عزيزي القارئ، هل توقفت يومًا لتسأل نفسك كيف يتحدث جسدك بصمت عن حالتك الصحية؟ في زحمة الحياة اليومية، قد نهمل أحيانًا لغة أجسادنا التي تكشف لنا أسرارًا دفينة. اليوم، سنتحدث عن واحد من تلك الأسرار التي لا يعرفها كثيرون، ولكنه يحمل في طياته كثيرًا عن صحتنا: السكر التراكمي.
السكر التراكمي، أو ما يُعرف علميًّا باسم "الهيموغلوبين السكري"، ليس مجرد تحليل دم عادي؛ بل هو نافذة صغيرة نطل منها على صحة أجسامنا مع مرور الوقت. فهو مثل سجل تاريخي، يخزن معلومات عن مستويات السكر في دمك خلال الأشهر الثلاثة الماضية، ويقدِّم لك خريطة شاملة عن مدى توازن حياتك الصحية.
فهل أنت مستعد لاكتشاف ما يرويه هذا الرقم الصغير عنك؟
اقرأ أيضًا: تحليل السكر التراكمي والعوامل المؤثرة على معدل الجلوكوز في الدم
ما اختبار السكر التراكمي (HbA1c)؟
هو اختبار يقيس متوسط كمية الجلوكوز (السكر) في دمك مدة 3 أشهر ماضية. وتكون النتيجة بالنسبة المئوية (%). وكلما كانت النسبة المئوية كبيرة زادت نسبة السكر أو الجلوكوز بدمك.
أهمية اختبار السكر التراكمي (HbA1c)
- يساعد الطبيب في اكتشاف مرحلة ما قبل السكري (وهي مرحلة تكون فيها مستويات السكر في الدم أعلى من المعدل الطبيعي، ولكنها ليست مرتفعة بما فيه الكفاية لتشخيص السكري).
- تساعد الطبيب في تشخيص النوع الثاني من مرض السكري.
- تساعد الطبيب في تقييم نجاح الخطة المتبعة بعلاج النوع الأول أو الثاني من مرض السكري، أم أنها تحتاج إلى تغيير.
طريقة إجراء اختبار السكر التراكمي
توجد طريقتان لذلك الاختبار:
- العينة الوريدية: وهي الأكثر شيوعًا ودقة، فيتم بها سحب عينة من الدم الوريدي وتحلل بالمختبر.
- وخزة الإصبع: للحصول على بضع قطرات من دمك لتظهر النتيجة في دقائق قليلة، ولأنها غير دقيقة مثل العينة الوريدية فإنها تستخدم فقط ليطمئن الطبيب على حالتك وليس لتشخيص المرض.
اقرأ أيضًا: معدل السكر الطبيعي وأعراض مرض السكري في سن الأربعين
ما أسماء هذا الاختبار؟
تشمل الأسماء الأخرى لاختبار A1C ما يلي:
- الهيموجلوبين A1C.
- الهيموجلوبين السكري التراكمي (HbA1c).
- الهيموجلوبين السكري.
- اختبار الجليكوهيموغلوبين.
ما جلوكوز الدم (السكر)؟
يعد الجلوكوز مصدر الطاقة الوحيد لكل خلايا الجسم، ويتكون بعد أن تأكل الكربوهيدرات في الطعام أو حتى المشروبات، فتمتص بالمعدة والأمعاء، ثم تصل لأبسط صورة وهي الجلوكوز، ثم يحمله الدم لجميع خلايا الجسم لتحصل على الطاقة التي تحتاج إليها لتقوم بوظيفتها.
الهرمونات التي تنظم السكر بالدم
- هرمون الأنسولين: ويفرز من البنكرياس عندما تزيد نسبة السكر بالدم، ويقوم هو بنقل الجلوكوز لداخل الخلايا؛ فتنخفض نسبته بالدم.
- هرمون جلوكاجون: وهو معاكس لعمل الأنسولين، فيفرز عندما تكون نسبة الجلوكوز قليلة، ويقوم هو بتحرير مخازن الجلوكوز بالجسم؛ لكي ترتفع نسبته بالدم.
اقرأ أيضًا: أسباب وأعراض انخفاض السكر في الدم
ما الذي يحدث بمرض السكري؟
النوع الأول: هنا لا ينتج البنكرياس كمية كافية من الأنسولين، أو لا ينتج أساسًا؛ فترتفع نسبة السكر بالدم نتيجة لذلك.
النوع الثاني: هنا ينتج البنكرياس الأنسولين، ولكن جسمك لا يستخدمه؛ بسبب المقاومة لعمله أو غيرها من الأسباب التي تؤدي إلى نتيجة النوع الأول نفسها، وهي زيادة نسبة السكر بالدم، وبذلك ارتفاع اختبار السكر التراكمي.
متى أحتاج إلى إجراء اختبار السكر التراكمي؟
يختلف عدد مرات عمل الاختبار تبعًا لـ:
1- إذا كنت مريض سكري: سيحدد طبيبك عدد المرات، ولكن في المعتاد أنه يجرى مرتين بالسنة؛ وذلك لتحديد نجاح خطة العلاج التي تتبعها.
2- إذا لم تشخص بمرض السكري: سيطلبه طبيبك منك فقط إذا كانت لديك الأعراض التالية:
- العطش الشديد وكثرة الشرب.
- زيادة عدد مرات التبول أو بكمية البول.
- ضباب بالرؤية.
- الشعور بالتعب طوال الوقت.
3- إذا كنت لديك عوامل الخطورة التي تجعلك معرضًا للإصابة بالنوع الثاني من السكري مثل:
- لديك تاريخ بعائلتك لمرض السكري من النوع الثاني.
- إذا أُصبت بسكري الحمل.
