دائمًا ما يتبادر في الذهن سؤال: هل الكتابة للأطفال أسهل من الكتابة للكبار أم أصعب؟ هذا السؤال قد يثير جدلًا واسعًا، فمن ناحية قد يبدو أن كتابة قصة بسيطة للأطفال أمر سهل، ولكن الحقيقة هي أن الكتابة للأطفال تتطلب مهارات خاصة وإبداعًا لا يقل عن الكتابة للكبار.
فما الفرق بين الكتابة للأطفال والكتابة للكبار؟ هذا ما سنتناوله في السطور القليلة الآتية.
ما الفرق بين أدب الأطفال وأدب الكبار؟
يختلف أدب الأطفال عن أدب الكبار في عدة جوانب رئيسة، وفي ما يلي بعض الاختلافات الرئيسة:
1. الموضوعات والمحتوى
يستكشف أدب الكبار مجموعة واسعة من الموضوعات المعقدة والناضجة مثل الحب والخسارة والهوية والقضايا المجتمعية، على عكس أدب الطفل الذي يركز عمومًا على موضوعات بسيطة ومبهجة تناسب الأطفال، مثل الصداقة والأسرة والمغامرة والدروس الأخلاقية، فهو محتوى إيجابي ويتجنب المواضيع الصعبة أو الناضجة.
2. اللغة والأسلوب
يختلف أدب الأطفال عن أدب الكبار في لغته وأسلوبه، فالأطفال يستمتعون باللغة البسيطة والجمل القصيرة، على العكس تمامًا أدب الكبار الذي يستخدم لغة معقدة وأساليب متنوعة بما في ذلك التجريبية والمجردة، وبجانب ذلك يعتمد أدب الأطفال على سرد واضح ومباشر وهذا يسهل على الأطفال فهم القصة.
3. تطور الشخصية
تختلف الشخصيات في أدب الأطفال عن الشخصيات الموجودة في أدب الكبار، فإذا نظرت في أدب الأطفال ستجد أن الشخصيات عادة ما تكون بسيطة وواضحة المعالم، وهذا يساعد الأطفال بدرجة كبيرة على التعرف عليها بكل سهولة، أما في أدب الكبار فنجد أن الشخصيات أكثر تعقيدًا وعمقًا مع قصص خلفية متنوعة ودوافع معقدة أيضًا.
4. تعقيد الحبكة
تختلف بنية القصة والعناصر السردية المستخدمة في أدب الأطفال عن أدب الكبار، ففي أدب الأطفال نجد أن الحبكة بسيطة وواضحة مع عناصر سردية متكررة، ما يسهل على الأطفال متابعة القصة، على العكس في أدب الكبار، فتكون الحبكة أكثر تعقيدًا وتستخدم تقنيات سردية متنوعة، ما يجعل القصة أكثر إثارة للاهتمام والتشجيع على التفكير والتأمل.
5. الرسوم التوضيحية والمرئيات
يختلف أدب الأطفال عن أدب الكبار في استخدامه العناصر البصرية، ففي أدب الأطفال نرى أن الرسوم التوضيحية تؤدي دورًا حيويًّا في جذب انتباه طفلك، ومساعدته على فهم القصة، خاصة في كتب الصور التي تعتمد بصفة أساسية على استخدام الصور في سرد الأحداث.
أما في أدب الكبار فنجد أن النصوص المكتوبة هي العنصر الأساسي ونادرًا ما تستخدم الرسوم التوضيحية، حتى إن استخدمت فهي تكون عادة أكثر تجريدية أو بمعنى أدق أكثر رمزية.
6. الغرض والوظيفة
يختلف أدب الأطفال عن أدب الكبار في الأهداف التي يسعى إلى تحقيقها، فمثلًا نجد في أدب الأطفال أن الهدف الأساسي الذي تتمحور عليه القصة هو الترفيه عن الأطفال وتثقيفهم وغرس القيم الأخلاقية لديهم، على العكس في أدب الكبار الذي نراه يسعى إلى إثارة الفكر والاستفزاز ودفع القارئ إلى التفكير بعمق في الحياة والمجتمع عمومًا.
