندما نعيش في سعي مستمر لتحقيق هذه الأهداف المادية، نُحرم من الأشياء التي تغذي الروح كالاستمتاع باللحظة أو العيش بتواضع.

7. العلاقات السامة

بعض العلاقات بالآخرين تستهلك وقتنا وطاقتنا على نحو مفرط، فالأشخاص الذين يطالبوننا دائمًا بمزيد من العناية والاهتمام دون أن يعطونا في المقابل أي دعم أو تقدير قد يصبحون لصوصًا عاطفيين، يمتصون قوتنا العقلية والروحية.

8. الكسل الذهني

عدم ممارسة التفكير النقدي أو التأمل يمكن أن يجعلنا نتبع الأفكار المعتادة دون تساؤل، هذا النوع من الكسل الذهني يعوق نمو العقل ويسمح له بالبقاء في مكانه، ما يمنعنا من التقدم أو الإبداع.

اقرأ أيضًا: 4 أشياء عليك تجنبها لتحسين إنتاجيتك وتوفير وقتك

لكن الحقيقة هي أن هذه اللصوص ليست قادرة على سرقتنا إذا قررنا أن نكون أكثر وعيًا، إذا توقفت لحظة للتفكير وتساءلت: «هل هذا هو الوقت الذي أريد أن أضيعه؟ هل هذه هي الأفكار التي أريد أن أسمح لها بالتأثير في حياتي؟" ستحصل على القوة لاستعادة ما سرقته منك هذه اللصوص.

الوعي هو المفتاح، قد تكون هذه اللصوص خفية، لكن يمكننا اكتشافهم والتصدي لهم، قد تكون البداية بمراقبة أفكارنا وأفعالنا، ثم تحديد الأولويات التي تخدمنا حقًا، والتوقف عن مطاردة الأشياء التي لا تضيف إلى حياتنا، حينها فقط نتمكن من ذلك، سنبدأ باستعادة أنفسنا من اللصوص التي كانت تسرقنا وقتًا طويلًا.

اقرأ أيضًا: لماذا نفشل في تحقيق أهداف السنة الجديدة؟

هل شعرت يومًا أن شيئًا ما في حياتك يستحق التغيير؟ قد يكون هذه اللصوص الخفية التي تسرق منك كل ما هو قيم، إنها فرصة الآن لتفتح عينيك وتبدأ باستعادة حياتك. 

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مقالات ذات صلة