الطفل الرضيع لا يفرّق بين الحليب والحنان.. كيف ذلك؟!

في كتابه الماتع "لغات الحب الخمس" يقول الكاتب الكبير "جاري تشابمان": "خلال فترة الرضاعة، لا يفرق الطفل بين الحليب والحنان، بين الطعام الجامد والحب. فبدون الطعام سيجوع الطفل، وبدون الحب سيجوع الطفل عاطفيًّا، ويمكن أن يصبح غير كفء للحياة".

في هذه المقالة نُناقش حاجة الطفل للحب، وأثر ذلك في شخصيته، وفي تعاملاته مع من حوله.

اقرأ أيضًا: نصائح للعناية بالمولود الجديد

حاجة الطفل للحب

تشير نتائج عدد من البحوث والدراسات في هذا السياق إلى أن الأساس العاطفي لدى الطفل يتشكل خلال الثمانية عشر شهرًا الأولى من حياته، لا سيما تلك العلاقة التي تجمع الطفل بأمه؛ لذلك إن أردت أن تشبع طفلك، فالطعام وحده ليس كافيًا، بل يجب أن تشبعه بالحب والحنان والرعاية والاهتمام، وأن تجالسه وتقترب منه وتقتحم عالمه الخاص، لكي تشاركه آماله وآلامه وأحلامه وتطلعاته، فتصبح صديقه الصدوق وصندوق أسراره.

بمجرد أن يتعلم الطفل الصغير المشي وأن يخطو أولى خطواته معتمدًا على نفسه دون مساعدة من المحيطين به، يبدأ في استكشاف العالم والبيئة من حوله، ينفصل ويبتعد قليلًا عن محبيه؛ إيذانًا ببدء مرحلة جديدة يعتمد فيها الطفل على نفسه في الحصول على ما يريد.

يتفاعل الطفل مع من حوله، يصبح اجتماعيًّا أكثر، فقد انتهى عهد السلبية، وبدأ عهدًا جديدًا يتطلع فيه لأن يكون إيجابيًّا في تفاعلاته وعلاقاته بمن حوله، وكلما تلقى هذا الطفل الحب بصوره وأشكاله المختلفة، كان أقدر على منحه لمن حوله بسخاء، لا سيما عندما يكبر شيئًا فشيئًا.

لقد ذهب البعض إلى القول بأن عدم إشباع حاجات الطفل العاطفية قد يلقي بظلاله على اتجاهات الطفل التعليمية سلبيًّا، والحل لا يكون بتغيير المدرسة أو حتى المعلم، وإنما نجعلهم يستعدون لهذه المرحلة على نحو أقوى عاطفيًّا، ما يعني منح الطفل مزيدًا من الحب والاحتواء والحنان.

اقرأ أيضًا: ما سبب البكاء الهستيري للطفل الرضيع؟

المراهقة وخزان الحب الفارغ

إذا لم تُشبَع حاجات الطفل العاطفية منذ الصغر ومن أقرب الناس إليه، وهما الأبوان، أو من يقوم مقامهما من الجد والجدة والعم والعمة والخال والخالة؛ فإن ذلك من شأنه أن يزيد من متاعب مرحلة المراهقة أو البلوغ التي بها ما يكفي من المشكلات المختلفة نتيجة التغيرات العدّة التي تشمل كل جوانب شخصية المراهق.

ولكي لا يدخل المراهق هذه المرحلة بخزان عاطفي فارغ، كان على الوالدين مسؤولية كبيرة نحو ملء هذا الخزان منذ الصغر، وبكافة صور وأشكال بل ولغات الحب، من التلامس الجسدي، إلى الكلمات التشجيعية، وتخصيص وقت مع الأبناء للاستماع إليهم، ومشاركتهم أحلامهم وآمالهم، وإغداقهم بالهدايا والألعاب التي يحبونها، فينضجون والحب يملأ جوانب شخصيتهم، حتى إنه يفيض على من حولهم أو من يتعامل معهم.

من أخطر الأشياء على المراهق فكرة الحب المشروط التي تربى عليها، إذ عليه أن يُقدِّم قرابين الطاعة للوالدين من أجل أن ينال حبهما ورضاهما عنه. فيتعلم التعامل مع من حوله على أساس هذه الطريقة القائمة على المنفعة أو المصلحة، وأول الضحايا يكون الأب والأم. فعندما يشعر بحالة من الرضا، سوف يشعر والداه بالراحة والرضا، والعكس صحيح. إن لم يكونوا راضيين ويوجد شيء يعكر مزاجهم، فإنهم يحولون حياة والديهم إلى جحيم؛ لأن هذا الابن لم يتعود أن يعطي دون مقابل، أو يحب دون شرط أو قيد كما تمت تربيته منذ نعومة أظفاره.

اقرأ أيضًا: للأمهات الجدد.. دليلكِ لمعرفة حركات يد الرضيع ومعانيها

حالة الأم وحب الطفل

من الأشياء المثبتة علميًّا هي أن حالة الأم العاطفية تؤثر بأسلوب أو بآخر بالطفل منذ أن يكون جنينًا في بطنها، لدرجة أن الجنين يبدي تعاطفه مع حالة الأم العاطفية، سواء كانت سعيدة أو حزينة. حتى بعد ولادتهم، يبدون حساسية عالية تجاه عواطف الأم ومشاعرها، لدرجة أن الطفل قد يسأل أمه: لماذا أنتِ سعيدة هكذا يا أمي؟

لذلك، ليس غريبًا القول بأن حالة الأم العاطفية مهمة للغاية في تربية الأبناء. فالبيت الذي تسوده أجواء من المحبة، بيت سوي يخرج أطفالًا أسوياء، على عكس البيوت التي يكثر فيها الصوت المرتفع والمشادات والمشاجرات بين الزوجين، تكون بيئة غير صحية للنشء، وهو ما يجب على الوالدين تفهمه.

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مقالات ذات صلة