نشأت مدينة السلط، منذ العهد الأيوبي والمملوكي، وازدهرت عثمانيًا، لتكون أقدم مدينة في الأردن، حيث تحاط المدينة بسوق محلي وإقليمي، متجسد ببنية المدينة، التي تشمل المقاهي والمقار الحكومية، والطرق المرصوفة والمنازل، ووسائط النقل والاتصالات المتنوعة، ودور العبادة التي تظهر المتحد المسيحي الإسلامي للسكان في المدينة، بيد أن المدينة حافظت على رابطة عشائرية قوية، إذ يعرف الناس أنفسهم على أنهم سلطية.
عملت تلك الخصائص على تشكيل الشخصية السلطية، من ثالوث أنصاف البدو والفلاحين والحضريين، إذ إنهم باتوا بدوًا وفلاحين وحضرًا في آنٍ واحد، على الرغْم التحول نحو الانخراط في الحياة العسكرية - الجندية، أو الوظائف الحكومية والمناشط الاقتصادية ذات الطابع الحديث.
وعرفت المدينة، كحال نظيراتها من المدن العالمية، التقسيم في العمل، حيث عرف الأهالي الزراعة والرعي، إلى جانب التجارة وممارسة الصنائع المختلفة، وممارسة الأعمال الحكومية والجندية منذ زمن طويل مقارنة بالأردنيين في بقية المنطقة الشرق أردنية - تاريخيًا.
ومارس السلطيون صيد كثير من أصناف الحيوانات البرية، سيما في الأغوار ووادي شعيب.
الغذاء.. تميز سلطي ومشتركات مع الأرادنة
تشترك السلط في ثقافتها الغذائية مع أبناء الأردن في الاعتماد على المنسف بوصفه سيد المطبخ السلطي، إلى جانب الرشوف، ومنتجات الألبان، ومشتقات الأغنام، فيما يتميز الجميد السلطي بانخفاض حموضته إذا ما قورن بنظيره الكركي، إلا أن السمن يتفق مع شقيقه البلقاوي.
وتتنوع المونة في السلط، إذ تشمل الجميد والسمن والأجبان، إلى جانب الحبوب من قمح وجريشة وفريكة وبرغل وعدس، إلى الخضراوات والفاكهة، والمكاديس والعناقيد ومنتجات العنب من المنتجات المحلية، ويُستورد الأرز والسكر والتمر والبن والشاي وخلاف ذلك؛ ما يوفر مائدة ثرية صيفًا وشتاءً.
وعرف السلطية الأرز المستورد من جمهورية مصر منذ القدم الذي كان سعره متغيرًا تبعًا للظروف المناخية المتقلبة وسنوات الجفاف والغلال الوفيرة.
وعلى خلاف بقية المناطق، تناول السلطية اللحوم الحمراء في مختلف الأحيان، لا في أوقات المناسبات فحسب، نتيجة توافر اللحم في محال الجزارة، وتناولوا أيضًا الرؤوس والكرشات وغيرها بشكل فردي، مع الدوالي والكوسا المحشي، إلى جانب صاجية المعاليق.
على الرغْم هذه الوفرة، فإن المنسف وحده بقي محتفظًا بكونه طعام المناسبات، السياسي منها على وجه الخصوص، والاجتماعي أيضًا، كأمثاله في الأردن.
وتميز المسيحيون بعادات غذائية محددة مرتبطة بموسم الصيام المسيحي، فيما عرف السلطية مجموعة من المشروبات القائمة على الأعشاب، مثل الميرمية، والبابونج، والزعتر وغيرها، إلى جانب صنوف مختلفة من الحلويات التي شارك فيها الفلسطينيون من نابلس.
فيما عمد السلطيون إلى زراعة الزيتون بصورة رئيسة، إلى جانب كروم العنب والتين، ووُظِّف العنب في صناعة النبيذ منزليًا، وكان أيضًا يورد للخمارات في المنطقة، وعرفت السلط زراعة التبغ، سيما الهيشة والأحمر منه.
ومارس السلطيون تربية الدواجن، وتناولوها في طعامهم، وكافة أنواع الخبزات المشهورة في الأردن عمومًا.
وتم استغلال الأشجار المحيطة في التحطيب، والاستخدام وقودًا، إلى جانب ممارسة جلب المياه عبر النقل اليدوي والسقائين، سيما من الآبار المحيطة.
معالم بارزة في السلط
شكَّل مطعم العمد أحد أشهر مطاعم الكباب في سوق المدينة، وحظي بتقاطر الطلبة من مدرسة ثانوية السلط التي بُنيت بتبرعات الأهالي عام 1918م، فيما كان أبرز مرتاديه رئيس الوزراء الأردني السابق الشهيد وصفي التل، الذي دفن في بلدة الكمالية التي وُلد فيها، وتعلَّق فيها حتى ما بعد تحوله إلى عمَّان رئيسًا للحكومة في عهد الملك الحسين بن طلال - طيب الله ثراه.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.