نجد فئة منا حين يمرون بتجربة سيئة يلجؤون إلى وسائل عدة لرفع معنوياتهم وتحسين وضعهم، واليوم سنتطرق إلى إحداها وهي الكتابة العلاجية.
ليس من الضروري إطلاقًا أن تكون كاتبًا، كل ما تحتاج إليه دفترًا وقلمًا، فكّر في ذلك، ورقة وقلم يفعلان كثيرًا.
قد يهمك أيضًا ما بين الصحة النفسية والجسدية.. أيهما أولًا؟
الكتابة العلاجية
قبل كل شيء الكتابة عمليّة غنيّة عن التّعريف طبعًا، وتختلف وتيرة أدائها من شخص إلى آخر؛ فمنّا من يعدها هواية، ومنّا من يتخذها عملًا أو وظيفة، والبعض يعدها أسلوب حياة.
لكن هل سبق وعلِمتم أنّ الكِتابة بإمكانها أن تكون وسيلة للتّعافي، أجل، وحينها تُدعى الكتابة العلاجية التي تعد ترياقًا للتخلص من معاناة ما قد يعيشها الفرد؛ وبصيغة أخرى:
هي عملية إبداعية تسمح بالتعبير عن الأفكار والمشاعر العميقة بالكتابة، والمفاد منها علاج الاضطرابات النّفسية، أو رفع المعنويات خلال الأوقات الصّعبة، ويشرف عليها المعالجون النفسيون أحيانًا لعلاج مرضاهم.
قد يهمك أيضًا الصحة النفسية وأهميتها وتأثيرها على الأطفال
أساليب وأنماط الكتابة العلاجية
تتفرع هاتِه الأداة العلاجية إلى عدّة صور كِتابية، سنذكر بعضها:
الكتابة الحرة
يمكن الاستنتاج من الاسم أنّ ما يميز الكتابة الحرة هو عدم خضوعها والكاتب لقيود لغوية أو ما شابه، ككتابة اليوميات، ستكتب ما تفكر أو تشعر به أيًا كان.
صحيح أنّ الأمر عشوائي لدرجة ما، وأنّك ستحصل على منتوج خام لا يمكن تداوله أو نشره للقراءة، وهذا ليس الهدف من الكتابة الحرة أصلًا، لكنّه يساعد الكاتب في التغلب على النّقد الذاتي والحذر المبالغ في أثناء الكتابة.
كما أنّني أرى أنّ الطّريقة عمليّة بالنسبة للكتاب لطرح أفكارهم الأوليّة بعفوية تامّة (مسوّدة عمل)،أو ببساطة هي مساحة رحبة للفضفضة والتّعبير عمّا واجهته طيلة يومك هذا.
ملحوظة: الكتابة الحرة أسلوب يستعمله المعلمون أسلوبًا تعليميًا في أثناء إلقاء الدّرس.
كتابة المَقالات
يختلف الوضع في هذه الحال؛ لأنّك عند كتابة المقالات تدخل بابًا من أبواب عالم الكتابة، فيصبح لديك جمهور أو ربما منصّة تنشر عبرها أعمالك؛ وهذا يعني جملة من الالتزامات بما فيها قواعد النحو والإملاء، وشروط المنصات ومميزات المجال الذي اخترت الكتابة فيه، لكن هذا الأمر لا يمنعك من الاستمتاع والاستفادة، واكتساب خبرة في مجالات متنوعة لا سيما مجال الكتابة.
كتابة القصص والشِّعر
الأمر عملي كذلك إلى حدّ كبير؛ فأنت بكتابتك قصّة تكون غالبًا في مقام إيصال رسالة تؤمن بها، أو وصف شعور أو تجربة عِشتها بوسيلة غير مباشرة.
أجل، فأنت بسردك الأحداث تضع شخصيات خلقتها مخيلتك الواسعة تحت جملة من الوقائع لتنفرد كل شخصية بردود أفعالها حسب المبادئ التي سطرتها لها أيها الكاتب المبدع.
