الطفل العدواني.. احذروا الخمس المهلكات!

الشكوى المتكررة من غالبية الآباء والأمهات هي السلوك العدواني من أبنائهم تجاه غيرهم، سواء إخوته في البيت أو زملائه بالفصل أو أصدقائه بالنادي، ما يتسبب لهم ولأبنائهم في مشكلات عدة.

في هذه المقالة نسلط على الضوء على 5 أشياء تزيد العدوانية عند طفلك.

كثيرًا ما نسمع آباء وأمهات يشكون من عنف ابنهم وعدوانيته تجاه إخوته وأبناء عمومته أو أخواله في العائلة، وأيضًا تجاه زملائه في المدرسة، أو أصدقائه في الشارع أو النادي، حتى إن بعضًا من أولياء الأمور تستدعيهم الإدارة المدرسية أكثر من مرة بسبب عنف ابنه وعدوانيته تجاه زملائه بالفصل أو المدرسة وربما وصل الأمر إلى فصله من المدرسة بسبب تكرار سلوكه العدواني تجاه زملائه.

هذه النوعية من الأطفال دائمًا مع يتعارك مع إخوته داخل البيت ويتلف متعلقاتهم أو الاستيلاء عليها، ما يحول البيت إلى ساحة معركة بين الأبناء. فما الأسباب التي تدفع الطفل إلى السلوك العدواني تجاه الآخرين؟

الخلافات الزوجية المتكررة

لا شك بأن البيت الذي يسوده الصوت الهادئ وتسيطر عليه مشاعر الود والاحترام المتبادل بين الزوجين، من شأنه أن يخرج أطفالًا أسوياء، والعكس صحيح، فإن البيت الذي تسوده الخلافات والمشادات بين الزوجين لأن الصوت العالي والشجار المتواصل يسمعه ويراه الأطفال، فإنه لا شك يوفر بيئة خصبة لنشأة أطفال عدوانيين تجاه المقربين منهم والأغراب.

لذلك يتعين على الزوجين أن يتفقا فيما بينهم أن تكون خلافاتهم وشجاراتهم بعيدًا عن أعين الصغار، فلا شك أن الخلافات موجودة داخل كل بيت، وهي من طبيعة البشر، لكن ما يفرّق بيت عن آخر، أن بعض الأزواج وهم قلة، يدركون عواقب الخلافات أمام أعين أطفالهم، وتأثير ذلك على شخصياتهم ونفسياتهم.

المشكلة هنا أن تكرار الخلافات الزوجية التي قد تصل إلى حد العراك بالأيدي أمام أعين الطفل، قد تجعل من السلوك العدواني له أمرًا عاديًّا؛ لأنه يحدث كل يوم بين أبيه وأمه، فيحاول تقليد الأب بالعدوان على إخوته أو أقاربه وإتلاف بعض الأشياء في البيت للتنفيس عن هذا السلوك الذي يسيطر عليه.

الأفلام والكارتون والألعاب الإلكترونية

مشاهدة الطفل للأفلام والكارتون كثيرًا قد يصل ببعضهم إلى درجة الإدمان، يعدً واحدًا من أهم أسباب السلوك العدواني عند الطفل، نظرًا لأن المحتوى الذي يشاهد غالبًا ما يعج بمشاهد العنف والعدوان، وربما هذا ما يفسر إصابة الأطفال بالهلع والصراخ في أثناء النوم، فضلًا على خوف كثير منهم الذهاب بمفرده إلى السرير عند النوم، فعند هذه اللحظة يستدعي المشاهد التي رآها فيصاب بالرهبة والخوف من النوم بمفرده ويطلب من الأم والأب أن ينام بجواره.

يقول الدكتور صالح عبد الكريم -المستشار التربوي- إن تعرض الطفل للألعاب الإلكترونية وقتًا طويلًا من شأنه أن يغرس بداخله طاقة عدوانية شعوريًّا أو لا شعوريًّا خاصة وأن الطفل يتفاعل مع اللعبة تفاعلًا تامًّا وكأنها يعيش معها، وهو ما يحاول تقليده خلال لعبه مع إخوته وزملائه.

