هل المراهقة مرحلة مستمرة أم عابرة؟ وما الطريقة المثلى للتعامل مع المراهق في هذه المرحلة؟ وما خصائص المربي الناجح؟ كل هذه الأسئلة نجيب عليها في السطور التالية...
مفهوم المراهقة
المراهقة في أبسط معانيها تعني الانتقال من مرحلة إلى مرحلة، الانتقال من الطفولة إلى الشباب والرشد. وهنا يكمن الخلاف بين الآباء والأبناء. ففي الوقت الذي يشعر فيه المراهق أنه كبر وأصبح رجلًا، لا يزال كثير من الوالدين ينظرون إلى الابن على أنه ما زال طفلًا، ويعاملونه على هذا الأساس.
فالتغيرات الواضحة على المراهق ليست فقط جسدية، مثل كبر حجم بعض الأعضاء في جسمه، وإنبات الشعر في مناطق مختلفة من الجسم، وزيادة طوله، فضلًا عن الاحتلام ونزول المني، كل هذه التغيرات الملموسة وغيرها تُشعر المراهق أنه أصبح رجلًا، وأنه من الآن فصاعدًا يجب أن يؤخذ برأيه وتُحترم وجهة نظره، وأن يسمع فيُطاع خاصة من قبل إخوته الصغار.
في المقابل، يضيق الوالدان ذرعًا من بعض السلوكيات والتصرفات التي تظهر على المراهق في هذه المرحلة من عمره، كالعناد والصوت المرتفع ومحاولة فرض رأيه بالقوة على من في البيت خاصة الأم والإخوة الصغار، فيبدأ الشد والجذب بين الطرفين.
اقرأ أيضًا: هل يعامَل المراهق معاملة الرجال أم الأطفال؟
رسالة طمأنة للوالدين
الأمر المطمئن للآباء والأمهات أن مرحلة المراهقة مرحلة عابرة وليست مستمرة، غير أنها قد تطول أو تقصر حسب طريقة تعامل الوالدين مع الابن في هذه المرحلة.
فكلما كان يوجد تفهُّم من قبل الوالدين لطبيعة المرحلة والتغيرات التي يعيشها المراهق، وتفهُّم الصراعات الداخلية للمراهق، مرَّت بسلام وأمان، خلال أشهر قليلة.
أما إذا دخل الأبوان في صراع مع الأبناء، وقابلوا عناده بعناد مضاد، فإن ذلك من شأنه أن يطيل أمد المرحلة ربما لسن العشرين أو أكثر من ذلك.
كون هذه المرحلة عابرة، من شأنها أن يطمئن الآباء والأمهات إلى أنها مرحلة مؤقتة وستزول بكل أفراحها وأتراحها، ومن هنا وجب عليهم أن يجعلوا منها ذكرى طيبة، لا آلام فيها ولا أوجاع ولا صراعات.
اقرأ أيضًا: كيف تكسب قلب ابنك المراهق؟
كيف تواجه سلوكيات المراهق غير المقبولة؟
هذا يقتضي من المربي الهدوء التام والصبر على ما يواجهه من بعض السلوكيات غير المقبولة من قبل الابن في هذه المرحلة وتفهم التغيرات والصراعات الداخلية التي يعيشها هو وأبناء جيله من المرحلة العمرية نفسها. فالمربي هنا مطالَب بالهدوء؛ كونه يتعامل مع مرحلة وصفات عابرة، وهذا من شأنه أن يبعث برسالة طمأنينة أننا أمام سلوكيات ومرحلة تنتهي سريعًا.
الاطمئنان مهم جدًّا في تربية الأبناء وخاصة المراهقين منهم، حتى إن علماء النفس الذين اهتموا بدراسة السلوك الإنساني، اهتموا جدًّا بأهمية الحلم والصبر؛ كونها صفات أساسية وضرورية لكل مربٍّ، وهو ما يمكن أن نطلق عليه الاطمئنان النفسي.
فالمربي الذي يتعامل وهو متوتر، يُتعب نفسه وغيره، يُرهق نفسه ويرهق الآخرين من حوله، ونحن البشر لا يمكن أن نربي ونحن في حالة توتر أو قلق.
للأسف كثير من البيوت عندما يصل الأبناء إلى مرحلة المراهقة أو يقتربون منها تجد هناك حالة من الطوارئ الدائمة والمستمرة داخل هذه البيوت، وهذه حالة وبيئة غير تربوية على الإطلاق.
يقول الدكتور مصطفى أبو سعدة -الخبير التربوي والأسري- إن البيئة غير التربوية يكون فيها دائمًا شد وأخذ ورد وتوتر داخل البيت وصراع حاد، هذه بيئة لا يمكن أن يتربى فيها الإنسان تربية إيجابية، الاطمئنان والهدوء النفسي هو المطلب الأساسي".
اقرأ أيضًا: مرحلة المراهقة.. أدغال يعبرها أطفالنا وحدهم
المربي الناجح
المربي الناجح يمتاز بخصلتين، الأولى أنه مطمئن هادئ، والثانية أن يستمتع بتربيته أبناءه، ولنا هنا وقفة. فكما أن التربية عملية مرهقة ومتعبة، هي أيضًا عملية ممتعة. انظر أخي المربي إلى طفلك ذي الثلاث سنوات وهو يملأ البيت بهجة وسرورًا، يلعب ويقفز هنا وهناك، يملأ جوانب وأركان البيت حركة وحيوية.
تخيل عندما تجلس وحدك في وقت هادئ وتضع رأسك بين يديك، وتتذكر تلك اللحظات التي كان فيها أبناؤك صغارًا، وأنت تلاعبهم وتمازحهم، أعتقد أنه شعور لا يمكن لأي كلمات أن تصفه، فقط يشعر به الإنسان ويكون سعيدًا للغاية ويود لو أن هذه اللحظات طالت أكثر من ذلك.
في تلك اللحظات يشعر الآباء بالأسى والحزن لأن الوقت قد مضى سريعًا، ولكنه يدرك أن اللحظات الجميلة دائمًا تكون سريعة وعابرة، تلك اللحظات التي تشكِّل جزءًا لا يتجزأ من حياته وتمنحه القوة لمجابهة أي خطر أو أزمة قد تواجهه.
هذا الشعور تحديدًا نشعر به نحن الآباء، عندما نعود إلى البيت بعد يوم عمل شاق ومرهق، وبمجرد أن نفتح باب البيت، ونأخذ أطفالنا الصغار بالأحضان، تتساقط عن أكتافنا كل الهموم والأحزان، ونتمنى لو أننا بقينا بين أحضان أبنائنا طويلًا في لحظات من السعادة والاطمئنان.
هذه اللحظات معاشر الآباء والأمهات تُشعرنا بأهمية أن نخصص من أوقاتنا للجلوس والاستماع الجيد لأبنائنا ومعرفة ما تختلج به صدورهم، وما يؤرقهم، وما يخشون منه مستقبلًا، هذا من شأنه أن يجعلهم يجتازون طفولتهم بأريحية، واستقرار ذهني، واطمئنان نفسي، وهم برفقة والديهم.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.