- السمنة.
- عدم الحركة وقلة النشاط.
- سنك أكثر من 35 عامًا.
اقرأ أيضًا: أعراض مرض السكري وعلاجه وطرق الوقاية منه
كيف يتم حساب السكر التراكمي؟
يقيس السكر التراكمي نسبة السكر بدمك لمدة 3 أشهر ماضية، وهي مدة حياة كرات الدم الحمراء التي تحتوي على الهيموجلوبين الذي يتحد به الجلوكوز، فكلما زادت نسبة الجلوكوز زادت نسبة التصاقه، ويُعد هذا الاختبار الأكثر دقة؛ لأنه يقيس نسبة الجلوكوز على مدار مدة زمنية كبيرة وهى 3 أشهر.
هل أحتاج إلى الصيام لإجراء اختبار السكر التراكمي؟
لا تحتاج للصيام قبل إجرائه؛ لأنه لا يعتمد على القياسات الحالية، بل يقيس مدة 3 أشهر سابقة.
ما مضاعفات إجراء اختبار السكر التراكمي؟
يجب عليك عدم القلق؛ فكل ما ستشعر به هو ألم خفيف بمكان سحب عينة الدم؛ نتيجة لوخزة الإبرة، وسرعان ما يختفي.
اقرأ أيضًا: تعرف الآن على جدول السكر التراكمي حسب العمر
ماذا يعني A1C الخاص بي؟
- أقل من 5.7% يعني أنك لست بمريض سكري.
- 5.7 إلى 6.4% يشير إلى مرحلة ما قبل السكري التي أوضحناها مسبقًا.
- 6.5 % أو أعلى يشير عادة إلى أحد أنواع مرض السكري من النوع 2 أو النوع 1.
أما إذا كنت فعلًا مريض سكري، وتستخدمه لتقييم مدى نجاح خطة العلاج في الأشهر الثلاثة الماضية، فمثلًا إذا كانت مستوياته عالية فهذا يعني أنك بحاجة للتعديل بخطتك العلاجية، سواء كان بالحبوب التي تتناولها أو الأنسولين، أو تحتاج لتغييرات في نمط حياتك، مثل نظام غذائي صحي وممارسة الرياضة.
مستوى السكر التراكمي | الحالة |
أقل من %5.7 | المعدل الطبيعي |
5.7-6.4% | مرحلة ما قبل السكر |
أكبر من 6.4% | مريض سكر |
ما الفرق بين السكر التراكمي (A1C) ومتوسط الجلوكوز المقدر (eAG)؟
متوسط الجلوكوز المقدر: ما إلا تحويل للنسبة المئوية الخاصة بالسكر التراكمي إلى وحدات جهاز السكر العادي نفسها، فيقول إن النسبة تساوى ملليجرام لكل ديسيلتر، وبصورة أبسط أن متوسط سكرك في الأشهر الثلاثة الماضية هي كذا.
ما معدلات السكر التراكمي الطبيعي؟
1- شخص سليم غير مصاب بالسكري: يكون مستوى A1C الطبيعي أقل من 5.7%.
2- بالنسبة لمريض السكري: سيحدد طبيبك المستوى الذي ستسعى للوصول له، وذلك بناء على حالتك الصحية.
3- توصيات الجمعية الأمريكية للسكري: بأن المستوى المستهدف بالنسبة لمعظم البالغين المصابين بالسكري هو نسبة 7% أو أقل.
4- ولكن يمكن أن تكون المستويات المستهدفة لديك أعلى من 7% إذا كنت:
- يحدث لديك انخفاض شديد بسكر الدم.
- مضاعفات مرض السكري: مثل أمرض الكلى، أو مشكلات الأعصاب، أو أمراض القلب والأوعية الدموية.
- مرض السكري من النوع الأول والحوامل: الحفاظ على مستوى A1C بنسبة 6.5% أو أقل طوال مدة الحمل. وذلك لمحاولة تقليل المخاطر الصحية المحتملة للجنين، ومحاولة منع حدوث تضخم للجنين.
اقرأ أيضًا: نصائح بسيطة تساعدك على التعافي من مرض السكري
ما المستوى الخطر للسكر التراكمي؟ وما خطورته؟
تعد مستويات السكر التراكمي شديدة الخطر إذا كانت مرتفعة باستمرار سنوات طويلة؛ لأن ذلك يعرضك للمضاعفات التالية:
- اعتلال الشبكية.
- اعتلال الكلية.
- اعتلال الأعصاب.
- شلل المعدة.
- أمراض القلب.
- السكتة الدماغية والجلطات.
أتعلم أنك يمكنك منع هذه المضاعفات فقط بجعل السكر التراكمي بدمك أقل من 7% باستمرار؟
عزيزي القارئ، الآن بعد أن استكشفنا معًا خفايا السكر التراكمي وفهمنا أهميته، حان الوقت لتسأل نفسك: ما الذي تقوله أرقامك عنك؟ قد يكون هذا التحليل البسيط هو المرآة التي تظهر مدى اهتمامك بصحتك، ليس اليوم فقط، بل على مدار أشهر مضت.
لا تدع هذه الأرقام تمر عليك مرور الكرام؛ فهي دعوة صريحة لتأمل حياتك الصحية وإجراء تغييرات، إن لزم الأمر، من أجل مستقبل أفضل. فالتوازن هو مفتاح العافية، وكما رأينا، السكر التراكمي هو الحارس الأمين الذي يرصد لك هذا التوازن.
فهل أنت مستعد لأن تكون قائدًا لرحلتك الصحية، وأن تجعل من هذا التحليل جزءًا من أدواتك للحفاظ على نفسك؟ القرار بيدك، وصحتك دائمًا تستحق الأفضل.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.