العمارة المملوكية وأهم سماتها في المساجد والمدارس والخانات

هذه المئذنة مبنية على الطراز المملوكي، أما هذه فبُنيت على الطراز العثماني. كيف عرفنا الفرق بين هذه المئذنة وتلك؟ إنها العمارة المملوكية التي كان لها خصائص مميزة كثيرة. وعلى الرغم من أنها اختلفت بين القاهرة والشام، لكن لها سمات لا يمكن إغفالها، وقد ميزتها عن أشكال الفنون والعمارة للدول الأخرى. 

اهتم المماليك ببناء كثير من البنايات التي ظلت باقية إلى يومنا هذا. ولكن بكل أسف، ففي أثناء الأحداث السياسية والحربية والعمرانية التي حدثت في العصور التي لحقت بالعصر المملوكي اختفت كثير من هذه الأبنية. ونتمنى المحافظة على ما تبقى من هذه الآثار التي تعبر عن حقبة زمنية في غاية الأهمية. 

العمارة المملوكية: المساجد والمدارس والخانات

اهتم المماليك في عصرهم بالبناء والعمارة. وقد اهتموا ببناء الأبنية الكبيرة ذات الأحواش الواسعة، وكانت هذه المباني مجهزة لكثير من الأغراض، فقد كان يتم تخصيص مكان فيها للبيمارستان من أجل تطبيب المرضى، ومن أجل تعليم طلاب العلم فنون الطب التي وصل إليها العلم في هذه الحقبة الزمنية، وليكونوا أطباء المستقبل، أيضًا كان بها مساجد ومدارس. 

وتوجد في القاهرة مجموعة من المجمعات التي كانت تضم بيمارستانات ومساجد وخانات، ولكنها في الوقت نفسه كانت تحتوي أسبلة ليرتوي منها المارة وعابرو السبيل، وكانت تحتوي أيضًا كُتَّابًا من أجل تعليم الطلاب القراءة والكتابة وشتى أنواع العلوم والأدب. وقد كان يوقف لها أوقاف أو أحباس للإنفاق عليها.

ولنا أمثلة عدة في هذا الموضوع، ومنها مدرسة الأشرف برسباي، ومجموعة السلطان الناصر قلاوون، ومسجد السلطان قايتباي الذي يوجد في القاهرة، وهو يختلف عن قلعة قايتباي التي توجد في الإسكندرية. 

مسجد السلطان قلاوون

وفي عصر الدولة البرجية أو ما قبلها أيضًا ظهرت البنايات ذات الطوابق المتعددة، فنجد أنها تتكون من ثلاثة أو أربعة طوابق، ومنها ما يصل إلى خمسة طوابق. وإن كنت تريد مثالًا ظاهرًا وجليًّا ففي وكالة الغوري في قاهرة المعز، فهي أفضل مثال على تلك البنايات. 

سمات العمارة المملوكية

تكونت العمائر المملوكية من بوابات ضخمة ذات فخامة، منها المرصَّع بالجواهر، ومنها من كان مصنوعًا من الذهب الخالص. وخلف هذه البوابة تجد دهليزًا ومن فوقه قبة على الطراز المملوكي المميز، وبعد ذلك تجد الصحن الكبير، ويطل هذا الصحن على كثير من الإيوانات والغرف الضخمة التي كانت تُقام فيها الأنشطة الخاصة بالبناية مثل المدارس والكتَّاب، وأحيانًا مقار للديوانات التي كانت توجد في الدولة آنذاك. 

أما الفناء، فقد تم تصغير مساحته في العصر المملوكي؛ وذلك لأنهم كانوا يريدون استغلال المساحة الخاصة بالبناية من أجل زيادة مساحة الأقسام ذات الأسقف على حساب الفناء الذي يكون دون سقف، أي تم عمل هذا الأمر من أجل زيادة مساحات الغرف وعددها لتستوعب أغراضًا كثيرة. 

وفي أحيان كثيرة كان يتم تغطية تلك الأفنية بالقبة، وفي بعض الأحيان كانت تغطى بقبة مزودة بكوة أو فتحة من أجل تهوية وإنارة المكان، وكانت أبنية البيمارستانات تتميز بهذا الأمر لأن نظام التهوية كان مهمًّا جدًّا لصحة المرضى. 

اهتم المماليك في عمائرهم سواء في القاهرة أو في الشام بتصميم البوابات. وذكرنا في السطور السابقة إنها كانت ذات شكل فخم، وذلك بسبب الاهتمام بالزخارف والنقوش التي كانت تُعرف باسم السلطان الموجود في وقت بناء هذه البوابة، حتى إنك تجد النقوش بالخطوط المميزة في الكلمات التي كانت تُكتب داخل المساجد والمدارس وتعبر عن العصر أو السلطان الذي قام وأشرف على بناء هذه البناية. 

شارع المعز

ما أهم إنجازات دولة المماليك في العمارة؟

تنوعت العمارة في العصر المملوكي بين المساجد والبيمارستانات والخانقاوات وغيرها. فكانت تُبنى الخانقاوات لتكون دارًا ليتناول فيها السلطان الطعام إن كان موجودًا في هذا المكان، وأيضا دارًا للصوفيين للإقامة وتناول الطعام الذي كان يُصرف لهم مجانًا طوال مدة الإقامة، وتطورت تلك الخانقاوات لتكون مأوى لمن لا مأوى لهم. 

في السطور التالية سوف نعرض أهم العمائر التي بنيت في هذا الزمان، وهي متنوعة حسب أشكالها، وحسب الغرض الذي بنيت من أجله. 

وكالة قوصون

يمكنك عدها وكالة من أجل التجارة والبيع والشراء، ويمكن اعتبارها فندقًا. فقد كان ينزل في هذا الفندق التجار القادمون من الشام، وكان لديهم كثير من السلع التي لم تكن متوافرة في السوق المصري مثل الزيت والصابون وغيرهما، وكانت مكونة من أكثر من ثلاثمائة مكان للسكن، وكانت دائمًا عامرة بالسكان. 

وكالة الجوانية

توجد هذه الوكالة بجوار وكالة قوصون المذكورة في السطور السابقة. وقد كانت مجموعة من المحال والمنازل القديمة، حتى جاء الأمير جمال الدين محمود الأستادار وهدمها ليبني مكانها فندقًا كبيرًا. 

خان الخليلي

بُني في عهد الأمير جهاركس الخليلي في عهد السلطان سيف الدين برقوق في الدولة البرجية. وقد كان مكانه قبور الفاطميين، فهدم القبور ونقل رفاتهم فوق التلال لأنهم كانوا كفارًا في ظن المماليك، وقد كان وقفًا لزوار بيت الله في مكة، حتى هدمه السلطان الغوري ليبني مكانه مجموعة كبيرة من الحوانيت.

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.