الصحة النفسية للأطفال.. عوامل الخطر والحماية وأفضل طرق الوقاية

تختلف الصحة النفسية للأطفال عن البالغين بتنوعها وتعقيد مراحل النمو الفريدة. في هذا المقال الشامل، نتعمق في فهم الصحة النفسية للطفل، مستعرضين العوامل الجينية والشخصية المؤثرة، إضافة إلى دور الأسرة والمجتمع المحلي والمجتمع الأوسع. ونسلط الضوء على مشكلات الصحة النفسية الشائعة لدى الأطفال، وكيفية تأثيرها في نموهم وسلوكهم، وأهمية برامج الوقاية والتدخل المبكر؛ لتعزيز رفاهيتهم وحمايتهم من تفاقم المشكلات.

غالبًا ما تُعرَّف الصحة النفسية للأطفال بأنها مختلفة عن الصحة النفسية للبالغين، وأنها أكثر تنوعًا نظرًا للمراحل التنموية الفريدة التي يمر بها الأطفال. وتُعد خصائص الطفل «مثل الجنس والجينات» عوامل مهمة في تحديد صحته النفسية. ومع ذلك، تشمل الصحة النفسية للطفل أيضًا الحالات التي تؤثر مباشرة في الصحة النفسية أو تُغيرها، بما في ذلك جوانب تتعلق بأسرة الطفل ومجتمعه المحلي والمجتمع الأوسع.

قد تؤثر مشكلات الصحة النفسية التي قد يعانيها بعض الأطفال على هيئة صعوبات في النمو النفسي والعاطفي، والعلاقات الاجتماعية، وأيضًا السلوك، وعندما تكون المشكلات مستمرة، وشديدة، وتُسبب ضعفًا في الأداء، تُعرف بأنها اضطرابات في الصحة النفسية، وحينئذ يمكن لبرامج وتدخلات معينة لتعزيز الصحة النفسية والوقاية منها، إذا كانت مُصممة جيدًا، أن تُعزز رفاهية الأطفال وتُخفف تفاقم المشكلات لديهم.

مشكلات الصحة النفسية لدى الطفل

تتأثر رفاهية الطفل بمجموعة متنوعة من عوامل الحماية وعوامل الخطر، إذ يُعد تعزيز اللياقة النفسية والعاطفية جزءًا مهمًّا من الصحة النفسية. ويتمكن الأطفال الذين يتمتعون بصحة نفسية مستقرة من النمو العاطفي والمعرفي على نحو جيد، وتكوين علاقات اجتماعية فعَّالة بالآخرين، والتعامل مع المشكلات. وعوامل الحماية هي خصائص الطفل والبيئة التي تُعزز نتائج الصحة النفسية الإيجابية بفضل حماية الأطفال والحد من الآثار السلبية الناجمة عن عوامل الخطر.

تعزيز اللياقة النفسية والعاطفية جزء مهم من الصحة النفسية للنمو العاطفي والمعر في على نحو جيد

عوامل الحماية النفسية للأطفال

يمكننا وصف عوامل الحماية بأنها نقاط قوة الطفل والأسرة والمجتمع التي تُسهم في المرونة، ويمكن أن تشمل نقاط قوة الطفل الحالة البدنية الصحية، والذكاء، والمزاج الهادئ وغيرها. ونقاط قوة الأسرة هي تلك التي تُميز الأسرة المتماسكة والداعمة «مثل أسلوب التربية الراعي، والإشراف، والميزة الاجتماعية والاقتصادية» عن الأسر المفككة، ويمكن أن تشمل نقاط القوة المجتمعية أيضًا المدارس الآمنة والمشاركة في الأنشطة الترفيهية.

أبرز عوامل الخطر النفسية للأطفال

غالبًا ما يؤدي تأثير عوامل الخطر إلى نتائج سيئة في الصحة النفسية لدى الأطفال، إذ إن وجود عوامل خطر متعددة من شأنه أن يزيد تعرض الطفل لمشكلة ما. وقد تنبع المخاطر من الولادة المبكرة، وانخفاض الوزن عند الولادة، وضعف الصحة البدنية، والعرق، والعلاقات بالإخوة والأسرة، والحالة الصحية النفسية للوالدين «وخاصة الأم»، وإساءة استخدام الوالدين للكحول أو المخدرات، والعنف الأسري.

يشير عدد من الخبراء إلى أن الوضع الاجتماعي والاقتصادي للوالدين عامل قوي على الرفاهية النفسية

ويشير عدد من الخبراء إلى أن الوضع الاجتماعي والاقتصادي «أي تعليم الوالدين أو دخلهم» عامل قوي على الرفاهية النفسية، إضافة إلى ذلك، فإن الفئات الضعيفة بوجه خاص من الأطفال هم أولئك الذين تعرضوا للإيذاء الجسدي أو الجنسي، وأولئك الذين يعيشون في دور الرعاية، والأطفال اللاجئون. وتشمل مجموعة أخرى ضعيفة من الأطفال أولئك الذين يعانون صعوبات التعلم. الأطفال الذين يعانون صعوبات التعلم «على سبيل المثال، مشكلات في التعلم والفهم مقارنة بالأطفال في نفس العمر» معرضون لخطر متزايد للإصابة بمشكلة في الصحة النفسية.

