كان إيهاب يعيش حياته غارقًا في مشاغل عمله، ساعيًا وراء تحقيق حلمه وتوفير حياة أفضل لزوجته فريدة وأطفاله.
لكن في وسط هذا الصخب، كان ينسى تفاصيل صغيرة كانت تهمها، ولا يبالي بعينيها اللتين تبحثان عن العاطفة، وعن كلمة حب أو لمسة اهتمام. كان غارقًا في حسابات المال، وأحلامه الشخصية، ما جعله يبتعد شيئًا فشيئًا عن فريدة التي كانت تشتاق إلى الاهتمام والوقت المشترك.
سامي، صديق إيهاب المقرب، كان يراقب كل شيء من بعيد. كان يعرف تفاصيل الحياة بين الزوجين، وكان يلاحظ الإهمال الذي يحيط بفريدة. لم يكن سامي صديقًا حقيقيًا، بل كان يتربص في الظل، يراقب اللحظات الضعيفة في حياة فريدة. بدأ ينسج شباكه حولها ببطء، محاولًا استغلال غياب زوجها واهتمامه المستمر بأعماله.
في البداية، كانت فريدة ترى في سامي مجرد صديق آخر لزوجها، لكنها بدأت تشعر بشيء غريب في التعاملات بينهما. كان يمدحها باستمرار، ويعطيها كلمات تطرب قلبها، يغمرها بالاهتمام الذي لم تجده من زوجها. لكنها كانت واعية بما يحدث، وكانت تدرك تمامًا ما يحاول سامي فعله.
رفضت كل محاولاته، وأغلقت قلبها أمامه. في داخلها، كان ضميرها يصرخ بقوة في وجهها، ينبِّهها أن هذا الطريق ليس سوى حفرة عميقة ستبتلعها بلا رحمة، لكن فريدة كانت تعرف قوتها، فاختارت الثبات.
عندما حاول سامي مرة أخرى أن يدفعها نحو علاقة غير مشروعة، بدأ يتبع أسلوب التهديد. قال لها: "إذا لم تكوني معي، ستندمين. ستندمين كما لم تندمي في حياتك، وستشعرين بمقدار الألم الذي سيعصف بكِ. لا تظني أنك تستطيعين الهروب، فأنتِ لن تخرجي من هذا دون أن تدفعي الثمن".
كانت كلماته مليئة بالتهديد، مكسوة بخسة وسوء نية مكشوفة، تفتقر لأبسط معاني الرجولة والكرامة.
لكن فريدة لم تكن في موقع الضعف الذي يظنه سامي. رفضت محاولاته بشدة، وأغلقت الباب في وجهه تمامًا، وهددته قائلة: "إذا استمررت في ملاحقتي، سأخبر إيهاب بكل شيء. وسأجعلك تدفع ثمن خيانتك بيدك، ولن تبقى في الظلال". كانت كلماتها حازمة، نابعة من قوة لا يمكن كسرها، ولا تراجع فيها.
ومع مرور الوقت، بدأ سامي يزرع الشكوك في قلب إيهاب. اقترب منه على نحو غير مباشر، وابتكر حكايات مشبوهة حول سلوك زوجته، ليجعله يبدأ في التفكير في أن فريدة قد تكون خائنة.
في البداية، لم يصدق إيهاب ما سمعه، لكنه بدأ يشعر بوجود مسافة بينه وبين زوجته، وكان يشعر أحيانًا بأنها تبتعد عنه، وكأنها تفتقد شيئًا. ومع تزايد هذه المشاعر، بدأ يشك في سلوكها، وظن أن أشياء قد تخفيها عنه، ليجد نفسه غارقًا في الشكوك.
وبينما كان إيهاب يراقبها عن كثب، وتتحطم ثقته في كل خطوة، بدأ ينغمس في شكوكه حتى وصل إلى نقطة الطلاق. اعتقد أن فريدة قد خانته، وأن كل ما قاله سامي كان صحيحًا. كان قد خان ثقته في زوجته، ظنًا منه أن صديقه كان أقرب إليه من أي وقت مضى، بينما كان هو نفسه السبب في ما آلت إليه الأمور.
لكن الحقيقة لم تكن كما ظن، فقد بدأ إيهاب يكتشف ما كان مخفيًا عنه. في لحظة حرجة، علم أن سامي كان يتلاعب به، وأنه كان يتخذ من قلب فريدة فريسة سهلة لتحقيق رغباته. وعندما أدرك خطأه، بدأ يشعر بالندم العميق على تصديقه لصديقه الخائن.
عاد إيهاب إلى فريدة، وعيناه مليئة بالأسف. وكان قلبها قد تعلَّم درسًا مريرًا، لكنها كانت تعرف أنه لا يزال يوجد شيء من الحب بينهما. وكلما ازداد الندم في قلبه، كانت تظهر براءتها في مواقف عدة، كل حركة، كل لمسة، كل كلمة نابعة من قلبها كانت دليلًا على صدقها. وفي النهاية، قرر إيهاب العودة إليها، وأخذ بيدها ليبدآ معًا من جديد، بعد أن اكتشف الحقيقة المرة.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.