لا أحد منا لا يحب أن يكون شخصية جاذبة لأنظار الآخرين، ويكون محط إعجاب الجميع، سواء بأخلاقه أو سلوكه أو تعامله مع الآخرين والمحيط، سواء في مجال العلاقات الشخصية أو العلاقات المهنية التي تتطلب بناء شبكة واسعة من العلاقات التي يحب الفرد أن يكون محورها وقائدًا فاعلًا فيها.
أيًّا كانت رغباتنا في أن نكون فعلًا أشخاصًا جاذبين لمن هم حولنا، يجب علينا أن ندرك تمامًا أننا حينما نرغب في أن نكون كذلك ليس عيبًا، بل يجب أن ندرك أن إثبات ذاتنا أمام العالم لا يحتاج إلى كثير من الجهد، فقد تصرف بسيط وكلمة لطيفة تخلِّد ذكرانا في عقول الآخرين.
صفات الشخصية الهستيرية
ولكن تكمن المشكلة في أن تتطور رغباتنا في أن نكون موضع ومحط أنظار الآخرين، إلى أن تصبح هذه الرغبة هستيرية وتتغلغل في تصرفاتنا وأفعالنا. ومن هنا أطلقت الدراسات النفسية على من يعاني من تطور هذه الرغبة بالشخصية الهستيرية، وهي الشخصية التي تسعى بكل ما تملكه من وسائل إلى إثبات نفسها وذاتها على نحو مبالغ فيه.
ومع تعدد الآراء في صفات هذه الشخصية، فقد تنوعت وتفرَّعت حسب الفئات العمرية وحسب التكوين النفسي للفرد والبيئة المحيطة. ويمكن إجمال هذه الصفات في النقاط التالية:
- يتصف صاحب هذه الشخصية بالولع في جذب أنظار الآخرين والاستحواذ على انتباههم واهتمامهم باستمرار، والمبالغة في التعبير عن مختلف الانفعالات والمشاعر بتصرفات وعبارات لا تتلاءم مع الموقف.

- صفة المبالغة تكون واضحة أيضًا بتعدد العلاقات الاجتماعية وكثرتها وتنويعها، وبشكل خاص مع أصحاب الجاه والمال والمناصب؛ من أجل الدخول إلى دائرة الاهتمام الجماعي والتواجد تحت الأضواء، مع فرط إظهار النشاط والحيوية، والميل إلى التجديد والتنويع في المظاهر والاهتمامات، وكره النمطية والروتين.
- ما يعانيه الشخص الجاذب للأنظار -وهي تعد نقطة سلبية في حياته- من كونه سطحي التفكير وبعيدًا عن الواقع الذي يعيش فيه وضعيف الهمة، وغير قادر على التحمل والصبر، مع قصر نظره في التطلع للمستقبل وتحديد أهدافه. ومهما أخطأ لا يستفيد من دروس الماضي، ويقع في الخطأ نفسه مرة ومرتين وثلاثة.
- التعرض للضغوط النفسية يجعل صاحب هذه الشخصية شخصًا آخر، يحاول كسب استعطاف الآخرين بإظهار مدى تأثره بالضغط النفسي الذي يعانيه الذي يسبب له الآلام والضيق النفسي.
- دائمًا ما يأخذ الشخص الجاذب للأنظار دور المحقق في استطلاع مشاعر الآخرين، وما يسبب لهم الضيق والحزن وما يجعلهم سعداء، كل ذلك من أجل كسب اهتمام الآخرين مع ما يفضلونه حسب طريقته وفهمه.
- في مجال العلاقات الشخصية، أيًّا كانت الشخصية عند الرجل أو المرأة، فكلاهما يستخدم الأسلوب الإغرائي من أجل جذب الطرف الآخر، ولكن في حال ضعف الوازع الديني. ولا ينطبق اتباع هذا الأسلوب على كل أفراد المجتمع، فهو يختلف حسب التربية والمحيط. على سبيل المثال قيام المرأة الجاذبة للأنظار بالمبالغة في الحلي والزينة والتغنج أمام الرجال في الكلام والتصرفات، طبعًا لا ينطبق ذلك على الكل.
- صاحب هذه الشخصية يكون سعيدًا فقط وبالفعل حينما يكون محط إعجاب الآخرين، فيرى نفسه أنه مرح ومحبوب، يوافق الآخرين ويوافقونه.
- التبذير بالمال وتشتيت الجهود والطاقات من أجل كسب استعطاف الآخرين واستحسانهم، والانشغال بالمظاهر البراقة والفخمة، والغفلة عن حقائق الأمور وجوهرها.

- ما يميز هذه الشخصية هو قدرتها على الهروب من مواقف معينة، بالتحلل من شخصيتها الأصلية، واكتساب شخصيات أخرى تتلاءم مع الظروف الجديدة.
وفي الختام، أيًّا كانت الطريقة التي نرغب بها أن نكون أشخاصًا يُعجب بنا الآخرون، فيجب علينا أن ندرك أننا كلما كانت أفعالنا وتصرفاتنا تعبر بصدق عما بداخلنا نكون أقرب إلى قلوب الآخرين، فلا داعي للتكلف والمبالغة في تصرفاتنا؛ حتى لا تصل بنا الحال إلى أن نكون شخصية هستيرية.
المحتوى جيد جدا.....ويحتاج منا أن نسلط عليه الضوء وخاصة بعد تعدد وسائل التواصل الاجتماعي وكثرة الشخصيات الهستيرية فيها
مقال رائع ومهم جدا، دمتي رائعة ومتفوقة، ودمتم بخير وسلام وسعادة.
ربنا يوفقك وتكوني دوما كاتبة جيدة وكتابتك فعلا جميلة ومفيدة أحسنت
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.