السفر عبر الزمن.. خيال سينمائي أم واقع معقد؟

لا شكَّ في أن السفر عبر الزمن يظل إحدى الأفكار المشوقة والمثيرة والممتعة والغريبة في الوقت نفسه التي شغلت أذهان العلماء والدارسين والكُتَّاب والمفكرين حتى العوام والبسطاء على حد سواء.

وما غذَّى الفكرة في عقول الناس جيلًا بعد جيل هو ظهور الفكرة مجسدة في أعمال سينمائية متعددة وقصص خيالية كثيرة تناولت الموضوع من عدة زوايا، وأضافت إليه الجانب الإنساني الذي جعل الفكرة أكثر ارتباطًا بعقل الإنسان.

ورغم صعوبة الشرح العلمي سواء لإثبات حقيقة السفر عبر الزمن أو نفيها، فإن لكل فريق من الفريقين ما يدعم به نظريته في مسألة السفر عبر الزمن، لذا نحاول في هذه المقالة وضع الرأيين في قالب من البساطة أمام بعضهما بشكل يسمح لك باستيعاب الأمر وتكوين وجهة نظر خاصة بك عن مسألة السفر عبر الزمن.

السفر عبر الزمن حقيقة

لدى الفريق الذي يتبنى فكرة أن السفر عبر الزمن هو حقيقة فيزيائية معقدة، بعض النظريات لا تخلو من الخيال الإنساني، مثل:

النظرية النسبية

أول من فكَّر في موضوع السفر عبر الزمن بطريقة علمية هو العالم ألبرت أينشتاين بواسطة نظريته الشهيرة "النسبية"، إذ قال إنه يوجد إحداثيات هندسية في الزمان والمكان تسمح بالسفر عبر الزمن وفق شروط معينة في الفضاء.

وقال إنه كلما زادت سرعة الجسم المتحرك تباطأ الزمن تدريجيًّا، وأيضًا إذا وصلت سرعة الجسم المتحرك إلى سرعة الضوء فسيتوقف الزمن، ثم تبدأ عقارب الساعة في الرجوع إلى الخلف، وبذلك يصبح العودة إلى الماضي شيئًا ممكنًا.

وبرغم استحالة هذه الفرضية وهي الوصول إلى سرعة الضوء، لكن العلماء يتمسكون بهذا الأمر على أنه يمكن تحقيقه في المستقبل، ولا سيما بعد التطور التكنولوجي الهائل الذي يشهده العالم والتطور الذي يمكن أن يحدث في السنوات القادمة.

إذن، فالفريق الذي يدعم فكرة حقيقة السفر عبر الزمن يطلب في هذا الوضع أمرين مهمين: الأول هو صحة نظرية أينشتاين، والثاني هو وصول الإنسان إلى سرعة الضوء.

آلة الزمن

ومع أنَّ فكرة آلة الزمن مرتبطة بأفلام السينما وروايات الخيال العلمي، فإن عالمًا فيزيائيًّا وضع نموذجًا رياضيًّا في السنوات الأخيرة يكشف فيه إمكانية السفر عبر الزمن على المستوى النظري، ولكن العلماء لم يتمكنوا حتى الآن من تحديد المواد المناسبة التي ستُستخدم لبناء هذه الآلة.

وذلك حسب صحيفة "ديلي ميل" البريطانية التي قالت إن العالم رون ماليت، المتخصص في الفيزياء الفلكية، قال إنه وجد طريقة للعودة في الزمن، كما صنع ماليت جهازًا أوليًّا يوضح فكرته ويحاول إثبات نظريته التي تستند إلى نظرية النسبية.

آلة الزمن

لكن العالم نفسه يؤكد أن فكرته ما زالت في طور النظرية في هذه المرحلة، فقد تحتاج الفكرة إلى إمكانات ضخمة، إضافة إلى قوانين تحدد القيود التي ستوضع على الأشخاص الذين يمكنهم العودة إلى الماضي من أجل إحداث تغيير في الحاضر، وقال ماليت: "قد نتمكن من إرسال المعلومات إلى الماضي والتأثير في المستقبل".

فهل يستطيع ماليت وأقرانه صناعة آلة زمن في السنوات المقبلة أم تبقى الأمور في حيز النظرية فقط؟

البوابة السرية

تقرير قدمته قناة العربية في العام الماضي يتحدث عن فكرة السفر عبر الزمن، تضمن معلومات شديدة الخطر للاستخبارات الأمريكية أطلق عليه "البوابة السرية"، وتحدث التقرير عن مصادر وصحف عالمية مثل "ديلي ميل" البريطانية التي كشفت عن تجارب الجيش الأمريكي منذ عام 1983 للسفر عبر الزمن، وذلك في مشروع استخدم الموجات الصوتية.

