العدد «صفر».. وأثره في الرياضيات

عُرِف الصفر من القدم، لكن لم تكن له أهمية تُذْكَر، حتى جاء العالم الإسلامي الخوارزمي، وجعل منه ذا مكانة عددية مهمة، لا تقل مكانة عن الأرقام الأخرى، وأدخله على المعادلات ومختلف العمليات الحسابية.

ويعني الصفر في اللغة: الخلو والفراغ، ومن كلام العرب: «عاد صفر اليدين»؛ أي خالي اليدين.

وينبغي أن نفرق بين الرقم والعدد، ففي حين يعني الأول الأرقام العشرية المبدوءة من 0 إلى 9، يعني الثاني الحساب للشيء المعدود، ويعبر عنه بتلك الأرقام، فقد يحتوي العدد رقمًا واحدًا فأكثر، نحو العدد (145) الذي يحتوي ثلاثة أرقام.

الخوارزمي هو من اكتشف الصفر

وقد كان محمد بن موسى الخوارزمي من أساطين الرياضيات من المسلمين، وهو الذي اكتشف الصفر عندما أمره الخليفة العباسي المأمون، بترجمة الكتاب (السند هند) من تأليف أحد العلماء الفلكيين الهنود اسمه (براهما)، فقد لوحظ أن الهنود كانوا يحسبون من 1 حتى 9، ثم يضعون ثقبًا أو نقطة مكان الصفر كرقم عاشر.

وورد كذلك أن الخوارزمي أول من اخترع نقطة الصفر، وجعلها بدلًا من الفراغ الذي هو محل الالتباس بين الصفر أو غير الصفر، ولتوضيح ذلك نأخذ العدد (100)، فقد يلتبس هذا العدد بالعدد (1) ما لو جُعِل فراغ بدل الصفرين، هذا وقد قام علماء أوروبا بجعل الدائرة (0) بدل ًا من النقطة حتى تتضح رؤيتها.

 وأكد الخوارزمي أن الصفر رقم ليس له قيمة في ذاته، فهو يعني (لا شيء)، وإنما قيمته (تعني شيء) موضوعة في غيره من الأرقام، وهذه القيمة تكون عندما يكون الصفر على يمين الرقم لا على يساره، فمثلًا: (10) يعبر عن عشرة، في حين (01) يعبر عن الواحد، وكذا حال (2011) مع (2101)، فكلاهما مختلفان مما يعني أن الصفر له قيمة عددية، وهو يسهم في ملء الخانة الرقمية الصحيحة المرادة.

وأدخل الخوارزمي الصفر في علوم الرياضيات، ثم امتد استخدامه في كل العلوم، من الفيزياء إلى الكيمياء والأحياء والجيولوجيا، ونحوها من علوم الطبيعة، وذلك بعد ما عرف العالم التجربة التي أسسها المسلمون، وأبدع فيها الغربيون بل الناس جميعًا، فأنشئت صناعات لا تُضاهى في غيرها من العصور.

 وبالصفر تتميز الآحاد من العشرات، والعشرات من المئات وهكذا، فمثلًا:

50 - 30=20، فلو أهملنا الصفر لأخطأنا في النتيجة فتأتي: 5-3=2.

الصفر هو الوسيلة الوحيدة للانتقال من الآحاد إلى العشرات

وهذا يعني كذلك أن الصفر هو الوسيلة الوحيدة للانتقال من الآحاد إلى العشرات، ومن العشرات إلى المئات، فمثلًا بـ (10) ننتقل من الآحاد إلى العشرات، وينتهي إلى (20)، وهو متضمن للصفر، ثم تبدو مرحلة عددية جديدة، ويكون بذلك: أول الأرقام في كل مرحلة عددية، وبدء المرحلة العددية بالصفر وانتهائها بالصفر دليل أو ممثل على بدء كل حي وانتهائه، وأن أصله العدم وآخره العدم.

خصائص الصفر

ومن خصائص الصفر أنه عدد محايد جمعي، واكتسب ذلك من عدم حمله للإشارة الموجبة أو السالبة، فأي عدد يضاف إليه تكون النتيجة العدد نفسه، ومثاله:

1+0=1

0+1=1

اقرأ أيضًا: أهم علماء الكيمياء في العصر الحديث

ومن خصائص الصفر أن حاصل ضربه بأي عدد من الأعداد يكون صفرًا؛ لذا يُدعى بالعلامة الماصة، فهي تمتص الأعداد إليها تمامًا وتنتج صفرًا.

ومن خصائصها أن أي عدد مقسوم عليها يكون حاصل القسمة عددًا غير معرف أو محدد؛ لأن الصفر ليس له نظير ضربي.

فمثلًا: ص = 4، بأخذ النهاية لهذا الاقتران عندما س تقترب من 2، مع أن العملية ما هي إلا صفر على صفر، وفي الأخذ بنهاية كثير من الاقترانات والدالات النسبية التي حقيقتها على صورة صفر تقسم على صفر، ويكون ناتج القسمة أعدادًا كثيرة ليست متشابهة أو متساوية، ما يعني أن حاصل قسمة الصفر على الصفر هو عدد غير محدد.

دور الصفر في تطور الحواسيب الإلكترونية

إن الحواسيب الإلكترونية تعتمد على عملها بالنظام الثنائي المكون من عددين هما (1) و(0)، أي تعتمد على الصفر، وهكذا كل التكنولوجيا تعتمد عليه، فمثلًا الرمز (0) يعني عدم سريان التيار الكهربائي، والعدد(1) يعني سريانه، ويجب هنا أن يكون العددان (0) و(1) حالتين للشيء نفسه، وهذا منطق رياضي، ومن الأمثلة عليه الرمز للحياة بـ (1) للإنسان، والرمز للموت بـ (0) لموته، وبالرمز لانتصاره بـ (1) ولهزيمته بـ(0).

والعدد (1) هو أصل كل الأعداد الصحيحة، فالعدد 2=1+1، والعد (0) = 1+1-، ويعد العدد (1) محايدًا ضربيًا، فلا يؤثر في ناتج العدد المضروب فيه.

لقد أمدّ العلماء المسلمون الإمداد العلمي ونشروه، ومن إسهاماتهم العلمية ابتكار الصفر، فلا أهمية لذكره ممن كان قبلهم، هذا الصفر سهل كثير للعلوم في الحساب والصناعة.

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مقالات ذات صلة