كثيرًا ما تستوقفني كلمة (الفراسة) والأكثر هل لتلك الفراسة علاقة مباشرة مع ما يطلق عليه نظرية لغة الجسد أو المصطلح العالمي الغربي "Body lannguage"؟ سؤال قد تتوقف للإجابة عنه النفس البشرية التي تتوق للمعرفة بأصول وتاريخ العلوم المختلفة لذا وجب البحث والتدقيق في مثل تلك المسائل بنظرة أكثر شمولية فمن ناحية فهم أصول العلوم ونشأتها يساعد في معرفة أكثر بها ومن ناحية أخرى تتبع مساراتها المستقبلية.
الفراسة كمصطلح في علوم العرب المبنية على الفطرة تعني ببساطة قراءة أفكار الآخرين من خلال ملامحهم دون ما تنطق ألسنتهم و تصرح بعض المصادر بأن الفراسة أبا شرعيا لنظرية لغة الجسد.
سبق العرب أهل الغرب بأعوام عديدة قبل أن يخرج علينا أهل الغرب بإحصائيات على شاكلة بأن 60% من حالات التخاطب والتواصل بين الناس عادة ما تتم بصورة غير شفهية بواسطة الإيماءات والإيحاءات والرموز وأن تأثير تلك الإيحاءات أقوى من تأثير الكلمات كما خرج علينا الغرب بأبحاث أيضا تفيد أن ما بين 50 إلى 80% من المعلومات يمكن أن تنقل بتلك الطرق غير الشفوية وهي ثرية وغير معقدة.
ومن هنا يتضح الاتصال بين الفراسة قديما ولغة الجسد حديثا فكلاهما لا يعتمد على الشفوية و من ثم أمكن اعتبار الفراسة أبا شرعيا لنظريات لغة الجسد الحديثة فكل ما في الأمر أن الغرب أضف عليه اللمسة العلمية الحديثة من إحصاءات وتحليل ورصد وما شابه ذلك كي يناسب الفكر البشري في العصر الحديث ولكن يبقى الأصل راسخا في علوم العرب التي بنيت على الفطرة حينها.
تطورت نظرية لغة الجسد وتعدت كونها محاضرات بدأ يلقيها الدكتور راي بيردوسيل حول الاتصالات التي تتم بين الناس بواسطة الإيماءات عام 1971 لتحظى باهتمام العالم ويبدأ عقد مؤتمرات دولية وندوات على نطاقات أكثر اتساعا تشمل علماء النفس وما يرتبط بعلم النفس بصلة وثيقة لمتابعة ما وصلت إليه النظرية وتطبيقاتها وتطورها عالميا.
ولا يمكن اهمال الدور البارز في الذي لعبه الن بيز في انتشار كلمة لغة الجسد وإيصال ضرورتها التطبيقية في النواحي الحياتية حيث ألهمت قصة حياته الآخرين فالبداية مندوب مبيعات تلقى العديد من دورات فن البيع وجد أنها تهمل دور النواحي الضمنية وغير الكلامية في التواصل بين البائع وقابلية الشراء عند الآخرين مما ألهمه فكرة كتابه في لغة الجسد حيث أنه أول من استطاع تحويل دفة لغة الجسد من المنظور النمطي لتطبيق مبني على الرصد والتجربة ذاع صيته ونجح كتابه في لغة الجسد وأصبح مشرفا على برامج أسترالية في فن البيع وسجلت له فيديوهات خاصة بذلك رغم كونه في الأصل ليس بعالما ولا كاتبا متخصصا محترفا.
وإلى الآن صدى نجاح كتابه مستمرا وتطور تطبيقات لغة الجسد مستمرة لكن يبقى السؤال عن مدى قناعتك أيها القاريء العزيز بكون الفراسة ابا شرعيا للغة الجسد وجذرا راسخا طوره الغرب أم أن لغة الجسد أسسها الغرب؟
بقلم د.محمود لطفي
ودوما يبهرنا دكتور محمود بكتاباته الرائعة ??حبيت جداااااااااا وبالتوفيق دايما?
شاكر جدا
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.