الأمر لا يحتاج إلا لقليل من التّركيز والتحليل لإدراك أنّ أقوال كل شخصية في قصصنا هي آراء ومشاعر لم نجد مكانًا للبوح بها غير الورق الأبيض، والمصائر التي حددناها للشخصيات ليست إلا تعبيرات عن اعتقاداتنا أو تجاربنا الواقعية؛ لذا ما نكتبه في القصص على لسان شخصية ما يساعد كثيرًا في إفراغ ما تفيض به قلوبنا.
والأمر نفسه تقريبًا بالنسبة للشّعر، فبالإضافة لما شرحته سابقًا فإنّ الشاعر يمكنه أن ينظم مشاعره بكل صراحة وشفافية على هيئة أبيات رنانة.
قد يهمك أيضًا أهمية الصحة النفسية في تحسين حياة الإنسان
ما الذي يميز الكتابة العلاجية؟
· لا تحتاج إلى أن تكون كاتبًا محترفًا أو ذا خبرة، ضع القلم على الورقة وابدأ دون القلق بشأن مبادئ الكتابة وقوانينها.
· التحرر والتخلص من القيود، فأنت تكتب ما تشعر به لكي تعالج نفسك وتفيدها، اكتب كأنّ أحدًا لن يقرأ ما كتبت، عندها لن تكترث لما سيظنّه الآخرون بشأنك، ولا شكّ أنّك ستكتب بكل أريحيّة، وتذكر أنّ مقدار الكلمات والصّفحات غير مهمّ، توقف عندما تشعر بالاكتفاء والراحة لا عندما تشعر أنّك كتبت كثيرًا.
فوائد الكتابة العلاجية
· رفع مستوى الوعي بالذات والإدراك، فطرحك لأفكارك ومشاعرك على الورقة يجعلك ذا وعي أكبر بما تحب وما تكره، فتشعر بذلك أنّك أقرب لنفسك أكثر من أيّ وقت مضى.
· تساعد في تخفيف التوتر والقلق وتحسين الصحة العقلية والعاطفية، فوفقًا لدراسة أجريت في جامعة مايو تعزز الكتابة العلاجية مستوى السعادة والراحة النفسية.
إضافة إلى ذلك وجدت دراسة أخرى في جامعة تكساس أن الكتابة العلاجية تساعد على تعزيز النوم المريح وتخفيف الأرق.
· تحسين التواصل.
· تخفيف الضغط النفسي والتفريغ الانفعالي.
· تعزيز التفكير الإبداعي، وتعزيز الانتباه والتركيز.
· تقوية العلاقات الاجتماعية؛ لأنّ الكِتابة تفرغ روحك من الضغائن والمشاعر السلبية، وبالتّالي سينعدم احتمال نقلها إلى الآخرين ما يعني مساحة أكبر للهدوء والسّلام في علاقاتك بالآخرين.
الأمراض التي سبق أن عالجتها الكتابة
· اضطراب الوسواس القهري.
· اضطراب ما بعد الصدمة.
· القلق.
· الاكتئاب.
· اضطرابات الأكل.
· مشاعر الحزن والخسارة.
· مشكلات التواصل.
· مشكلات العلاقات.
· افتقار الشعور بتقدير الذات.
قد يهمك أيضًا خطوات الحصول علي صحة نفسية جيدة وطاقه ايجابيه وثقه بالنفس
كيف نجعل الكتابة عادة
· اقرأ، فالقراءة تساعد كثيرًا في تعزيز الجانب الإبداعيّ فيك، أو في زيادة رصيدك الثقافي والمعرفي.
· عوّد نفسك على كتابة يومياتك مدة عشر دقائق يوميًّا، اكتب عن المواقف التي عشتها خلال يومك، واكتب ما مررت به أكان جيدًا أم سيئًا؛ لتتعلم من عثراتك بنية اكتشاف ذاتك ومحاولة تحسينها، وبنية الوصول إلى الهدوء النفسي.
· اصنع وقتًا مخصصًا لك أنت فقط، موعد مع نفسك فقط أمر مهمّ بغض النظر عن نسبة الأشخاص الذين يغفلون عنه معتقدين أنّ مجالسة غيرهم والانشغال بهم طول اليوم أكثر أهميّة ونفعًا، فالجلوس مع أفكارك ومعالجتها يجعلك حقيقيًّا أكثر، ويعزز فهمك للكون وما فيه.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.