نستطيع أن نفرق بين كلمتين في التاريخ هما المصدر والمرجع. المصدر (Source) هو المرجع الأصلي الأول، وكلمة أصلي تعني (Original)؛ أي أقدم مرجع حصل عليه الباحث واعتمد عليه في كتاباته التاريخية.
ونقصد بكلمة أقدم مرجع هي الكتابات التي سطرها المعاصرون للأحداث أو تكون كتاباتهم هي أقدم ما كتب من العصر موضوع الدراسة.
أما المرجع (Reference) فهو المرجع الفرعي الحديث الذي كتبه مؤرخون جاؤوا بعد العصر الذي تصدوا للكتابة عنه بزمن بعيد، مثل الكتابات التاريخية الحديثة عن التاريخ الإسلامي أو عصر المماليك... إلخ.
ويعد كل مصدر مرجعًا، وليس كل مرجع مصدرًا.
ونلاحظ وجود مصادر أو مراجع عامة، وهي التي تعتني بالتأريخ لعصر أو عصور عدة أو دولة أو دول عدة من الوجوه والأحداث جميعها؛ مثل كتب الطبري وابن خلدون... إلخ.
وتوجد مراجع تتناول عصرًا محددًا، مثل كتاب تاريخ دمشق لابن عساكر، وعنوان المجد في تاريخ نجد لابن بشر... إلخ.
أنواع المصادر والمراجع
الوثائق والكتابات الأثرية والبرديات والآثار والمصادر المكتوبة؛ مثل القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة والتفاسير وكتب الطبقات والأنساب والتواريخ المختلفة، وكتب الجغرافيا والرحلات، وكتابات المستشرقين.
أولًا: الوثائق
الوثيقة هي المصدر الأساس الذي يعتمد عليه الكاتب في التاريخ (المؤرخ)، وهي المادة الخام التي يصوغ منها نسيجه التاريخي.
وهي مستندات معاصرة للتاريخ الذي نكتب عنه؛ مثل الرسائل التي كان الديوان يصدرها من العاصمة إلى الولايات والأقاليم التابعة للحكومة المركزية، والواردة من هذه الأقاليم إلى العاصمة.
والمنشورات والسجلات وأحكام المحاكم والفتاوى ونصوص المعاهدات... إلخ.
ثانيًا: البرديات
مصدر صادق لدراسة الحياة الاجتماعية والاقتصادية؛ لأنها تتعرض إلى شتى شؤون الحياة في المجتمع الذي كتبت فيه.
وازدادت أهمية البردي منذ نشر المستشرق سلفستردي ساسي مقالًا عن نموذجين لأوراق البردي كُتبا بالعربية، نشره في صحيفة العلماء سنة 1925م، وعثر على أوراق بردية كتبت بالعربية واليونانية والقبطية في إقليم الفيوم بمصر وإخميم وسقارة وميت رهينة وإدفو... إلخ.
دُور الوثائق (المحفوظات) وأرشيف وزارات الخارجية
هذه الدُور لها دور مهم في حفظ الوثائق من التلف وفهرستها وتبويبها حتى يسهل الاطلاع عليها دون مشقة.
وينشر الباحثون مجموعات من الوثائق في كتب خاصة بها أو في ملاحق بنهاية الكتاب حتى ينتفع بها الباحثون، وللتدليل على توثيق كتاباته بمصادر أصلية.
ومن هذه الدور دور الوثائق في الولايات المتحدة وإنجلترا وفرنسا وغيرها، وتوجد دار الوثائق القومية بالقاهرة، وقد كان مقرها في القلعة، ثم نقلت إلى الهيئة العامة للكتاب على الكورنيش.
أما أرشيف وزارات الخارجية فترجع أهميته إلى احتفاظه بكثير من التقارير والوثائق الخاصة بشؤون المستعمرات، أو المراسلات بين الخارجية وممثلي الدول في العواصم الأوروبية أو الإفريقية مثلًا، واشتمالها على الأسرار السياسية والعسكرية.
ثالثًا: العملات والنميات والمسكوكات
يعد الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان هو أول من أمر بسك العملات العربية سنة 77 هـ؛ لتدعيم البناء الاقتصادي والسياسي للدولة العربية.
وتعد دراسة العملات من الأسس المهمة لدراسة التاريخ الاقتصادي والسياسي للدول؛ لأن الكتابة المنقوشة على العملة تتضمن معلومات تفيد باحث التاريخ من جهة الألقاب، وتبعية هؤلاء لجهة من الجهات وتاريخ الضرب والمذهب والحالة التجارية.
رابعًا: الآثار
هي المخلفات المادية للحضارات السابقة، وتشمل المباني والتحف والأدوات والملابس والأسلحة والنقوش على الجدران، فهي ماض نراه ماثلًا أمامنا.
وتوجد كثير من المناطق والعصور يعتمد في التأريخ لها على الآثار أكثر من غيرها، مثل:
حضارات الشرق القديم وحضارة الأرتك في المكسيك، والأنكا في البيرو، وحضارة بريطانيا الرومانية.
خامسًا: الكتابات التاريخية الأثرية
نجد أن الكتابات التاريخية الأثرية ذات شأن كبير في دراسة التاريخ، لا سيما الإسلامي، فهي كتابات محايدة، ومعاصرة للأحداث.
وتأتي أهمية هذه الكتابات في أنها تأتي بالقول الفصل عند اختلاف المؤرخين كما حدث مثلًا في تاريخ الانتهاء من جامع ابن طولون، فلما عثروا على لوحة من الرخام مسجلٍ عليها تاريخ الفراغ من بناء الجامع سنة 265 هـ، كان ذلك تأييدًا لكلام المقريزي.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.