7. الرسائل الضمنية
تختلف رسائل أدب الأطفال عن أدب الكبار في وضوحها وعمقها، فهي تكون واضحة في أدب الأطفال، كما تهدف أيضًا إلى تعليم الأطفال قيمًا أخلاقية وسلوكيات إيجابية، على الجانب الآخر نجد أن أدب الكبار رسائله أكثر تعقيدًا وقد تتطلب من القارئ تفكيرًا عميقًا لفهمها كاملة.
8. التفاعل العاطفي
يختلف أدب الأطفال عن أدب الكبار في طبيعة المشاعر المستهدفة أيضًا، فنرى التركيز على أدب الأطفال يركز على إثارة مشاعر إيجابية، كمشاعر الفرح والدهشة، وغالبًا ما يقدم تجارب ممتعة ومشوقة تجذب نحوها الأطفال.
أما إذا أمعنَّا النظر في أدب الكبار فسنستكشف طيفًا أوسع من المشاعر بما في ذلك الحزن والغضب والخوف، فهو يظهر لنا تعقيدات التجربة التي يمر بها الإنسان في حياته.
9. البيئة والسياق
تختلف البيئة والسياق أيضًا بين كل من أدب الطفل وأدب الكبار، فيظهر الاختلاف في درجة تعقيدهما ووظيفتهما، فإذا نظرنا في أدب الكبار، نجد أن البيئة أكثر تنوعًا وتعقيدًا ما يعطي القصة عمقًا، ويظهر الواقع المعقد للحياة الواقعية التي نعيشها، أما أدب الأطفال فنجد أن البيئة فيه مألوفة وبسيطة، وهذا يساعد الطفل على التعرف على عالمه بطريقة أسهل وأبسط بعيدًا عن التعقيد.
10. الأسلوب الأدبي
نرى أن الأسلوب الأدبي في أدب الأطفال يكون مباشرًا وسهل الفهم مع استخدام الجمل القصيرة والبسيطة، إذ يمكن أن يتضمن تكرارًا وإيقاعًا لجذب انتباه الأطفال، وهذا الأسلوب يساعد الأطفال على تطوير مهاراتهم في عمليتي القراءة والفهم بطريقة ممتعة.
أما الأسلوب في أدب الكبار فيمكن أن يكون معقدًا ومتعدد الطبقات مع استخدام الرمزية والاستعارة والتلميح، وهو ما يتطلب من القارئ أن يكون على مستوى عالٍ من الفهم والتحليل.
جوائز أدب الطفل
تُعَدُّ جوائز أدب الطفل العربية واحدة من أبرز الأدوات التي تُشجِّع الإبداع وتُعزِّز قيمة الأدب الموجه للأطفال في العالم العربي. من بين أشهر هذه الجوائز، تأتي جائزة اتصالات لكتاب الطفل التي تُنظَّم سنويًا برعاية المجلس الإماراتي لكتب اليافعين، حيث تُكرِّم الكتاب والرسامين والناشرين الذين يقدمون محتوى متميزًا يُلهم الأطفال واليافعين.
بالإضافة إلى ذلك، تُبرز جائزة عبد الحميد شومان لأدب الأطفال التي تُركِّز على تحفيز الكُتَّاب العرب على إنتاج نصوص أدبية تُسهم في تنمية خيال الأطفال وتعزيز حب القراءة لديهم. تُسهم هذه الجوائز في دعم الإنتاج الأدبي للأطفال، وتشجيع الكتَّاب والرسامين على تقديم أعمال ذات جودة عالية، تُثري مكتبة الطفل العربي بمحتوى هادف وجذاب.
وفي نهاية مقالنا الذي تناولنا فيه إجابة ما الفرق بين أدب الأطفال وأدب الكبار؟ يمكننا القول إنه على الرغم من أن أدب الأطفال والبالغين يشتركان في الهدف الأساسي المتمثل في سرد القصص، فإنهما يختلفان بدرجة كبيرة في نهجهما ومحتواهما والجمهور المستهدف، ويمكن أن يساعد فهم هذه الاختلافات القراء على تقدير الصفات الفريدة لكل نوع واختيار الأدب الذي يناسب احتياجاتهم واهتماماتهم على أفضل وجه.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.