حسنًا، إليكم سؤالي التالي! ما أفضل شعور؟! من البديهي أن تقولوا "السعادة"، لكن دعنا من البديهيات.. شعور السعادة جميل، رائع بكل تأكيد، لكن يوجد الأروع منه، "عدم المبالاة"، دعنا عزيزي نقارن بينهما بسرعة.
ما السعادة؟! شعور لحظي جميل يعتريك، يُصيبُك بنوبة من الفرح، يجعل قلبك يخفق بقوة. لا تتظاهر بالجهل وتتجاوز كلمة "لحظي"، دعنا نكن واضحين، إنه الأروع لكنه ليس الأسلم!
أحيانًا -وفي أثناء فرحك- تشعر بقلقٍ طفيف وأنت تتخيل نهاية فرحك! تعلم أن له نهاية، تعلم أن بعده حزن ثم فرح، ثم حزن ثم فرح... إلخ.
عندما تفرح لأن أحدهم اعترف بحبه لك، من البديهي أن تحزن عندما يتخلى عنك.. عندما يُقدم لك شخص ما هدية، تفرح لأنه قدَّرك، ولكن ستحزن عندما تعرف أنه أهداك إياها لمصلحته الشخصية.. عندما تُقبلُ في عملٍ بعد جهادٍ وكفاح، تفرح! ولكن بعدما تكتشف أن مبلغ العمل لا يناسبك، أو أنك تستيقظ مبكرًا وتنام متأخرًا، ستحزن. حتى وإن لم تحزن، لن تكون سعيدًا.. كل ما أريد إيصاله لك، عزيزي، أن الفرح لحظي وإن طال.
حسنًا، لنرَ "اللامبالاة" رفيقتي.. ما اللامبالاة؟! هي شعور باللا شيء، إذ تكون حواسك خاملة، أو بالأصح هي عدم الاهتمام، لا تعني اللامبالاة أن تتجاهل مسؤولياتك، ولا تعني أيضًا أن تتجاهل شعور الآخرين، اللامبالاة باختصار هي أن تعامل الناس جيدًا ولا تنتظر منهم معاملة بالمثل؛ أي الاكتفاء الذاتي.

لنأخذ نفس الأمثلة السابقة.. عندما يعترف أحدهم بحبه لك، أظهر ابتسامة شاكرة لإرضائه، ولكن ليس لسعادتك، فلا يهم إن أحبني أم لا.. صحيح أنك لن تسعد، لكنك ستتجنب الحزن أيضًا.. عندما تكتشف أنه لا يحبك، أو عندما يتخلى عنك، لن تحزن لأنك لم تهتم منذ البداية، ولم تنتظر منه حبًا، ولم تطلب منه البقاء أساسًا ليطلب منك الرحيل.. فوجوده وعدمه سواء، وحبه وكرهه سواء.
عندما يقدم لك شخصٌ ما هدية، تشكره على الهدية، لا على اهتمامه بك، فربما يتوقف عن الاهتمام بك، لكن لا تقلق، لن يأخذ منك ما أهداه إليك، وهذا الأهم.. لا يهم إن اهتم بي أم لا، فهو ليس أمي لأنتظر دلاله.. إن كان صادقًا فقد شكرته سابقًا، وإن كان لمصلحته الشخصية فأنا لا أهتم أساسًا.. وماذا جنيت من ذلك؟ الهدية طبعًا! وهذا كافٍ جدًّا لي.
عدم المبالاة لا تعني التخلي عن هدفك لأنك لا تهتم، بل هي انعدام الاهتمام بما تريد من الكماليات. الفرح جميل لكنه ضعيف.. عند امتلاكك لشيء تفرح، ولكن تحزن عندما تفقده، أما عدم المبالاة، فهي انعدام الاهتمام بهذا الشيء؛ إن امتلكته فشكرًا، وإن لم تفعل فلا بأس.. إنها قوة جبارة تجعلك رزينًا، متزنًا، لن يجرحك حبيبك لأنه يعلم قيمته عندك، ولن تتخلى عنك حبيبتك لأنها تعلم أنك لن تركض خلفها، فبالتالي لن تُفرِط بك.. إنها كجدار القلعة، لا تقتل من بالخارج، ولا تسمح لأحد بالدخول أساسًا ليقتل.. هي الراحة المستمرة، لعدم الخوفِ من فقدان شيء، لأنه لا يهمك أساسًا.
ملخص الكلام
عدم المبالاة مريحة.. ولكن الفرح والحزن من سنن الحياة. افرح وتألم، لكن لا تفرط في مشاعرك.. صحيح أن المؤمن لا يُلدغ من الجحر مرتين، لكن تذكر أيضًا أن المؤمن كيِّس فطن.. بدلًا من أن تُلدغ مرة وتتجنب الأخرى، كن واعيًا واجعل لنفسك وقاية.. واهتم بشؤونك ولا تبالِ بالتفاهات.
ابدعتي صديقتي بالفعل اهتم بشؤونك ولا تنظر للتفاهات
رائع.........جدا ❤
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.