القاضي والخطأ المهني الجسيم.. خطأ يكلف أرواحًا

إن من المعلوم أنه لو أُتيحت مساءلة القضاة عن كل خطأ يرتكبونه في مجال عملهم، لأُقيمت عليهم عشرات الدعاوى المدنية، مما يؤدي إلى انشغالهم بالدفاع والذود عن أنفسهم بدلًا من القيام بواجبات أعمالهم.

قد يهمك أيضًا

شنقا أو صعقا أو حقنا بالسم...طرق الاعدام في دول العالم المختلفة

 

القاضي والقانون والضمير

لذلك لم يرد المقنن أن يترك القضاة في علاقاتهم بالخصوم خاضعين للقواعد العامة، حتى لا يتهيبوا من أداء وظائفهم بما تمليه عليهم ضمائرهم وفقًا للقانون دون خوف من المسئولية.

لكن ذلك لا يعني عدم مساءلتهم مدنيًّا مطلقًا، بحيث لا يتمكن من يتضرر نتيجة خطأ صادر من قاضٍ من أن يرفع عليه دعوى مدنية ويحصل على تعويض مناسب؛ لأن ذلك قد يترتب عليه تهاون القضاة في أداء أعمالهم والقيام بواجباتهم لعدم شعورهم بالمسئولية الشخصية.

ونتيجة لذلك فقد حاول المقنن اليمني والمصري التوفيق بين تلك الاعتبارات ووضعا قواعد خاصة لمساءلة القضاة، عن طريق ما يُسمى بدعوى المخاصمة المحصورة أسبابها في عدة حالات نص عليها قانون المرافعات اليمني.

وكذلك المصري من ضمنها حالة ارتكاب القاضي خطأً مهنيًّا جسيمًا، ورتَّب القانونان على ثبوت ارتكاب القاضي لخطأ مهني جسيم وجوب عزله من منصبه القضائي تأديبًا، والحكم للمضرور بتعويض عادل وبطلان العمل القضائي الذي قام به.

قد يهمك أيضًا المعيار المختلط في تحديد جسامة الخطأ 

تعريف خطأ القاضي المهني الجسيم

وقد أورد الفقه والقضاء عدة تعريفات لخطأ القاضي المهني الجسيم، منها أنه: الخطأ الذي يرتكبه القاضي لوقوعه في خطأ فاضح ما كان للقاضي ليقع فيه لو اهتم اهتمامًا عاديًّا بعمله.

أو هو الخطأ الفاحش الذي تبلغ فيه جسامة المخالفة مبلغ الغش لولا أن الحدود تُدرأ بالشبهات.

كما عُرِّف بأنه: الجهل الجسيم بالمبادئ الأساسية في القانون أو الخطأ في ذكر الوقائع. وقد اعتمد الفقه والقضاء المصريان المعيار الذاتي في تحديد خطأ القاضي المهني الجسيم

وبناءً على ذلك يمكن أن نعرِّف خطأ القاضي المهني الجسيم بأنه: جهل القاضي بأبجديات القانون ومخالفته لأصول مهنته المعلومة من القانون بالضرورة.

ويُعدُّ من قبيل الخطأ المهني الجسيم الصادر عن قاضٍ، الحكم في الدعوى بدون حصول إعلان، أوالقيام بتنفيذ حكم غير قابل للتنفيذ الجبري، أو إصدار حكم بموجب قانون ملغي.

وغير ذلك من الأخطاء المهنية الجسيمة التي يقع فيها القضاة، والتي تدل في حالة ثبوت ارتكابها على عدم صلاحية القاضي للاستمرار في منصبه ووجوب عزله تأديبًّا، وإلزامه بدفع التعويض لجبر الضرر مدنيًّا.

أما الخطأ غير الجسيم فلا يبرر رفع دعوى مخاصمة، كالخطأ في تقدير الوقائع أو القصور في التسبيب.

وتطبيقاً لذلك أوردت المحكمة العليا في اليمن في أحد أسباب حكمها الصادر في دعوى مخاصمة رقم (45662) لسنة 1432هـ ما نصه: (... إن أسباب دعوى المخاصمة الأساسية هي الغش في العمل القضائي أو وقوع خطأ مهني جسيم من القاضي...

أما الخطأ المهني الجسيم فلا يُشترط فيه سوء النية، ولا يدخل في ذلك الخطأ في التقدير أو في استخلاص الوقائع أو في تفسير القانون، وإنما طريق ذلك الطعن المناسب في الحكم).

قد يهمك أيضًا

-ماهية الخطأ المهني الجسيم؟

-المعيار المختلط. وخصوصية الخطأ الجسيم

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مقالات ذات صلة