أنواع الاضطرابات النفسية الشائعة في الطفولة

تركِّز التعريفات السريرية للصحة النفسية للأطفال على تحديد الاضطرابات وتصنيفها، إضافة إلى علاجها. تُسبب الاضطرابات النفسية أعراضًا تشخيصية مهمة وضعفًا وظيفيًّا. وبناءً على ذلك، تشير معدلات الانتشار المجتمعية إلى أن 10% إلى 20% من الأطفال «والشباب» قد يعانون اضطرابًا نفسيًّا في أي وقت.

تُعد اضطرابات القلق والانتباه والسلوك والاكتئاب أكثر أنواع اضطرابات الطفولة شيوعًا. وقد يُصاب بعض الأطفال بأكثر من اضطراب واحد «أمراض مصاحبة». تؤثر هذه الحالات سلبًا في نمو الأطفال وأدائهم في المنزل والمدرسة والمجتمع. في بعض الحالات، تستمر اضطرابات الطفولة أيضًا، وقد تؤثر في إنتاجية البالغين وأدائهم في نهاية المطاف؛ لذلك فإن التأثير البشري والاقتصادي لاضطرابات الصحة النفسية يجعلها من بين أكثر الحالات الصحية تكلفة.

كيف يمكن تعزيز الصحة النفسية للأطفال؟

أكدت البحوث القائمة على السكان أن عددًا من الأطفال الذين يعانون اضطرابات الصحة النفسية لا يتلقون العلاج الذي يحتاجون إليه، ففي الولايات المتحدة، على سبيل المثال، تشير التقديرات المستندة إلى مجموعة من الدراسات الوبائية إلى أن 20% فقط من الأطفال الذين يعانون اضطرابات يتلقون خدمات متخصصة.

أكدت البحوث أن كثيرًا من الأطفال الذين يعانون اضطرابات الصحة النفسية لا يتلقون العلاج اللازم لهم

في المملكة المتحدة، يتلقى نحو ربع الأطفال والشباب المتضررين خدمات الصحة النفسية، وتؤثر الحاجة غير الملباة في تفاوت الوصول إلى الخدمات، لا سيما لأطفال الأقليات، وقد يكون ذلك نتيجة لعوائق محددة تعيق الاستفادة منها، وغالبًا ما تشمل العوائق التي تحول دون الوصول إلى الخدمات بُعد الرعاية، وانتظار العلاج، ووصم المرض النفسي.

ويمكن أن تشمل العوامل الأخرى نقص معرفة الوالدين بالموارد المتاحة، والأداء النفسي والاجتماعي للوالدين «مثل الاكتئاب». فضلًا على ذلك، قد تواجه الأسر التي تعاني صعوبات اجتماعية «مثل الضغوط الأسرية، ونقص الدعم الاجتماعي» صعوبة كبيرة في الحصول على الرعاية. الأطفال الذين يعيشون في أسر وحيدة الوالد أو فقيرة، والذين يعانون صدمات مثل إساءة معاملة الأطفال، أو الذين تكون أسرهم متنقلة، هم أقل عرضة بكثير لطلب المساعدة على مشكلات الصحة النفسية لديهم.

الجدير بالذكر أنه بُذلت جهودٌ لتحسين الوصول إلى خدمات الصحة النفسية، مثل أنظمة الرعاية، والتدخل الشامل «الخدمات التي تُراعي الطفل والأسرة وبيئاتهما»، والمشروعات واسعة النطاق، حتى إن بعض الخبراء اقترح مزيجًا من إستراتيجيات الصحة السكانية والإستراتيجيات السريرية، ويشمل ذلك مزيجًا من برامج التعزيز والوقاية الشاملة لتعزيز الرفاهية المثلى لجميع الأطفال، وتدخلات أكثر استهدافًا تُقدم بطريقة استراتيجية فعّالة من ناحية التكلفة، وقد ركَّزت بعض نماذج الخدمات على إستراتيجيات التعزيز والرعاية الشاملة التي تُركِّز على الأسرة.

تؤدي الصحة النفسية دورًا جوهريًا في حياة الطفل ونموه السليم، ولا يمكن تجاهل أثر العوامل المحيطة به من أسرة ومجتمع، لذا فإن إن التدخل المبكر، وتوفير بيئة داعمة، وتثقيف الوالدين، يمكن أن يُحدث فارقًا كبيرًا في الحد من المشكلات النفسية وتحقيق رفاهية الأطفال؛ لنصنع جميعًا بيئة آمنة وصحية لأطفالنا.

وأنتم، أعزائي القراء، شاركونا آراءكم في أبرز العوامل لتعزيز صحة الطفل النفسية، في التعليقات أسفل هذه المقالة.

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مقالات ذات صلة