ويوضِّح التقرير أن المشروع الأمريكي استخدم تقنية توظيف تسجيلات صوتية بترددات معينة تتعلق بالموجات الدماغية للإنسان، فتستطيع تلك الترددات تغيير حالة وعي الشخص الذي يخضع للتجربة، ثم إنها تحول الطاقة بطريقة تمكن الشخص من التجرد من حدود الزمان والمكان، وبذلك السفر إلى الماضي أو المستقبل.

وبصرف النظر عن نجاح التجربة أو فشلها، فإن هذه التدريبات أو حتى المشروع الذي أطلق عليه "البوابة السرية" يؤكد من الناحية الفيزيائية أنه يمكن السفر إلى أزمنة مختلفة، لكن الأمر يحتاج إلى مزيد من البحث والإمكانات الهائلة والتجارب المتعددة لتحقيق هذا الأمر فعلًا.

الثقوب السوداء

أحد الآمال التي يتعلق بها علماء الفيزياء والمنحازون إلى فكرة حقيقة السفر عبر الزمن هو أن تكون الثقوب السوداء معابر زمنية أو في الأقل معابر إلى أكوان موازية تحمل الإنسان إلى زمن آخر أو إلى كون آخر، بسبب حقل الجاذبية الكبير الذي يتمتع به الثقب الأسود.

الثقب الأسود

وربما وجدت تجارب فيزيائية لعدد كبير من العلماء، لكن الإمكانات لم تسمح بالتجارب الفعلية؛ فالاقتراب من الثقوب السوداء يحتاج إلى مركبة فضائية معينة من ناحية التصنيع والسرعة والتحمل، وهي التي لم يستطع الإنسان اختراعها حتى الآن ليظل الثقب الأسود مجرد نافذة يتطلع إليها أصحاب هذه النظرية.

السفر عبر الزمن محض خيال

أما الفريق الآخر الذي يتحدث عن استحالة فكرة السفر عبر الزمن وأنه محض خيال علمي، قد يكون منتجًا رابحًا في أحد أفلام السينما الأمريكية أو روايات الخيال العلمي، لكنه على أرض الواقع يصطدم بحقائق ونظريات ومنطق يجعل منه مجرد فكرة طفولية.

مفارقة الجد والحفيد

مفارقة أشبه بنظرية بسيطة طرحها الفريق الذي يتحدث عن استحالة السفر عبر الزمن، وهي مفارقة تناقض ظاهري أو منطقي مرتبط بفكرة السفر عبر الزمن والمكان.

ويمكن شرح هذه المفارقة بمثال بسيط: شخص مسافر عبر الزمن يسافر إلى الماضي لقتل جده وهو صغير في السن، لذا فإنّ الجد لن يتزوج، وهذا سيؤدي إلى أن والد هذا الشخص المسافر عبر الزمن لن يكون موجودًا، وبذلك فالشخص نفسه لن يولد.

مفارقة الجد والحفيد

وبذلك لن نجد أحدًا يعود بالزمن لقتل الجد، فالجد سيتزوج، والأب سيولد، وكذلك المسافر عبر الزمن الذي سيعود لقتل الجد، إلى آخره. وهذا إلى ما لا نهاية، ما سيخلق التناقض في فكرة السفر عبر الزمن.

ورغم حدوث الكثير من النقاشات والجدالات حول هذه المفارقة، لكن المفارقة تنتصر في معظم الأحيان.

الحلقة السببية

تتحدث مفارقة الحلقة السببية عن فكرة السبب والفعل: كيف يكون السبب من المستقبل والحدث أو الفاعل في الماضي؟ وكيف يوجد الحدث والسبب في زمنين مختلفين في الوقت نفسه؟

بمعنى: إذا سافر شخص إلى الماضي وأعطى لشخص آخر أداة يستخدمها، فسيكون استخدام الأداة حدثًا في الماضي، ولكن سبب الحدث قادم من المستقبل، فكيف يوجد الحدث وسببه في زمن يسبق فيه الحدث سببه؟

الحلقة السببية

وهذا ما يمكن أن يكون موضوعًا للتسلية والجدال والمناقشة طوال اليوم؛ لأن الأمر يسمح بأن يدلي كل شخص بدلوه، ولن نصل إلى حقيقة علمية أو فكرة نتفق عليها، وهذا ما يجعل من السفر عبر الزمن فكرة خيالية تمامًا.

مفارقة فيرمي

مفارقة أخرى يدافع بها رافضو تصديق فكرة السفر عبر الزمن، وهي سؤال بسيط، لكنه يحمل كل المنطق بين طياته، فتقول المفارقة أو السؤال: "إذا كان السفر عبر الزمن ممكنًا، فأين كل المسافرين عبر الزمن القادمين من المستقبل؟"

وهكذا سيظل موضوع السفر عبر الزمن مادة دسمة للنقاش والجدال والمتعة والسخرية أحيانًا بين فريق يعتقد بحقيقة السفر عبر الزمن، وفريق آخر ينكر هذه الفرضية بالمرة ويدعم فكرة الاستمتاع بالسفر عبر الزمن في أفلام السينما وروايات الخيال العلمي.

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.