لذلك ننصح الآباء والأمهات لا نقول بمنع أطفالهم من الجلوس أمام الشاشات بأنواعها، سواء كانت شاشة التلفزيون أو الكمبيوتر أو الموبايل، وإنما بتقنين الوقت الذي يقضونه أمام هذه الشاشات، على أن يستخدم معززًا لهم عندما يكتبون واجباتهم ويذاكروا دروسهم. كذلك ينصح بتحديد سن الطفل على ميل يوتيوب، وذلك لكي تحميه من التعرض للمضامين الضارة ما يتعلق منها بالعنف والجنس تحديدًا.

الضرب

كثيرًا ما ننصح الآباء والأمهات بالكف عن الطريقة التقليدية في التربية القائمة على الضرب والتسلط وإهانة الطفل خاصة في وجود آخرين، فإذا كانت لهذه الطريقة جدواها فيما مضى، فاليوم وأمام هذا الكم الكبير من المؤثرات، من إعلام ومدارس وجامعات وأصدقاء، لم تعد هي الطريقة الملائمة في التربية، بل صار لزامًا على الآباء والأمهات أن يصادقوا أطفالهم، وأن يبنوا جسور من التواصل بينهما، لكيلا يدفعوه دفعًا إلى أصدقاء السوء أو الإنترنت.

فالضرب والإهانة أنت بذلك لا تكسر شخصية ونفسية طفلك فحسب، بل تربيه على أن الضرب هو الوسيلة المشروعة للدفاع عن حقك، فيضرب إخوته وأطفال عائلته، للتنفيس عما بداخله من مشاعر كبت وإحساس بالظلم والقهر من الوالدين.

وهنا أتوجه بالسؤال للآباء والأمهات الذين لا يزالون يتبعون الطريقة التقليدية في التربية حتى يومنا هذا، وأرجو الرد في التعليقات: هل سلوك أطفالكم للأفضل بعد الضرب؟ أم أن السلوك ازداد أكثر عما كان عليه قبل الضرب؟

الشعور بالحرمان

والمقصود هنا ليس فقط الحرمان المادي، وإنما أيضًا الحرمان العاطفي، وهنا أتوجه بالسؤال للآباء والأمهات الذين يقرؤون هذه المقالة وأرجو الرد في التعليقات بكل صراحة عن هذه الأسئلة :

- كم مرة تحضن ابنك / ابنتك يوميًّا؟

- متى آخر مرة قلت فيها لابنك / ابنتك أحبك يا صغيري؟

- متى كانت آخر مرة أهديث ابنك / ابنتك هدية؟

- كم دقيقة تقضيها يوميًا في اللعب مع ابنك / ابنتك؟

- متى كانت آخر مرة اصطحبت ابنك / ابنتك في فسحة وحدكما؟

أكاد أجزم بأن الإجابات ستكون صادمة، ولكنها واقعية وتعبر عن الفجوة والفراغ الكبير الذي يعيشه أولادنا من الداخل بسبب انشغال الآباء والأمهات عنهم لأسباب عدة، ولكنها غير مبررة.

تأخر العقاب

قال عبد الله بن المقفع في ترجمته للكتاب الحِكمي الشهير (كليلة ودمنة) الذي ألفه الفيلسوف الهندي (بيدبا): «من آمن العقاب أساء الأدب»، وهذا حال الطفل العدواني عندما يرتكب خطأ ما ويتكرر منه أكثر من مرة ولا يعاقب من الوالدين، فتكون النتيجة أنه يتمادى في السلوك العدواني بحق إخوته وأقاربه.

وقد يعود ذلك إلى التدليل الزائد من قبل الوالدين، وبذلك يزيد هذا الطفل من سلوكه العدواني تجاه إخوته. فضلًا على ذلك فإن تأخر العقاب أو عدمه أصلًا يوصل رسالة للطفل بأن هذا السلوك مقبول، فيكرره مرات ومرات.

أود الإشارة إلى أنه ليس بالضرورة أن تكون كل هذه الأسباب والعوامل مجتمعة، فقد يكون عامل أو اثنان أو ثلاثة السبب في السلوك العدواني عند طفلك.

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مقالات ذات صلة